ترجماتشؤون خليجية

مجلة أمريكية: مؤسسة قطر الدولية تمارس دعاية سياسية تحت ستار الدروس اللغوية

دعاية سياسية متنكرة بزي التعليم!

ترجمة كيو بوست عن مجلة “وورلد نت ديلي” الأمريكية

بقلم الخبير الأمريكي، صاحب المؤلفات السياسية العديدة، أورين ليتوين.

تقدم مؤسسة قطر الدولية (QFI) نفسها أمام العالم كمناصر ودود لتعليم اللغة العربية، لكن أوراقها الحقيقية تكشفت شيئًا فشيئًا أكثر من أي وقت مضى، واتضح الهدف الأعمق وراء نشاطاتها؛ تعزيز أهداف السياسة الخارجية حسب تعليمات نظام الدوحة السياسي، دون الأخذ بعين الاعتبار المصالح التعليمية باللغة العربية. يمكن للمعلمين الأمريكيين الاستفادة بحكمة من المؤسسة القطرية، لكن ينبغي عليهم الحذر من تدريب المعلمين والطلاب في البرامج التي تحتوي على دعاية قطرية سياسية.

اقرأ أيضًا: مؤسسة قطر الدولية – من أهداف تعليمية إلى عمليات سياسية سرية

كشفت تقارير حديثة معلومات موثقة حول الدور المريب الذي تلعبه المؤسسة القطرية في تنفيذ أجندة سياسية تحت ستار “نشاطات تعليمية” في الولايات المتحدة. آخر الأمثلة هو ما نشرته صحيفة واشنطن بوست حول تجنيد مؤسسة قطر الدولية للصحفي جمال خاشقجي لاستهداف بلاده سياسيًا عبر مقالاته المتعددة، لا سيما في واشنطن بوست. حينها، أوردت الصحيفة حقيقة اجتماعات المديرة التنفيذية لمؤسسة قطر الدولية، ماغي ميتشل سالم، مع خاشقجي، وتوليها مهمة كتابة مقالات معادية للرياض، وإرسالها لخاشقجي لنشرها باسمه الشخصي، واختيار عناوين مقالاته. وقد ثبت هذا الأمر عبر التحقق من رسائل قصيرة تبادلتها سالم مع الصحفي السعودي.

ما سبق ليس إلا مثالًا واحدًا من بين الكثير من الأمثلة؛ فقد انخرطت المؤسسة القطرية في السياسة من قبل، بعيدًا كل البعد عن “الأهداف التعليمية اللغوية” المعلنة. فعلى سبيل المثال، في عام 2014، قدمت المؤسسة مبالغ طائلة لما يسمى “الاتحاد الأمريكي العربي” في نيو يورك، المعروف بنشاطاته الإسلاموية الراديكالية الموالية للإخوان المسلمين. وفي عام 2017، أنتجت المؤسسة مقطع فيديو دعائيًا سياسيًا يهاجم السعودية والإمارات في أعقاب اندلاع الأزمة بين الدوحة وجيرانها في الخليج العربي. وفي الوقت ذاته، انخرطت مديرة المؤسسة سالم في نشر تغريدات في تويتر تدافع فيها عن سياسات قطر وتنتقد سياسات دول الخليج الأخرى. حدث كل هذا برغم هدف المؤسسة المعلن حول “تعليم اللغة العربية” في الولايات المتحدة. وباختصار، استنتج مراقبون أن مؤسسة قطر الدولية تعمل في غالب الأحيان كعامل نفوذ سياسي قطري على الأراضي الأمريكية، ولا تقتصر على ممارسة نشاطات ثقافية خالصة، ما يحتم عليها التسجيل كوكيل أجنبي بموجب قانون “فارا” أو المخاطرة بمقاضاة جنائية.

كيو بوستس

ولكن لماذا تستمر مؤسسة تعليم لغوي بلعب دور سياسي؟ إن المنظمات التعليمية غير الربحية ليست غريبة عن السياسة الأمريكية بطبيعة الحال، لكنها عادة لا تتحرك سياسيًا نيابة عن قوى أجنبية. هذا يدفعنا إلى التساؤل مجددًا: لماذا تواصل المؤسسة القطرية تحمل مثل هذه المخاطر التي تبدو خارج مهمتها؟

يمكننا إزالة هذا الغموض بمجرد إدراكنا لحقيقة أن مهمة المؤسسة القطرية الرئيسة هي التأثير في السياسة الأمريكية. إن نشر تعليم اللغة الغربية وتدريب المعلمين في جميع أنحاء البلاد يهدفان إلى خلق مجموعة كبيرة من الشباب الأمريكيين الموهوبين ذوي المشاعر الإيجابية تجاه قطر بشكل خاص. وقد استنتجنا من دراسة البرامج التعليمية التابعة لمؤسسة قطر في الولايات المتحدة، أن محتويات التعليم والتدريب الموجهة تؤدي إلى تهيئة ناشطين متحمسين أمريكيين يجري تسخيرهم لتحقيق أهداف قطرية أوسع.

اقرأ أيضًا: لماذا منعت كوسوفو “جمعية قطر الخيرية” من العمل على أراضيها؟

وحتى من النواحي التعليمية، اتضح أن المؤسسة لا تقوم بتدريس اللغة العربية فحسب، بل تنشر أيضًا محتويات “ثقافية” تخص “العرب والمسلمين”، موجهة بطريقة تخدم رؤية النظام القطري بشكل حصري. ويمكن إيجاد ذلك بسهولة عبر موقع المؤسسة الإلكتروني، بالتحديد في قسم (Arabic Advocacy Kit).

ومن الملاحظ كذلك أن المؤسسة خلطت السياسة بالتعليم عبر استهداف حصص لغة عربية في جميع أنحاء البلاد، استخدمت فيها عشرات الملايين من الدولارات على شكل “منح” و”تبرعات” تعليمية، بغرض تحفيز المؤسسات الأمريكية على قبول دور المؤسسة وتواجدها داخل مقراتها. وتفيد المعلومات المتاحة أن نشاطات المؤسسة انتشرت في جميع الولايات الأمريكية، لكنها تركزت بشكل خاص في المناطق التعليمية التابعة لولاية أريزونا، بالتحديد في مدينة توسان. كما تفيد المعلومات أن أكثر المؤسسات الأكاديمية التي قبلت بأموال قطر هي المؤسسات الفقيرة التي عرفت بسعيها لتعزيز خدماتها.

ومن اللافت للانتباه أن المنح الدراسية والدروس المقدمة من قبل المؤسسة شملت اختيار “خريجين واعدين” للسفر إلى الدوحة، ليجري تدريبهم وتأهيلهم للعمل في منصة “Yallah” التابعة لمؤسسة قطر الدولية، و”تنسق نشاطات عالمية” غالبيتها “سرية”.

ومن الملاحظ كذلك أن تسييس التعليم شمل برنامج “تدريب المعلمين” الأمريكيين الخاص بالمؤسسة القطرية، في ظل موارد مالية قادمة من الدوحة. وتفيد المعلومات أن مؤسسة قطر الدولية دخلت في شراكات مع بعض أكبر المؤسسات التعليمية، من بينها “آنبيرغ” و”المجلس الوطني للدراسات الاجتماعية”، بالإضافة إلى العديد من المجموعات الإقليمية الأصغر مثل “غرين برونكس ماشين”، و”برنامج قيادة المعلم” المُستضاف من جامعة تكساس. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل عملت المؤسسة القطرية على توسيع “تعاونها” خارج الأراضي الأمريكية، بما يشمل المجلس الثقافي البريطاني والمعهد الألماني للغة العربية.

اقرأ أيضًا: مترجم: الجمعيات القطرية الخيرية تدعم الفِكر الإسلامي المتطرّف

ولسوء الحظ، خرجنا باستنتاج مؤكد هو أن المؤسسة القطرية -برغم فائدتها الظاهرية في مجال التعليم- تمارس بالفعل دعاية سياسية مكثفة في المؤسسات التعليمية الأمريكية. وتحت غطاء تثقيف المعلمين في سياق اللغة العربية، يقدّم القائمون على مؤسسة قطر نسخة من سياسة شرق أوسطية تتميز بالامتنان الشديد لدولة قطر وتنتقد السعودية.

جميع الأسباب المذكورة أعلاه جعلت أنشطة المؤسسة القطرية ذات إشكالية كبيرة بالنسبة للكثير من المراقبين والمحليين. إن تعليم اللغة العربية شيء قيّم بحد ذاته، لكن ليس على حساب تشويه الوقائع في الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي. ما يزيد الأمور سوءًا هو حقيقة أن النظام القطري يشجع التطرف الإسلامي عبر جماعة الإخوان المسلمين؛ بغرض زيادة قوته ونفوذه في العالم الإسلامي. وقد كانت إحدى أدوات النظام هي مؤسسة قطر الدولية التي رأت أن توجيه السياسة الأمريكية لا يجري إلا تحت ستار ثقافي. يمكن للمرء أن يتابع شبكة الجزيرة الإعلامية المملوكة للدولة، كي يعرف حقيقة ما تروج له قطر.

لقد احتضنت المؤسسة التعليمية الأمريكية مؤسسة قطر الدولية بأذرع مفتوحة بسبب أموالها الهائلة، وهذا خطأ كبير. على المعلمين الأمريكيين أن يحذروا جيدًا من الدعاية القطرية المتنكرة بزي التعليم، وألا يسمحوا بمرورها عبر الفصول الدراسية الأمريكية.

المصدر: مجلة “وورلد نت ديلي” الأمريكية

حمل تطبيق كيو بوست على هاتفك الآن، من هنا

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة