الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

متى ينال اللاجئون اليهود من الدول العربية العدالة التي يستحقونها؟

حكمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن اليهود الفارين من الدول العربية هم بالفعل لاجئون حقيقيون يخضعون لتفويض المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

كيوبوست – ترجمات

جيمس سينكينسون♦

عندما تشير وسائل الإعلام الكبرى والأمم المتحدة إلى اللاجئين في سياق الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، فإنها عادة ما تشير فقط إلى ما يُسمى باللاجئين الفلسطينيين. وبينما يمكن أن يُقال الكثير عن اللاجئين الفلسطينيين ومكانتهم الفريدة والمميزة والمثيرة للجدل على الصعيد العالمي، فإنه نادراً ما تخاطب وسائل الإعلام والمنظمات الدولية مئات الآلاف من اليهود الذين تم نفيهم قسراً من ديارهم ومجتمعاتهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منتصف القرن العشرين.

وفي حين أن العديد من اللاجئين الفلسطينيين، إن لم يكن معظمهم، قد وصلوا إلى منازلهم الجديدة في الأرض المقدسة فقط خلال القرن الماضي، فقد عاش اليهود في أماكن مثل العراق لأكثر من 2500 عام. وفي الواقع، فإن الوجود اليهودي في الشرق الأوسط الأوسع يسبق ظهور الإسلام، وذلك بأكثر من ألف عام. وفي أوائل القرن العشرين، كان يعيش نحو 850 ألف يهودي في ما يُعرف اليوم باسم “العالم العربي”. ومع ذلك، لا يوجد اليوم أكثر من بضعة آلاف من اليهود في تلك المنطقة؛ ما يعني أن هذا كان أحد أنجح أحداث التطهير العرقي في التاريخ الحديث.

اقرأ أيضاً: عدد اليهود في عالم اليوم أقل مما كان عليه قبل الحرب العالمية الثانية

وفي عام 2014، أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً يقضي بأن يكون يوم 30 نوفمبر هو يوم إحياء ذكرى طرد اليهود من الدول العربية وإيران. ولا تزال قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية دون حل، على الرغم من أن القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة تنص على وجوب تقديم تعويضات.

وفي مناسبتَين منفصلتَين، حكمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن اليهود الفارين من الدول العربية هم بالفعل لاجئون حقيقيون يخضعون لتفويض المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. والعديد من القرارات ذات الصلة وذات الصلة بشأن النزاع والتي تشير إلى اللاجئين -بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242- تنص على ذلك دون تحديد نوع اللاجئ. وهذا يعني أن مثل هذه القرارات -سواء أكانت تشير إلى التعويض أم المساعدة- يمكن ويجب أن تنطبق أيضاً على اللاجئين اليهود.

يهود فارون من اليمن عام 1949- “هآرتس”

في الوقت نفسه، كان هناك 172 قراراً بشأن اللاجئين الفلسطينيين على وجه التحديد، وهناك 13 وكالة ومنظمة تابعة للأمم المتحدة تم تفويضها أو إنشاؤها حديثاً؛ لتوفير الحماية والإغاثة للاجئين الفلسطينيين. وأنفق المجتمع الدولي عشرات المليارات من الدولارات لتقديم الخدمات والمساعدة للاجئين الفلسطينيين. وخلال الفترة نفسها، لم تقدم الأمم المتحدة قرارات محددة، ولا دعماً من وكالات الأمم المتحدة، ولا أية مساعدة مالية من المجتمع الدولي لتخفيف معاناة اللاجئين اليهود من الدول العربية.

لم يشارك يهود الدول العربية كمقاتلين، ولم يطالب القادة اليهود بتدمير البلدان التي عاشوا فيها أو إبادة سكانها، ولم يكونوا حتى في مسرح حرب. لقد عاشوا كمواطنين ملتزمين بالقانون، وأحياناً يخضعون لإخضاع الذمة (الدرجة الثانية) القمعي؛ وهو نظام قانوني تمييزي خاص لليهود، الذين اضطروا إلى دفع جزية خاصة معادية للسامية، وتحملوا المذابح والمجازر.

اقرأ أيضاً: المشاكل اللغوية والفلسفية في نص قانون الدولة اليهودية

وبين عشية وضحاها في عام 1946 -قبل عامين من إعلان استقلال إسرائيل- وبفضل قرار من جامعة الدول العربية، كان جميع اليهود في الدول الأعضاء يعتبرون أعداء. وتم سحب جنسياتهم، وتجميد حساباتهم المصرفية، وطرد عشرات الآلاف من بعض المهن وسجن العديد منهم لمجرد هويتهم.

وفي حين أن عدد اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 كان يبلغ نحو ثُلثي عدد اللاجئين اليهود، كان الفارق في الأصول الشخصية والجماعية صارخاً. وعلى الرغم من أن اللاجئ الفلسطيني العادي كان ريفياً ولديه أصول مادية قليلة؛ فإن يهود أماكن؛ مثل بغداد والقاهرة، كانوا حضريين وذائعي الصيت عالمياً وأثرياء.

عائلة لوسيت لاغنادو في القاهرة قبل فرارهم من مصر- أرشيفية

ووفقاً لبحثٍ أجرته شركة محاسبة دولية، فإن إجمالي أصول هؤلاء اليهود الذين تم تجريدهم من ممتلكاتهم، بعملة اليوم، يصل إلى نحو 250 مليار دولار. وأخذت الحسابات في الاعتبار الأراضي، والعقارات في المدن والقرى، وقيمة الأعمال، وفقدان الدخل المحتمل، والممتلكات المنقولة، والممتلكات العامة والجماعية اليهودية.

وفي عام 2009، أقر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون يعترف بمحنة اللاجئين اليهود، مشيراً إلى أنه من أجل “أن تكون أية اتفاقية سلام شاملة في الشرق الأوسط ذات مصداقية ودائمة، يجب أن تعالج هذه الاتفاقية وتحل جميع القضايا العالقة الخاصة بالحقوق المشروعة للاجئين؛ بما في ذلك اليهود والمسيحيون وغيرهم من السكان النازحين من دول في الشرق الأوسط”.

اقرأ أيضاً: اليهود المغاربة.. من أحياء “الملاح” إلى حكم إسرائيل وصناعة القرارات الدولية

ويشجع القرار الأمريكي الرئيس والإدارة على ذكر اللاجئين اليهود وغيرهم عند ذكر اللاجئين الفلسطينيين في المحافل الدولية. وتبع ذلك قانون في الكنيست يفرض أيضاً على الحكومة الإسرائيلية إثارة قضية اللاجئين اليهود كلما أُثيرت قضية اللاجئين. ومعظم اليهود في إسرائيل هم من المزراحيين (وتعني حرفياً “الشرقيين”؛ أي من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)؛ وقد طُردوا هم أو أحفادهم من منازلهم بلا شيء تقريباً، وقُتل الكثير منهم أو ماتوا أثناء هروبهم.

حفل زفاف يهودي في كنيس بالخرطوم- السودان 1950- “أسوشييتد برس”

واستقبلتهم إسرائيل، باعتبارها الوطن القومي للشعب اليهودي، كما فعلت مع جميع اليهود الفارين من الاضطهاد، وساعدتهم على الاندماج في وطنهم القديم الجديد؛ حيث خلقوا حياة جديدة لأنفسهم. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أنه يجب نسيان آلامهم ومعاناتهم، أو أنه لا ينبغي المطالبة بالإنصاف. وكان جوهر هذا الصراع -وإحجام وسائل الإعلام والهيئات الدولية عن معالجته- يدور دائماً حول الاعتراف باليهود كأمة أعادت تشكيل السيادة الوطنية في وطنهم الأصلي وأسلافهم.

اقرأ أيضاً: الجالية اليهودية في الإمارات: هنا وطننا.. ونحن سعداء للغاية

وكانت الهجمات على اليهود والتطهير العرقي ضدهم في البلدان العربية من أفظع الأمثلة على الرفض العنيف لحقوق الإنسان لليهود من قِبل القادة العرب. وفي حين أن بعض الإجراءات -مثل معايير كلينتون، والمبادئ التوجيهية لإنهاء الصراع التي قدمها الرئيس آنذاك، بيل كلينتون، عام 2000- أشارت إلى صندوق دولي لكل من اللاجئين العرب واليهود الذين شردهم الصراع، فإن القضية لا تزال على الهامش.

وقد أُثيرت أفكار مثل صندوق التعويضات الدولي، أو فكرة ممولة من الدول العربية التي طردت اليهود، أو اقتراح أزمة لاجئين واحدة لإلغاء الأخرى، في وقت أو آخر. وبغض النظر، من أجل حل النزاع الإسرائيلي- العربي، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، يجب الاعتراف بجريمة التطهير العرقي لليهود. ومن ثمَّ يجب المطالبة بالتعويض السخي وتقديمه بالفعل.

♦رئيس مؤسسة “حقائق ومنطق حول الشرق الأوسط” التي تنشر رسائل تثقيفية لتصحيح الأكاذيب والمفاهيم الخاطئة عن إسرائيل وعلاقتها بالولايات المتحدة.

المصدر: الجيمينير

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة