الواجهة الرئيسيةفلسطينيات
مجزرة دير ياسين: حكاية الليلة الفارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني
"شوهوا جثث الشهداء ببتر أعضائهم، وبقروا بطون الحوامل"

كيو بوست –
فجر التاسع من نيسان 1948، بدأت العصابات الصهيونية إحدى أفظع المجازر بحق الشعب الفلسطيني، ومنذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا يحيي الفلسطينيون ذكرى المجزرة في كل عام.
شكلت المجزرة محطة فاصلة في تشريد الشعب الفلسطيني خارج دياره وأرضه، وصولًا إلى تاريخ 15 أيار من العام ذاته، حيث توجت المجازر بإعلان النكبة الفلسطينية.
كانت قرية دير ياسين -إحدى القرى الصغيرة على أطراف مدينة القدس- تحتفظ بعلاقة طيبة مع السكان اليهود، الذين كانوا يعيشون في فلسطين قبل ظهور الحركة الصهيونية، حالهم كحال الفلسطينيين.
ويذكر الكاتب الفلسطيني البريطاني كارل صباغ تلك المرحلة بالقول: “وقّعت القرية على اتفاق للالتزام بالسلم وعدم العدوان مع جيرانهم من اليهود. فما الذي كان يلزمهم فعله ليثبتوا لليهود صدق نواياهم في الرغبة بالسلم والأمن؟ كان الحكم في نهاية المطاف يشير إلى أنهم عرب، يعيشون في أرض أرادها اليهود لأنفسهم”.
كانت المعارك قد بلغت ذروتها بين العرب والعصابات اليهودية عام 1948، وكان الفدائيون العرب يحققون انتصارات متتالية على العصابات الصهيونية منذ مطلع ربيع 1948. حينها اختارت تلك العصابات قرية دير ياسين لصغرها وللطابع السلمي لسكانها، كهدف لتحقيق انتصار معنوي على العرب.
الليلة الدامية
فجر التاسع من نيسان، اقتحمت القرية مجموعتان؛ مجموعة من عصابة الأرغون التي كان يتزعمها مناحيم بيغن (انتخب رئيسًا لوزراء إسرائيل 1977-1983)، ومجموعة من عصابة شتيرن التي كان يترأسها إسحق شامير (انتخب رئيسًا لوزراء إسرائيل 1983-1992)، بدعم من قوات البالماخ، العصابة الصهيونية الأخرى.
قبل ذلك التاريخ بأسبوعين، وقع أهالي القرية اتفاقية سلام طالب بها رؤساء المستوطنات اليهودية، ووافق عليها أهل دير ياسين.
لكن أهالي دير ياسين لم يكونوا بعيدين عن المخطط الصهيوني الأكبر الذي يقضي بتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين؛ ففجر ذلك اليوم، اقتحمت قوات العصابتين الصهيونيتين القرية من جهتي الشرق والجنوب ليفاجئوا سكانها النائمين.
هبّ أبناء القرية للمقاومة، وبالفعل واجهت العصابات مقاومة شديدة من الأهالي، إلا أن قذائف الهاون الكثيفة التي أمطرت القرية مهدت الطريق لاقتحامها.
وتضيف الروايات التاريخية الموثقة، أن العصابات اقتادت 25 من رجال القرية داخل حافلات، وطافت بهم شوارع القدس، ثم أعدمتهم رميًا بالرصاص.
كان عدد سكان القرية الصغيرة يبلغ قبل المجزرة حوالي 750 فردًا، راح منهم 254 شهيدًا، غالبهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
شكلت المجزرة، لحظة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، فما تبعها من مجازر ساهمت بتهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين إلى الخارج، وإعلان قيام “دولة إسرائيل” في 15 أيار 1948.
خطة مكتوبة
يقول الباحث اليهودي المعادي للصهيونية د. إيلان بابه في كتابه “التطهير العرقي في فلسطين” إن المجزرة وقعت ضمن خطة مكتوبة وضعها الصهاينة مسبقًا، تعرف باسم الخطة “د”، وبواسطتها هجروا نحو 500 قرية و11 مدينة.
ويؤكد بابه أن حرب 1948 استخدمت من قبل الصهيونية وسيلة لتطبيق خطة التطهير العرقي.
ويلفت بابه النظر إلى أن محكمة إسرائيل العليا لا تزال تتحفظ على أرشيف دير ياسين حتى يومنا هذا، وهو أرشيف من شأنه كشف الحقائق الدامغة، وفقًا للكاتب، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن المعركة على الوعي والرواية ما تزال على أشدها.