الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

كيف تخسر إيران أوروبا؟

"على الغرب أن يتحد لمواجهة أجنحة الإرهاب في إيران"

ترجمة كيو بوست –

نشرت مجلة “فوربس” الأمريكية الشهيرة مقالاً تحت عنوان “كيف تخسر إيران أوروبا؟” بقلم الناشط في حقوق الإنسان حشمت الافي، نقوم في كيو بوست بنشر ترجمته.

نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة

بعد أن تبنّت الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية جديدة حاسمة تجاه طهران، بات المسؤولون الإيرانيون الكبار يسعون بشكل يائس إلى إيجاد حبل جديد للنجاة. فقد رحل أوباما ورحلت معه سياسة الاسترضاء، وبدأت إيران تستشعر ابتعاد أوروبا عنها.

لقد رأت طهران كيف تؤدي التطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط والعالم إلى عزل نظامها السياسي في الزاوية، حيث بات يتحتم على الأطراف المختلفة الوقوف إلى جانب منافسيها.

من الأخبار التي أزعجت الإيرانيين أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أجرى اتصالاً هاتفيًا مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأدان إطلاق الصاروخ الحوثي المدعوم من طهران ضد الرياض. وفي الجهة الأخرى، قالت مصادر في الكونغرس الأمريكي إن كبار الجمهوريين أكدوا على أوجه القصور في الاتفاق النووي الإيراني وشددوا على خطورة العلاقات الاقتصادية والمالية المرتبطة بإيران.

 

إيران تخشى هكذا نتيجة

كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد سعى لاستغلال الخلاف بين واشنطن وبروكسل لإغواء أوروبا إلى الدخول في صفقات اقتصادية مع طهران، ولكن وسائل الإعلام الإيرانية أشارت بوضوح إلى ظهور علامات جلية تشير إلى ابتعاد أوروبا عن النظام الإيراني، فقد تحدثت مطولاً عن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمتحدث باسم الخارجية الفرنسية، وشركة “توتال” العملاقة للنفط، حيث عبروا جميعهم عن امتثالهم التام للعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون

وقد أكد الرئيس ماكرون يوم الأربعاء عزمه تبني سياسة صارمة مع إيران بخصوص برنامجها الصاروخي الباليستي وتأثيره على الشرق الأوسط. أما صحيفة “سياسات” اليومية شبه الرسمية فقد انتقدت تصريحات الرئيس الفرنسي في الرابع من نوفمبر ودعت كبار مسؤولي النظام الإيراني إلى إنهاء “سذاجتهم”. كما أوردت الصحيفة الموالية للخامنئي تصريحات المتحدث باسم الخارجية الفرنسية ضد التجارب الإيرانية الصاروخية حيث قال “إن سياسة الصواريخ الباليستية الإيرانية لا تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2231”. لقد ناقش الرئيس الفرنسي هذه المسألة مع نظيره الإيراني السيد روحاني قائلاً: “نحن على علاقة وثيقة مع شركائنا الأوروبيين وأعضاء مجلس التعاون الخليجي ونشعر بالقلق إزاء التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المسؤولون الإيرانيون”.

علاوة على ذلك، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية مؤخرًا إلى أنها تتعامل بجدية مع اتهامات واشنطن لطهران بانتهاك اثنين من قرارات مجلس الأمن الدولي، وحثت إيران على الالتزام بجميع التزاماتها الدولية.

لقد حصدت أوروبا حتى يومنا هذا حصتها من المزايا المقدمة من الاتفاق النووي الإيراني، والمعروفة رسميًا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، لكن هذا لن يدفع القارة الأوروبية أبدًا إلى تهديد علاقاتها الاستراتيجية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة لصالح صفقات تجارية إيرانية.

شعار صحيفة كيهان الايرانية

صحيفة “كيهان” الرسمية الإيرانية الناطقة باسم الخامنئي نشرت تقريرًا في الخامس من نوفمبر تقول فيه “إن هنالك مشروع أوروبي أمريكي مشترك لإنهاء النفوذ الإيراني، وأن الغرب يحاصر النظام ويقيده”.

أما كبار رجال الدين الإيرانيون، فإنهم يعبرون كذلك عن شكوكهم ومخاوفهم الكبيرة من أوروبا تجاه طهران. قال رجل الدين محمد علي موحدي كرماني -إمام الجمعة المؤقت في طهران والأمين الحالي لجمعية علماء الدين المجاهدين- في  خطبة يوم الجمعة في الثالث من نوفمبر “نحن نعتبر الدول الأوروبية والولايات المتحدة أعداء لنا.. قد تبدو مقترحاتهم لائقة في البداية لكن يجب أن نركز على جوهرها فهم يهدفون إلى مباغتتنا ومحاصرتنا”.

المدير العام لشركة توتال الفرنسية باتريك بويان

ومن الناحية التجارية أيضًا، أصبح مستقبل الصفقة الإيرانية مع شركة “توتال” الفرنسية بقيمة 4,8 مليار دولار موضع قلق شديد. ووفقًا لوكالة أنباء فارس الإيرانية، قال المدير المالي لشركة “توتال” الفرنسية إن “الشركة لن توقع عقودًا جديدة مع الشركات الإيرانية فيما يخص حقل الغاز الشمالي حتى عام 2018 ليتسنى لنا التحقق من سياسة واشنطن الجديدة تجاه طهران”.

كما ونشرت وكالة أنباء فارس تقريرًا آخر في الخامس من نوفمبر تحت عنوان “شركة توتال تفتتح مكتبًا في الولايات المتحدة ضد إيران” وقالت فيه: “خلال توقيع الصفقة قبل عدة أشهر في طهران، أكد رئيس شركة توتال أن شركته ليست بحاجة لإذن واشنطن لتتواجد في إيران، ولكن الشركة افتتحت مؤخرًا مكتبًا في واشنطن يهدف إلى التعاون مع سياسة العقوبات الأمريكية ضد إيران”.

إن الجهود الإيرانية الرامية إلى إحداث شرخ بين أوروبا والولايات المتحدة لم تثمر عن شيء ولم تحقق سوى سراب.

شعار بنك بي.إن.بي باريباس

من الواضح أن الشركات الأوروبية ليست مستعدة للمخاطرة بمصالحها من خلال انتهاك العقوبات الأمريكية، وبالتالي تكبد غرامات مالية جراء الدخول في علاقات مع إيران، فما يهم هذه الشركات هي المصالح الاقتصادية وليس المواقف السياسية التي يتبناها هذا الفرد أو ذاك. ولا ننسى أن مصرف (بي إن بي باريباس) الفرنسي قد تكبد غرامة مالية بقيمة 8,9 مليار دولار بسبب تعاملاته مع إيران. طهران تفهم هذا جيدًا، وأوروبا لن تعرّض حصتها في اقتصاد الولايات المتحدة البالغ 19 تريليون دولار للخطر، مقابل الاقتصاد الإيراني البالغ 4 مليار دولار فقط.

يجب على إيران أن تدرك جيدًا بأن جانبي المحيط الأطلسي يعتبرانها المغذي الرئيسي لأزمة الشرق الأوسط. وعلى الغرب أن يتحد لمواجهة أجنحة الإرهاب في إيران، ولا سيما الحرس الثوري الإيراني وامتداداته الإرهابية.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة