الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

مترجم: ما مدى قوة “التحالف” بين إيران وروسيا؟

هذه الأسباب ستحدِث شرخًا في التحالف بين طهران وموسكو

ترجمة كيو بوست – 

نشر معهد “ستراتفور” الأمريكي للدراسات الإستراتيجية والأمنية مقالة يتحدث فيها عن “هشاشة” التحالف الإيراني – الروسي على المدى الطويل، بقلم خبير العلاقات الدولية، الأكاديمي في جامعة إكسفورد، صموئيل راماني. ويسرد الكاتب العديد من الأسباب التي تجعل ديمومة هذا التحالف أمرًا مستحيلًا؛ أهمها اختلاف الرؤى الإستراتيجية بين البلدين إزاء النظام الإقليمي الشرق أوسطي.

 

تتبادل موسكو وطهران الثناء على سياسات بعضهما البعض من حين لآخر، لا سيّما فيما يتعلق برغبتهما في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، ومواجهة واشنطن إزاء الاتفاق النووي الإيراني، وهذا ما أكد عليه وزيرا خارجية البلدين في العاشر من كانون الثاني/يناير هذا العام.

وبرغم أن اجتماع ظريف – لافروف الأخير هَدَفَ إلى إبراز قوة التحالف الروسي الإيراني أمام المجتمع الدولي، إلا أن ديمومة هذا التحالف على المدى الطويل لا تزال غير واضحة حتى الآن. ويمكن تفسير حالة عدم اليقين التي تحيط بالشراكة الإيرانية الروسية من خلال الرؤى الإستراتيجية المتضاربة لكلّ منهما، إزاء النظام الإقليمي الشرق أوسطي.

تركّز الرؤية الروسية الإستراتيجية بشكل رئيس على القضاء على مصادر عدم الاستقرار ومنع التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة، إذ ترى موسكو أن الممارسات الأمريكية تؤدي إلى خلق دول فاشلة غير حميدة. وقد بررت الحكومة الروسية تدخلها العسكري في سوريا في شهر أيلول/سبتمبر باعتبار ذلك إجراءً ضروريًا لاستعادة الاستقرار في البلاد، وردْعِ واشنطن عن استخدام القوة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وترى روسيا أن حملتها في سوريا خطوةٌ متكاملةٌ نحو تحقيق هدفها الأوسع، المتمثل في جعل نفسها ضامنًا لا غنى عنه للأمن الجماعي في الشرق الأوسط، وحجر أساس لا بديل عنه.

وعلى الرغم من أن صنّاع السياسة الإيرانيين كثيرًا ما يصفون الدور الإيرانيّ كقوة استقرار في الشرق الأوسط، إلا أن تعزيز الأمن الجماعي ليس سوى هدف سطحي في الرؤية الإستراتيجية الإيرانية. ويركز صنّاع القرار الإيرانيون بشكل أساسي على توسيع نطاق نفوذ طهران في الشرق الأوسط، وزعزعة أنظمة الدول العربية، ومحاولة تقويض القوة السعودية الإقليمية على وجه الخصوص. وقد دفعت هذه الأهداف التوسعية طهران إلى التعاون بشكل مكثف مع أطراف حربية غير حكومية، على نطاق أوسع مما تفعله روسيا، بالإضافة إلى الانخراط في أنشطة عسكرية تقوض فعالية مبادرات التسوية السياسية المدعومة من موسكو.

هذه الأهداف المتباينة تهدد بتفكيك التعاون الروسي الإيراني في سوريا، في ظلّ انتقال الصراع من المراحل العسكرية إلى المراحل الدبلوماسية. وبرغم أن المسؤولين العسكريين الروس أثنوا على فعالية قوات حزب الله خلال العمليات العسكرية الموالية للأسد، إلا أن استخدام إيران للأراضي السورية لإنشاء نقطة عبور دائمة للأسلحة لحزب الله قد أثارت قلق صنّاع القرار الروس، الذين يسعون للحفاظ على علاقات قوية مع إسرائيل.

كما أن رغبة إيران في عدم إيقاف العمليات العسكرية في سوريا، إلى حين تمكُن الأسد من هزيمة قوات المعارضة بشكل كامل، ينحرف تمامًا عن أهداف روسيا المحدودة، التي تنطوي على ضمان سيطرة الأسد على ما يكفي من الأراضي للتفاوض مع فصائل المعارضة من منطلق قوة. إن إيمان إيران بإمكانية التوصل إلى حلّ عسكري في سوريا جعلها أقل استعدادًا من روسيا للانخراط الدبلوماسي مع المعارضة السورية أو الفصائل الكردية، خلال المفاوضات الدبلوماسية، الأمر الذي يحدّ كثيرًا من تماسك الشراكة بين موسكو وطهران.

وبالإضافة إلى ذلك، تبدو آفاق التعاون البنّاء بين روسيا وإيران لحل الصراعات الإقليمية الأخرى قاتمة جدًا، مثل اليمن وأفغانستان. ففي اليمن، تدهورت العلاقات المتوترة أصلًا بين روسيا والمتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، منذ اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الخامس من كانون الأول/ديسمبر. وقد دفعت هذه التوترات موسكو إلى إقامة خطوط اتصال أقوى مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لحل الأزمة.

هنالك تباعدٌ مماثلٌ في الأهداف يقيد إمكانية التعاون الروسي الإيراني في أفغانستان. فروسيا تسعى إلى إنجاز تسوية سياسية أفغانية تشمل طالبان بأسرع وقت ممكن، فيما ترغب إيران بتحقيق هكذا تسوية على المدى الطويل، وليس في هذه المرحلة، إذ أنها لا ترغب بتعليق العمل العسكري إلى أن تكسب القوات المناهضة للولايات المتحدة موقع الصدارة والتفوق في غرب أفغانستان. وبينما تواصل طهران تقديم المعونات العسكرية لقوات طالبان بالقرب من حدودها، يعبر المسؤولون الروس عن قلق شديد من أن الإيرانيين يعيقون عملية السلام الأفغانية لتحقيق أهدافها الخاصة.

وبرغم أن المصالح المتباينة تجعل الشراكة الروسية الإيرانية أضعف مما يفترضه العديد من المحللين، إلا أن السياسة الأمريكية بمقدورها أن تؤثر تأثيرًا عميقًا على قوة هذا التحالف. ومع أنه من غير المرجح أن نشهد تحسنًا ملحوظًا في علاقات واشنطن مع روسيا أو إيران على المدى القريب، إلا أن صنّاع السياسة في الولايات المتحدة يمكنهم التأثير على مسار العلاقات الروسية الإيرانية. ومن أجل الاستفادة من الخلافات الإستراتيجية بين موسكو وطهران في أفغانستان، يمكن للدبلوماسيين الأمريكيين أن يعيدوا حوارًا دبلوماسيًا مع طالبان، مما يوفر أساسًا حقيقيًا للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في أفغانستان، الأمر الذي سيسفر في نهاية المطاف عن ردع طهران عن الحل العسكري وبإجماع دوليّ.

ويمكن لواشنطن كذلك أن تعزز الحوار بين المشاركين في محادثات جنيف وأستانا من أجل سوريا؛ فمن شأن هذه الخطوة أن تعطي روسيا اعترافًا بالحالة التي ترغب بها، وأن تضعف الشراكة بين طهران وموسكو؛ تمامًا مثلما ابتعد الروس عن النظام الإيراني خلال السنوات الأولى لإدارة باراك أوباما.

وأخيرًا، برغم أن التحالف الروسي الإيراني يبدو قويًا، إلا أن الرؤى الإستراتيجية المتباينة ستجعل الشراكة غير مستدامة على المدى الطويل، وخصوصًا بعد انتهاء العمليات العسكرية في سوريا.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة