الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
متلازمة K: المرض المزيف الذي خدع النازيين وأنقذ الأرواح

كيوبوست- ترجمات
جايسون سيرافينو♦
أثناء عمليات إرسال الآلاف من اليهود من إيطاليا التي احتلها النازيون إلى معسكرات الاعتقال في خريف عام 1943، قامت مجموعة من الأطباء المنشقين بالتوصل إلى خدعةٍ أنقذت مئات الأرواح من خلال اختلاق مرض مميت شديد العدوى إلى درجةٍ تخيف الجنود النازيين من التواجد مع المصابين به في المكان نفسه.
وبعد ستين عاماً تم الكشف عن هذه الخدعة التي بدأت عندما اقتحم النازيون حياً يهودياً في روما واعتقلوا اليهود الموجودين فيه. لجأت مجموعة من الأطباء في مشفى قريب من الحي إلى خطة تقضي بتشخيص حالة اللاجئين اليهود في المستشفى بأنهم مصابون بمرضٍ أطلقوا عليه متلازمة K، لإقناع النازيين أن هؤلاء المرضى سينقلون العدوى إلى كل ركاب قطارات الترحيل المزدحمة بمن فيهم الحراس.
اقرأ أيضاً: إحياء ذكرى المحرقة: 75 عاماً على تحرير المعسكرات
قام الأطباء بكتابة عبارة “متلازمة K” على ملف المريض للإشارة إلى أنه يهودي وليس مريضاً بالفعل. وقد استوحى هؤلاء الأطباء اسم هذا المرض الوهمي من اسم ضابطين نازيين هما ألبيرت كيسيلرينغ، وهو القائد النازي الذي كان مسؤولاً عن احتلال إيطاليا، وهربرت كابلر رئيس قوات الأمن الخاصة والمسؤول عن أعمال قتل جماعي في عام 1944.

لم تكن متلازمة K مجرد اسم حركي لتمييز المرضى الحقيقيين من اليهود المختبئين في المستشفى، بل كان على الأطباء أن يجدوا طريقةً لجعل المرض يبدو حقيقياً. لذلك جمعوا اليهود في عنابر مخصصة لمصابين بمتلازمة K، وحذروا الجنود الذين جاؤوا لتفتيش المستشفى من أنها مرض مميت وشديد العدوى. الأمر الذي أخاف النازيين الذين لم يكلفوا نفسهم عناء دخول هذه العنابر. وكان هنالك أطفال بين هؤلاء المرضى الوهميين، فقام الأطباء بتدريبهم على السعال بعنف لإخافة أي جندي فضولي، ربما يقرر دخول غرفهم.
اقرأ أيضاً: يهودا باور لـ”كيوبوست”: الحرب العالمية الثانية كانت وراءها رغبة ألمانيا النازية في هزيمة اليهودية العالمية
وعندما تم الكشف عن خدعة الأطباء، بعد أكثر من نصف قرن، اعترف العالم بفضل هؤلاء في إنقاذ حياة العشرات. ووصفهم مركز “ياد فاشيم”، وهو مؤسسة تعمل على إحياء ذكرى المحرقة، بأنهم أصدقاء صالحون. كما أطلقت مؤسسة راؤول والنبيرغ الدولية، التي تدافع عن مصالح من أنقذوا يهوداً من المحرقة، على المستشفى تسمية “بيت الحياة”. وحتى قبل اجتياح النازيين، كان المستشفى معروفاً كملاذ لليهود المضطهدين آنذاك. وقد سمحت إدارته لأطباء يهود طُردوا من عملهم بسبب دينهم بالعمل فيه بموجب وثائق مزورة.
ربما كان العدد الفعلي للأشخاص الذين أنقذهم أطباء المستشفى لا يتجاوز بضع عشرات، وبغض النظر عن العدد النهائي، فقد كان التفكير الإبداعي السريع لدى أطبائه بمثابة بصيص ضوء في وقتٍ كانت تسود فيه النهايات المظلمة.
♦محرر المواضيع الخاصة في “مينتال فلُس”، يكتب في مواضيع الأفلام والتلفزيون والتاريخ.
المصدر: مينتال فلُس