الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةمقالات
مثالب الفلاسفة 9: ميشيل فوكو.. ومغامراته الجنسية

شايع الوقيان♦
فوكو من أعظم الفلاسفة في القرن العشرين، ولا يزال أثره قوياً إلى اليوم؛ ليس في الفلسفة فقط، بل وفي علم الاجتماع، والدراسات الثقافية، والنقد الأدبي، والتاريخ.
يعتبر فوكو أشهر الفلاسفة ذوي الميول المثلية في الجنس، وقد بالغ في تعريض جسده إلى تجارب جنسية توصف بالمازوخية- السادية كثيراً.

الجسد عند فوكو هو المادة الخام للجنس، وهو أيضاً أداة للسيطرة الأيديولوجية؛ فكل أيديولوجيا تحاول أن تشِم الجسدَ بما يعبر عنها، وكذلك يمكن للجسد أن يكون عنصرَ مقاومة لكل المذاهب من خلال الإباحية الجنسية. وهكذا ففوكو يعلن “جسدي لي وحدي”، ويرفض أن يخضعه لأي إملاءات سلطوية. وقد تناول الجسد بوصفه ميداناً للصراعات الثقافية؛ كالختان، والتمييز الجندري، والحجاب، والمثلية، والوشوم، والأزياء، والحشمة.. وغيرها من المسائل المرتبطة بالجسد، والتي يدور حولها الصراع المضمر والعلني بين الأيديولوجيات. وهكذا يقوم كل نسق بتنظيم الممارسات الجنسية والجسدية، من أجل السيطرة على الأفراد.
لذا، فقد أعلن فوكو أن يمارس التفلسف الجنسي الحر بجسده. وقرر ألا يخضع للقواعد التي جاءت بها الحداثة والعقلنة والرأسمالية. وكان فوكو يساراً ليس حباً في اليسار، بقدر ما هو حب في الانتقاد والتفكيك ورفض للواقع السائد.

من مغامراته الجنسية ما كان يحدث في سان فرانسيسكو من ممارسات جماعية مع أناس مجهولين. إضافة إلى تناول المخدرات أثناء طقوس الجنس. ويذكر ميلر، صاحب كتاب «شغف فوكو»، أنه كان مدمناً للجنس السادي والمازوخي. وكان يفعل كل ذلك تحدياً منه لأية سلطة وكرهاً لأي نظام.
وفي مظاهرة للطلاب عام 1969 احتل هو ومئات من الطلاب قاعات ومكاتب جامعة السوربون، ولم تفض المظاهرة إلا بحضور شرطة المدينة، وأخذ فوكو يرميهم بالحجارة ثم يهرب مع البقية. وفي مناظرته الشهيرة مع تشومسكي كان الأخير يقول: يجب أن تنسجم أفعالنا مع مبادئ العدالة والإنسانية. فيرد فوكو: العدالة والمسؤولية والإحساس بالغير مجرد مفاهيم أيديولوجية!
اقرأ أيضًا: ميشيل فوكو في لقاء تليفزيوني كان مفقودًا
وفي السبعينيات، انخرط فوكو في سجالٍ مرير وطويل مع مفكرين وقانونيين في فرنسا حول إباحة البيدوفيليا أو ممارسة الجنس مع الصغار. ويذكر روجر كمبل، في مقاله (انحرافات فوكو)، أن فوكو يتخذ من الماركيز دو ساد (سيئ السمعة) بطلاً أخلاقياً له! وهكذا صار فوكو مدافعاً عن البيدوفيليا، ويقول إن الطفل إذا وافق بإرادته على ممارسة الجنس مع شخصٍ راشد فلا مشكلة! ويرى أنها نوع من الحرية.
بل إن فوكو تزعم كتابة عريضة ضد القانون الفرنسي، آنذاك، والذي يحصر الجنس في سن الخامسة عشرة وما فوق. وكان أيضاً قد دافع مع غيره عن ثلاثة أشخاص حوكموا بسبب ممارسة الجنس مع قُصَّر يبلغون عمراً من الثالثة عشرة إلى الخامسة عشرة.
اقرأ أيضًا: الفلسفة.. مسيرة العقل البشري
رغم مقت فوكو للطغيان والاستبداد السياسي؛ فإنه أثنى على ثورة آية الله الخميني، قائلاً إن الدين أصبح قوة واقعية في مواجهة السلطة، وفي حفز الثورة. وكان فوكو زار إيران إبان الثورة مرتين، وكتب عدة مقالات مادحاً إياها، وقال إنها تستعيد الطابع التاريخي الدرامي لمعركة كربلاء! وكان في دفاعه عن الثورة يقول إنها دينية؛ ولكنها ليست طبقية ولا تراتبية، ولن تسمعوا بحكومة للخميني! ولكن بعد أشهر استفرد الخميني بالسلطة لنفسه، وتربع على الحكومة وقمع الحريات، وأجبر النساء على ارتداء الشادور (العباية). وشجب المفكرون هذا الصنيع؛ ومنهم سيمون دي بفوار، ولكن فوكو تجاهل الأمر!
اقرأ أيضًا: العودة إلى ميشيل فوكو
كان يذهب في زياراته إلى نيويورك وسان فرانسيسكو إلى حمامات المثليين (Gay bathhouse)، وفي أحدها التقط مرض الإيدز الذي أودى بحياته عام 1984.
♦ كاتب سعودي
المراجع:
- David Macey – The Lives of Michel Foucault-Verso Books, 2019
- James Miller, The Passion of Michele Foucault, Simon & Schuster, 1993
- Javier Sethness, Why Did Foucault Disregard Iranian Feminists in His Support for Khomeini?, https://truthout.org/articles/why-did-foucault-disregard-iranian-feminists-in-his-support-for-khomeini/
- Roger Kimball, The perversions of M. Foucault, https://newcriterion.com/issues/1993/3/the-perversions-of-m-foucault
لقراءة الحلقات السابقة
مثالب الفلاسفة 7: هيجل.. هل كان عميلاً؟
مثالب الفلاسفة 8: ابن سينا.. الفيلسوف السكّير