
ترجمة كيو بوست –
“يتغلغل النظام القطري في المدارس الأمريكية العامة بأموال ضخمة، ويدفع بأجندته الإسلاموية، ويحاول التأثير على فِكر الطلاب الأمريكيين، من خلال تمويل نشاطات أكاديمية للطلاب والمعلمين”، هذا ما حذر منه المؤلف الأمريكي، أستاذ العلوم السياسية في أكاديمية أنابوليس البحرية الأمريكية، أورتين ليتوين.
وقد نشر ليتوين مقالة في صحيفة “ناشونال ريفيو” الأمريكية، يطالب فيها المؤسسات الأكاديمية الأمريكية برفض المنح القطرية، التي تنطوي على تنظيم نشاطات أكاديمية تشكل “منصة لترويج الدعاية القطرية”.
تبث الدوحة دعاية إسلاموية للمعلمين الأمريكيين ولطلاب المدارس العامة في الولايات المتحدة، بغرض دعم سياستها الخارجية، وذلك عبر تمويل برامج تعليمية وأكاديمية في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، قامت مؤسسة قطر الدولية في السابع والعشرين من يناير/كانون الثاني 2018، بتمويل نشاط أكاديمي بعنوان “الشرق الأوسط 101″، موجه لمعلمي المدارس الحكومية في ولاية أريزونا.
وقد جرى استضافة الحدث بشكل رسمي من قِبل قسم التربية والتعليم الحكومي في الولاية، وهذا أمر ليس بالمفاجئ؛ إذ أن مؤسسة قطر الدولية مولت المدارس العامة في الولاية بقيمة 450,000 دولار أمريكي مؤخرًا، وأكثر من 30 مليون دولار للمدارس الحكومية في الولايات المتحدة. ومن اللافت للانتباه أن الحدث قدّم دعاية إسلاموية للمعلمين، ومصادر تعليمية -مخصصة للتأثير على الطلاب الأمريكيين- تثني على قطر، بهدف تعزيز السياسة الخارجية القطرية في نهاية المطاف.
وخلال الحدث، جرى تقديم المؤسسة القطرية على أنها منظمة أمريكية تعليمية خاصة، إلا أن الحقيقة مغايرة تمامًا؛ فالعائلة الحاكمة في الدوحة هي من تدير أذرع المؤسسة بمختلف نشاطاتها وبشكل مباشر، وهذا يشمل برنامج “مدينة التعليم” في الدوحة الذي يستضيف طلاب عددٍ من الجامعات الأمريكية بشكل دوري. ومن الجدير ذكره، أن النظام القطري يمول تلك الجامعات بمبلغ 400 مليون دولار سنويًا، فجامعة جورج تاون لوحدها حصلت على 300 مليون دولار ما بين عام 2011 وعام 2016.
من المقلق حقًا أن نشاطات قطر الأكاديمية في الولايات المتحدة تقدم برامج أيدلوجية متصلبة، تستضيف خلالها شخصيات إسلامية متطرفة تشتهر بالتحريض المتكرر على العنف. إن مؤسسة قطر الدولية ملتزمة بالفعل في نشر الفِكر الإسلامي المتطرف، لا سيما فكر الإخوان المسلمين، الذي حلّل العمليات الانتحارية والهجمات ضد رجال الأمن في مصر.
الغريب في الأمر، هو أن مدير مؤسسة قطر الدولية في الولايات المتحدة، كريغ كانجيمي، أصرّ خلال نشاطات “الشرق الأوسط 101″، على أن المؤسسة القطرية فرع الولايات المتحدة هي “مؤسسةٌ خاصة ومستقلة، ولا ترتبط بقطر بأي شكل من الأشكال”، وهذا غير صحيح، إذ أن الرئيس التنفيذي والمؤسّس الرمزي لمؤسسة قطر الدولية هي الشيخة هند بن حمد آل ثاني، ابنة أمير قطر السابق. كما وأن رئيس مجلس إدارة المؤسسة هو الشيخ جاسم بن عبد العزيز آل ثاني. وأمين الصندوق هو خالد الكواري، مسؤول حكومي رفيع المستوى. في الحقيقة، مؤسسة قطر الدولية هي مفتاحٌ رئيسٌ للسياسة الخارجية القطرية.
وما يدلل على استغلال الدوحة لهذه البرامج الأكاديمية، للترويج للأجندة القطرية في الولايات المتحدة، هو أن رئيس المؤسسة “كانجيمي” قدّم مواد تعليمية للمعلمين الحكوميين الأمريكيين خلال نشاط “الشرق الأوسط 101” في ولاية أريزونا. وأهم تلك المواد، “المصدر”، الذي يقدم خططًا ومصادر للدروس التعليمية حول دول الشرق الأوسط، غالبيتها تثني على قطر وتُغازل سياساتها. ومن بين المواد الأخرى، مادة تحمل عنوان “عبر عن ولائك لدولة قطر”. ومن الجدير ملاحظته أن تلك المصادر والمواد التعليمية لا تحمل أيّ نقد لقطر، إلا أن بقية الدول خاضعة لمختلف النقاشات فيها.
بل وعملت المتحدثة الرئيسة للنشاط في أريزونا، باربرا بيتزين، على تبييض الإسلاموية والترويج للإسلام السياسي، وأسهبت في شرح كيفية محافظة فِكر الإخوان المسلمين على المجتمعات. ودافعت بيتزين عن النظام القطري في أزمته مع دول الخليج، وأنكرت دوره في دعم الإرهاب، وادعت أن الأزمة الخليجية اندلعت بسبب عداء السعودية لإيران. وقد تجاهلت مخاوف الدول الخليجية من دور الإخوان المسلمين وإيران في زعزعة الدول الشرق أوسطية.
في الحقيقة، مؤسسة قطر الدولية عبارة عن وكيل للنظام القطري، تهدف إلى التأثير على الطلاب لدعم أجندة الدوحة، وينبغي على المعلمين رفض نشاطاتها حتى لو كانت أموالها جذابة.
المصدر: صحيفة “ناشونال ريفيو” الأمريكية