الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

مجتبى خامنئي.. هل يمهد الأب طريق الخلافة لابنه؟

خامنئي يحاول منح ابنه مزيداً من الصلاحيات أملاً في توريثه منصب "ولاية الفقيه" وسط اعتراضات داخلية

كيوبوست

على الرغم من تزايد التكهنات، في السنوات الأخيرة، بشأن توجهات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي باعتزامه توريث المنصب لنجله الأكبر مُجتبى، فإن هذه التكهنات زادت بشكلٍ كبير في الأيام الماضية مع وصف مُجتبى بـ”آية الله”، وهي أحد شروط الترشح لمنصب المرشد الذي يشغله والده منذ عام 1989 وحتى الآن.

ويثير الوضع الصحي لخامنئي (83 عاماً) تساؤلاتٍ عديدة حول مستقبل خلافته، فيما يُنظر إلى مجتبى خامنئي باعتباره المسؤول الفعلي عن والده الذي بات ظهوره محدوداً في السنوات الأخيرة، فيما نقل معارضون إيرانيون تسلُّم الابن جميع التقارير الاستخباراتية، وغيرها من الأمور لتسليمها إلى والده، بل واتخاذ بعض القرارات بالنيابة عنه، كونه من الدائرة الصغيرة للغاية المحيطة به، وهو أمرٌ ليس مرتبطاً بالسياسة فحسب، ولكن بالاقتصاد ومؤسساتٍ عديدة تتبع الحرس الثوري، والتي نشرت تقارير عن أدوارٍ مباشرة وغير مباشرة لنجل المرشد فيها.

الحرس الثوري الإيراني- أرشيف

ويتم اختيار المرشد الأعلى للثورة في إيران من خلال هيئة مجلس الخبراء، وهي هيئة تضم 88 رجل دين، ويتم انتخاب أعضائها كل ثماني سنواتٍ، شريطة أن يحظى المترشحون فيها بموافقة مجلس صيانة الدستور، والذي يتكون من 12 عضواً يختار المرشد نصفهم، فيما يعين النصف الآخر من الخبراء القانونيين بترشيح من رئيس السلطة القضائية، ويُصادق عليهم مجلس الشورى مما يجعل جميع الأعضاء مختارين بشكلٍ مباشر أو غير مباشر من المرشد الذي يعيِّن رئيس السلطة القضائية.

ويُشترط فيمن يترشح لتولي مهمة المرشد أن يتمتع بمرتبة آية الله، وهو الشرط الذي لم يكن ينطبق على خامنئي عند انتخابه، لكن تم تعديل القوانين عند انتخابه، في وقتٍ لم تجرِ فيه أي مناقشاتٍ بشأن خلافة المرشد علناً خلال السنوات الماضية، رغم المشكلات الصحية التي أثَّرت على ظهوره بالأماكن العامة.

اقرأ أيضًا: هندسة الانتخابات: حسم خامنئي هوية الرئيس الجديد لإيران

مؤشرات واضحة

ثمة مؤشرات على انشغال المرشد بتصعيد نجله ليكون خليفته في حياته، بحسب الكاتب والمحلل الإيراني الدكتور علي نوري زادة الذي يقول لـ”كيوبوست” إن إطلاق لقب “آية الله” على مُجتبى أمرٌ مثير بسبب صغر سنه على هذا اللقب، والذي يُمنح للفقهاء الشيعة، بالإضافة إلى عدم وجود مؤلفات وآراء فقهية له تجعل إطلاق هذا اللقب “منطقياً”، مشيراً إلى أن الأمر سيثير انقساماً بين رجال الدين الإيرانيين، لأن الداعمين للنظام سيتجاوزون هذا الأمر، بينما سيلفظه المعارضون.

علي نوري زادة

يؤكد زادة أن المرشد يرغب في تأمين عملية انتخاب نجله وهو على قيد الحياة، ومن ثم يسعى لهذا الأمر بكل الطرق الممكنة، وهو أمر احتاج منه تفاهمات داخلية وخارجية، سيكون الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة -على سبيل المثال- جزءاً منها، فهو يريد تحقيق استقرار سياسي يمكنه من إتمام هذه المهمة بنجاح، مشدداً على أن خامنئي يدرك جيداً استحالة تصعيد مُجتبى حال وفاته.

يتفق معه في الرأي طاهر أبو نضال الأحوازي، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الشعبية للأحواز، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن كل الدلائل تشير إلى عملية التوريث والسعي لتحقيقها خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد التجربة التي حدثت عند انتخاب خامنئي، وما حدث في كواليسها، مشدداً على أن جميع ما جرى اتخاذه من قرارات أو حتى سلوكيات وتصرفات معلنة يدعم هذا الأمر.

اقرأ أيضاً: النزعة التوسعية الإقليمية الإيرانية ومؤشرات التغيير

طاهر أبو نضال الأحوازي

يشير طاهر أبو نضال إلى الدور الواسع والصلاحيات المطلقة التي تجعل مكتب خامنئي يتدخل في جميع التفاصيل بكل الوزارات والهيئات الحكومية بموجب نظام ولاية الفقيه، لافتاً إلى أن السياسة الإيرانية حال وصول مجتبى لمنصب الولي الفقيه لن تتغير، وستتواصل عمليات القمع للمعارضة.

غموض مستقبلي

ويلقى استمرار نظام ولاية الفقيه اعتراضاً من تيار الإصلاح في الداخل الإيراني الذي يطالب بتخفيف هيمنه الولي الفقيه المطلقة، في الوقت الذي يقوم فيه مجلس صيانة الدستور باستبعاد ترشح أي شخص لا يؤمن بالمبدأ من الانتخابات، وهو ما تكرر عدة مرات في الانتخابات خلال العقود الماضية، فضلاً على صلاحية المجلس المطلقة في تفسير الدستور، وتحديد مدى توافق القوانين التي يجيزها البرلمان مع متقضيات الشريعة؛ الأمر الذي أعاق إصدار مئات القوانين.

يختتم زادة حديثه بالتأكيد على أن مسألة استمرار ولاية الفقية -بشكلها الحالي، بعد رحيل خامنئي- ستكون صعبة للغاية، في ظل وجود تيار إصلاحي قوي يتزايد نموه داخل النظام، فضلاً على القلق الموجود لدى الحرس الثوري الذي لم يبايع مجتبى، ومن ثم فإن الأقرب للتحقُّق على أرض الواقع هو تحويل النظام السياسي في إيران ليكون نظاماً إسلامياً مدنياً على غرار التجربة الباكستانية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة