الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية
مترجم: لهذه الأسباب يتراجع الإخوان في غالبية الدول العربية
مناطق جديدة يسعى الإخوان المسلمون إلى التمدد فيها

ترجمة- كيو بوست
نشرت مجلة” أميركان ثينكر” مقالاً للكاتب “شاهاب موغادام” في 28 أكتوبر 2017، يلخص فيه تراجع الإخوان المسلمين في غالبية الدول العربية، ومحاولات توسعهم في أوروبا وأمريكا، وجاء فيه:-
لقد كان الوضع مختلفاً بالنسبة للإخوان المسلمين عام 2011 عندما ساعدت الأحداث الإقليمية الجماعة على الصعود بعيداً عن الهاوية. وحينها، وجدت الجماعة السرية التي تأسست عام 1928 فرصة ذهبية للخروج من الظلام باتجاه المشاركة في المستقبل السياسي لعدد من الدول العربية، بما فيها تونس ومصر. وقد بدا انتخاب محمد مرسي رئيساً لمصر في أعقاب ما يسمى الربيع العربي مبشراً وواعداً، علماً بأن مرسي كان زعيماً وفاعلاً في المنظمة لوقت طويل. ولكن خلال نصف عقد منذ ذلك التطور التاريخي، لم تقتصر الأحداث اللاحقة على إخراج المنظمة من سدة الحكم فحسب، بل دفعت بها إلى انخفاض غير مسبوق.
لقد نجا الإخوان المسلمون من حملات قمعية عدة من قبل الحكومات العربية. ولكن الحملة هذه المرة مختلفة، فقد تم تحطيم الوحدة الداخلية للتنظيم بفعل الخلافات الحاصلة بين الأعضاء الأصغر سناً والحرس القديم، يرافقها عدد من الانشقاقات غير العلنية. وقد حكمت حكومة السيسي على قيادة الإخوان بأكملها في مصر بالسجن مدى الحياة، وخصوصًا المفكرون والناشطون من ذوي الخبرة.
وبخصوص أولئك الذين لا يزالون خارج أسوار السجن، فإنهم يتعرضون لسلسلة من القيود المشددة التي تحول دون قدرتهم على إعادة تجمعهم بصفتهم السياسية. يبدو أن الحكومة في القاهرة قد تعلمت من تجارب أسلافها ووضعت إستراتيجية تمنع عودة ظهور الإخوان. ولعل الدعم المالي المتواصل الذي تقدمه قطر للإخوان هو ما يحمي التنظيم من الانهيار تماماً.
وفي الوقت الذي تقوم فيه مصر بمواجهة الإخوان المسلمين في الداخل، فإن النظام الملكي السعودي ينخرط في حرب عقائدية مع التنظيم، من خلال تصوير الإخوان بالمنحرفين عن الإسلام الحقيقي الحنيف. كما يحاول السعوديون توجيه ضربة لمصداقية الجماعة بين الجماهير، لذا فإن الانضمام لهذه الجماعة في المملكة أمر غير قانوني تماماً، ومن يحاول فعل ذلك يعرض نفسه للسجن. الدافع الرئيسي لهذه الحملة هو اعتقاد جماعة الإخوان بأن الممالك غير إسلامية بطبيعتها وأن هنالك حاجة إلى الإطاحة بهذه الحكومات مثل حكومة الرياض.
أما الإمارة القطرية الغنية بالنفط، فقد لعبت جماعة الإخوان المسلمين دوراً رئيسياً في دفع الإسفين بين الدوحة وجيرانها، إذ أصبح هذا الانقسام ملموساً في حزيران 2017، عندما قررت اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والبحرين والإمارات ومصر) قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر لدعمها مجموعات مثل جماعة الإخوان المسلمين. وقد استضافت قطر أعضاء الإخوان البارزين ومولت مجموعات أخرى منبثقة عنها مثل: حماس، وقيل أن هذا هو الدافع الرئيسي لإعلان حزيران. لقد طالبت اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب أمير قطر بإزالة تنظيم الأخوان المسلمين من قائمة أولوياته، وحسب المراقبين، فإن هذا المطلب يحمل أهمية كبيرة جداً باعتباره القضية الرئيسة في هذا النزاع الخليجي.
وبخصوص حكومة السودان التي كانت يوماً حليفة للإخوان المسلمين، فإنها اليوم تنأى بنفسها عن الإخوان بشكل كبير رغبة منها ببناء علاقات وثيقة مع جارتها في الشمال، مصر. وبينما تقترب هاتان الدولتان الإفريقيتان من بعضهما البعض، يبدو أن الخرطوم اتخذت قراراً استراتيجياً بالتخلص من روابطها بالإخوان المسلمين، برغم أن الجماعة قد لعبت دوراً في تولي النظام الحالي للسلطة عام 1989. وقد شهد هذا الاتجاه ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية عام 2017، حيث عملت حكومة الخرطوم على تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة والرياض، وحتى واشنطن على حساب حلفائها القدماء في الإخوان المسلمين. وفي سبتمبر / أيلول 2017 رفعت الولايات المتحدة عقوباتها عن السودان التي بدأت في فترة التسعينات، الأمر الذي يشير إلى تغيير جذري في سياسة مستضيفي أسامة بن لادن السابقين. بل إن البعض قال بأن السعودية هي من مارست ضغوطاً على إدارة ترامب لإزالة السودان من قائمة حظر السفر في إطار تعبئة حلفائها الجدد مقابل الابتعاد عن محور الإخوان المسلمين. ومن الجدير ذكره أن الإخوان في مصر لم يتلقوا دعوة لحضور مؤتمر الحزب الحاكم في السودان، برغم أن التونسي راشد الغنوشي ووفداً كبيراً من حزب العدالة والتنمية التركي كانوا من بين الحضور.
وفي ظل انعزالها المتزايد في منطقة الشرق الأوسط، توجّهت جماعة الإخوان المسلمين إلى الدول الأوروبية مثل: إسبانيا والولايات المتحدة وعبر المحيط الأطلسي من أجل التوسع، وقد رصدت الشرطة في إسبانيا زيادة ملحوظة في نشاط الإخوان في الأحياء الإسلامية الفقيرة في كتالونيا. ويقال بأن الإخوان يبشرون المسلمين الأسبان بشأن جنوب إسبانيا، مقاطعة الأندلس الإسلامية سابقاً، الأمر الذي دفع السلطات الإسبانية للقيام بفحص دقيق إزاء هذا الأمر. وفي الولايات المتحدة، لا يزال الإخوان المسلمون يبشرون برسائل متطرفة مشابهة لتلك في المجتمعات الإسلامية، وذلك باستخدام التمويل القطري والتركي بهدف فتح مساجد ومنظمات مرتبطة بهم، بعضها تقع على بعد أميال عن العاصمة واشنطن. هنالك حاجة لتفعيل أنظمة الفحص الدقيق لنشاطات الإخوان المسلمين في أمريكا الشمالية تماماً كما يحصل في أوروبا، وربما هنالك حاجة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضدها مثلما حدث في الشرق الأوسط، نظراً لأن غياب هكذا أنظمة، حث الجماعة على تكثيف جهود توسعها في الولايات المتحدة.
وعلى العموم، فإن الإخوان المسلمين يتراجعون في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل الضغط الممارس عليهم حتى في معاقلهم في قطر ومصر. ومع ذلك، يبدو أن فروعاً جديدة لهذا التنظيم بدأت بالبزوغ في أوروبا وأمريكا الشمالية برغم تقلص وذوبان الفروع الأصلية، الأمر الذي يخلق فرصة جديدة لتوسعهم في هذه الأوقات العصيبة.