الواجهة الرئيسيةترجمات
مجلة أوروبية تكشف: هكذا تتسلل الولايات المتحدة إلى ثقافة الشعوب الأخرى
كيف تمارس الولايات المتحدة مفهوم القوة الناعمة عبر العالم؟

ترجمة كيو بوست –
“حققت الولايات المتحدة نجاحات باهرة في ممارسة القوة الناعمة عبر العالم، وتمكنت من تحسين صورتها بفضل مفهوم الدبلوماسية العامة، لكن مفعولها في الشرق الأوسط تعرض للتثبيط والإخفاق”، هذا ما ذكرته الباحثة في الشؤون السياسية، رابيا شيمشير، في مقالتها في مجلة “مودرن دبلوماسي” الأوروبية.
اقرأ أيضًا: هكذا تطوّر مفهوم الدبلوماسية عبر الزمن
تتفاعل دول العالم في القرن الحادي والعشرين مع بعضها البعض بشكل منتظم، ولا تمتلك القدرة على العيش بمفردها في عزلة عن الآخرين. وقد تأثرت عملية العولمة مع التقدم التكنولوجي بشكل دراماتيكي، مما حول العالم إلى قرية صغيرة. وعلى ضوء هذا، أصبح تفاعل الدول ببعضها أكثر انفتاحًا وارتباطًا بالعديد من العوامل، مثل الترابط الاقتصادي والأمني، وتحركات الناس من دولة لأخرى.
تعد الدبلوماسية واحدة من أهم الأدوات في السياسة الخارجية التي تستخدمها الدول من أجل تحقيق أهداف وغايات سياستها الخارجية. في القرن الواحد والعشرين، تحول مفهوم الدبلوماسية التقليدية إلى بعد آخر، يسمى الدبلوماسية العامة. إنه مفهوم جديد يجري فيه تسهيل التفاعل بين الجماهير الأجنبية، من أجل تعزيز وتحقيق أهداف سياسات الدول في الخارج.
وحسب المفهوم الجديد، تستند الدبلوماسية العامة بشكل رئيس إلى ممارسة القوة الناعمة، التي تنطوي على التعامل بين جمهور مقابل جمهور أجنبي آخر، عوضًا عن حكومة مقابل حكومة، أو حكومة مقابل جمهور. وهذا يتطلب انفتاحًا مطلقًا، بدلًا من السرية والانغلاق. ومن السهل تحقيق تفاعل داخل المجتمعات المدنية والجماهير الأجنبية، إذ يجري تسهيل هذا المفهوم من قبل جهات فاعلة، مثل الشركات الخاصة والهيئات الحكومية.
يمكن للدبلوماسية العامة أن تعمل كأداة رئيسة لتخفيف المواقف وحدة التوترات بين البلدان في الأحداث العصيبة وأوقات الأزمات.
أساليب أمريكية في ممارسة القوة الناعمة
تعتبر الدبلوماسية العامة أداة أساسية في السياسة الخارجية الأمريكية، مدعومة بقوتها الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية، وغيرها من المجالات. تقوم القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة، باستخدام القوة الناعمة لتحسين صورتها حول العالم. وعند ممارسة القوة الناعمة، لا تستخدم الولايات المتحدة أية وسيلة عسكرية على الإطلاق في سعيها نحو تحقيق أهدافها عند الجماهير الأجنبية، بل تلجأ إلى وسائل غير عسكرية متنوعة وكثيرة.
تعتبر الهيمنة الأمريكية على العالم واحدة من أهم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، بهدف السيطرة والتواجد في كل جزء من العالم. ولذلك، تستخدم واشنطن وسائل متنوعة، تضمن من خلالها تحقيق أهدافها الخارجية، مع الحفاظ على صورتها في أعين الجماهير الأجنبية.
اقرأ أيضًا: هل يمكن مواجهة التمدّد الشيعي دون فهم قوة إيران الناعمة؟
تستخدم الولايات المتحدة طرقًا عدة لممارسة الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة، تشمل إرسال موسيقيين أمريكيين إلى مختلف بقاع الأرض، ومجموعات مسرحية، ومجموعات الفن والتصوير الفوتوغرافي، فضلًا عن إرسال متحدثين إلى الخارج، لتعزيز الثقافة الأمريكية في صفوف الجماهير الأجنبية.
كما يجري دعم وتعزيز أهداف الدبلوماسية العامة بمساعدة المكتبات الأمريكية، ومؤلفي الكتب، وبرامج التأليف والنشر الخارجية، وترجمة الكتب والمنشورات. تعتمد واشنطن كذلك في قوتها الناعمة على التبادل التعليمي والثقافي، لجلب الطلاب والمختصين الأجانب من مختلف دول العالم إلى الأراضي الأمريكية، لتجربة ومشاهدة مختلف جوانب المجتمع والثقافة الأمريكيين. تستثمر الولايات المتحدة كذلك مبالغ ضخمة من أموالها في برامج التبادل لإغراء الأجانب نحو قيم وأخلاقيات المجتمع الأمريكي. ويجري كذلك الترويج لبرامج تعلم اللغة الإنجليزية، كجزء من الجهود الدبلوماسية العامة في الولايات المتحدة، والهدف هو نقل جوانب الثقافة الأمريكية المتنوعة للشعوب الأخرى.
ترمز هذه البرامج إلى خصائص القوة الناعمة الأمريكية، وقدرتها على جذب الجماهير الأجنبية نحو قيمها وسياساتها، الأمر الذي عزز من القيادة الأمريكية الدولية وقوتها التنافسية العالمية، من خلال الوصول إلى جماهير الدول الأخرى.
لقد استغلت الحكومات الأمريكية المتعاقبة جوانب مجتمعية ساهمت بشكل رئيس في تحقيق انطباعات خالدة في أدمغة الشعوب الأخرى حول الولايات المتحدة، أهما الفن الأمريكي، والمنح التعليمية، والترفيه، والتكنولوجيا، والمشاريع الحرة، والشركات، والمنظمات غير الحكومية، والجامعات، إضافة إلى المواطنين الأفراد. جميع هذه الجوانب لعبت دورًا مهمًا في تكوين صورة الولايات المتحدة الجيدة من منظور عالمي. ولهذا، يحافظ الأمريكيون على نشاطاتهم مع الجماهير الأجنبية من خلال المنتديات المختلفة.
اقرأ أيضًا: مترجم: كيف تستخدم قطر الرياضة من أجل تحسين سمعتها في العالم؟
الشرق الأوسط – قوة ناعمة وواقع صعب
برغم المسافة الجغرافية البعيدة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، تمارس واشنطن نفوذها في كل بلد داخل المنطقة. في العلاقات الدولية الحديثة، لا يوجد أصدقاء أو أعداء دائمين، الشيء الدائم الوحيد هو مصالح الدولة القومية. وبناء عليه، يتبدل الصديق بتبدل المصالح.
ونظرًا للمصالح الأمريكية المشتركة الدائمة مع إسرائيل، لم تفكر الولايات المتحدة أبدًا في اتخاذ إجراء قاسٍ ضد إسرائيل إزاء انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان الفلسطيني. وهنا، جرى تثبيط مفعول القوة الأمريكية الناعمة، الهادفة إلى تعزيز صورتها في الشرق الأوسط، بفعل ضغوطات اللوبي الصهيوني الأمريكي الداعم لإسرائيل.
المصدر: مجلة “مودرن دبلوماسي” الأوروبية