الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجية

محقق صحفي أمريكي: الجامعات الأمريكية هي المحطة الأولى في حملة التأثير القطرية

هكذا بدأت قطر رحلتها للتأثير في القرار الأمريكي

ترجمة كيو بوست عن مجلة “ديلي كولر” الأمريكية

بقلم المحقق الصحفي الأمريكي لوك روسياك.

تفيد بيانات وزارة التربية والتعليم الأمريكية أن قطر قامت بتمويل جامعات أمريكية مرموقة بأكثر من مليار دولار ابتداء من عام 2011. هذا الأمر يثير قلق المراقبين إزاء أموال دولة متشددة حاولت التأثير في حكومات دول أخرى عبر أموالها بشكل متواصل.

اقرأ أيضًا: مترجم: كيف تستهدف قطر طلاب المدارس في الولايات المتحدة؟

رفضت بعض الجامعات الأمريكية مناقشة الظروف التي حصلت فيها على الأموال القطرية، ما دفع بعض الدوائر الحكومية إلى ملاحقة الأمر بشكل قانوني. وردًا على ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، رفعت “مؤسسة قطر” دعوى قضائية ضد المدعي العام في ولاية تكساس في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تطالب فيها بإخفاء معلومات حول 255 مليون دولار أمريكي، كانت الدوحة قد نقلتها لجامعة “تكساس إيه & أم” خلال السنوات السابقة. وفي التفاصيل، قامت مؤسسة قطر بتوظيف شركة محاماة “سكوير باتون بوغز” المعروفة بتوجهاتها السياسية، من أجل متابعة القضية، التي رفعها ممثلو قطر ردًا على تحقيق يتعلق بالبحث في التمويل الأجنبي.

 

ماذا عن الاستقلال الأكاديمي؟

تبين أن أكبر متلقٍ للأموال القطرية هي جامعة جورج تاون، التي تجاهلت الكثير من طلبات مؤسسة ديلي كولر الإخبارية للحصول على معلومات أساسية حول التمويلات القطرية. وبالطبع، الهدف من تحقيقنا هو معرفة مدى تأثير هكذا تمويل في الاستقلال الأكاديمي الأمريكي، وهذا ليس مستغربًا في ظل محاولات الدوحة التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية مثل مصر والإمارات والبحرين، فضلًا عن استغلال نفوذ مجموعتها الإعلامية “الجزيرة”، وكذلك تمويلها لجماعات متطرفة عابرة للحدود.

وجد القطريون أن جامعة جورج تاون تمثل موقعًا تكتيكيًا مناسبًا للتأثير في الولايات المتحدة منذ عام 2011. فمنذ ذلك العام، حصلت الجامعة على 333 مليون دولار من الدوحة، وهو مبلغ يفوق بكثير أي مبلغ آخر حصلت عليه أي جامعة أمريكية من دولة أجنبية.

تتمتع جامعة جورج تاون بنفوذ كبير داخل أروقة السياسة الأمريكية، وهي على مقربة من وزارة الخارجية الأمريكية، وكثيرًا ما يقدّم خبراؤها الاستشارات السياسية لصناع القرار في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تقوم الجامعة بتدريب الكثير من الدبلوماسيين الأمريكيين، وبالتحديد في مقرات “والش للخدمة الخارجية” التابعة للجامعة.

اقرأ أيضًا: تأثير مليارات قطر في المملكة المتحدة: صمت إزاء تمويل التطرف

ويشير موقع الجامعة إلى أن “الملتحقين في كلية والش يدرسون مع وزراء خارجية سابقين، ويمكنهم الوصول إلى اتصالات مع دبلوماسيين من مختلف البلدان، كما أن وزن الجامعة لدى الحكومة الأمريكية يمنحنا فرصة للمشاركة، وأحيانًا التأثير، في المناقشات التي تؤدي إلى عمل حقيقي”.

ونظرًا للأسباب المذكورة، لم تتردد الدوحة في اختيار جامعة جورج تاون لتكون المحطة الأولى في رحلتها نحو التأثير في السياسة الأمريكية. وبفضل التمويل القطري، تمتلك جامعة جورج تاون وبرنامجها للخدمة الخارجية اليوم مركزًا متقدمًا في قلب الدوحة. وبعد أن حصلت على أموال قطر، لم تستطع الجامعة أن ترفض منح شهادات بكالوريوس في علوم الخدمة الخارجية للطلاب القطريين الذين يلتحقون في مركز الدوحة.

كيو بوستس

أغراض سياسية

إن ما يثير الصدمة كذلك هو أن جورج تاون وغيرها من الجامعات قبلت بعروض قطر المالية المغرية برغم سجل الدوحة المتقلب في مجال حقوق الإنسان. لدى قطر 313,000 مواطن فقط، و2,3 مليون أجنبي يعيشون هناك، الكثير منهم يخدمون النخبة في البلاد، وفقًا لبيانات 2017.

وبحسب مؤتمر اتحاد النقابات العمالية الدولي عام 2015، “فإن مأساة 1,7 مليون من العمال العالقين في قطر تعرّف بأنها جزء من العبودية الحديثة”. ووفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، لقي عمال نيباليون حتفهم في قطر، بمعدل واحد في كل يوم عمل. وقد أدلى عمال في قطر بشهادات صادمة، تفيد بأن “العمل لمدة 12 ساعة بمعد خاوية لمدة 24 ساعة، دون الحصول على طعام من أرباب العمل”، هو ما يحدث في الإمارة الخليجية. وأفاد آخرون: “إن بعض المدراء يمارسون الضرب الجسدي ضد العمال”. حينها، جادل أحد الوعاظ بالقول: “كان لدى رسول الله عبيد، ولا أحد ينكر ذلك، هل أنت أكثر نضجًا أخلاقيًا من نبي الله؟”.

من الواضح أن التمويلات القطرية للجامعات الأمريكية مدفوعة بأغراض سياسية بحتة، ودليل ذلك هو أن الغالبية العظمى من الأموال القطرية جاءت على شكل عقود تطالب جامعة جورج تاون بالقيام بأشياء مقابل المال، على عكس الهدايا الحقيقية والتبرعات الاعتيادية، وهذا ما تظهره بيانات وزارة التعليم الأمريكية.

اقرأ أيضًا: الخطر الإخواني: جيش من “الاحتياطيين” يداهم أوروبا تحت غطاء الديمقراطية

وقد تجاهل المتحدث باسم جامعة جورج تاون، مات هيل، أسئلة حول خفايا هذه التمويلات، فيما إذا كانت تؤثر على المناهج الدراسية أو الاستقلالية الأكاديمية، بل ورفض الإفصاح عن تفاصيل العقود المبرمة مع قطر.

عميد حرم جامعة جورج تاون في قطر هو أحمد دلال، الذي يوصف في مركز أبحاث “ميدل إيست فورام” الأمريكي على أنه “مؤيد متحمس منذ فترة طويلة لحزب الله اللبناني”. هذه الحقيقة دفعت بعض المجموعات الأمريكية في مايو/أيار 2018 إلى مطالبة الجامعة بالإفصاح عن المبالغ المالية التي حصلت عليها من قطر، فضلًا عن تبيان قائمة طويلة من وكلاء الدوحة لدى الجامعة. وحينها، أمر مكتب المدعي العام “كين باكستون” الجامعة بـ”وجوب الإفصاح عن معلومات التعريف الخاصة بالجهات المانحة، وكذلك عن بقية المعلومات”، وتبين أن “الغالبية العظمى من الأموال القطرية جاءت عبر عقود وليس تبرعات”، ما يثير الكثير من الشكوك حول هذه العلاقة المريبة.

 

الخلاصة

إن العمليات الجامعية من طرف قطر ليست إلا جزءًا واحدًا من سلسلة حملة علاقات عامة ضخمة، تهدف إلى إحداث تأثير عميق في السياسة الأمريكية عبر أموال الدوحة. هكذا جامعات، إلى جانب شركات علاقات عامة أمريكية، قبلت بعروض قطر النقدية مقابل التأثير في القرار الأمريكي.

 

المصدر: مجلة “ديلي كولر” الأمريكية

حمل تطبيق كيو بوست على هاتفك الآن، من هنا

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة