الواجهة الرئيسيةترجماتمقالات
مترجم: السعودية تأخذ التهديد الإيراني على محمل الجد، فهل الولايات المتحدة كذلك؟
هنالك حاجة ملحة لإنهاء علاقات قطر التعاونية مع إيران

ترجمة كيو بوست –
نشرت مجلة (ذا هيل) الأمريكية التابعة للكونغرس مقالة بقلم بيتر هوسي رئيس قسم الاستراتيجيات في معهد ميتشل للدراسات الفضائية، ورئيس ومؤسس شركة (التحليل الجيوستراتيجي) للاستشارات الدفاعية. وهذا ما جاء فيها:
عقدت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قمة هامة لتشكيل ائتلاف غير رسمي من الدول المتحالفة بما فيها إسرائيل ومصر، والغاية من ذلك مواجهة العدوان الإيراني في المنطقة وإيقاف دعمها للمجموعات الإرهابية، من بينها القاعدة و”حماس” وحزب الله وجماعة الحوثيين، وغيرها من المنظمات الإرهابية، بالإضافة إلى ردع طموحات إيران النووية. وبعد شهور، تحركت السعودية بسرعة وبطريقة ثورية لاستكمال تلك المبادرة الربيعية.
ولكن: ما المحفز؟
اعتداءات النظام الإيراني دفعت السعودية إلى تشكيل هكذا ائتلاف، وقد واجهت السعودية هذا العدوان عندما تصدت لصاروخ قادم من اليمن أطلقه الحوثيون المتمردون الذين يخوضون حربًا بالوكالة مع الرياض نيابة عن طهران. لقد شعر السعوديون بجزع كبير إزاء هذا الصاروخ الذي استهدف مطار الملك خالد الدولي، الأمر الذي دفعهم إلى تشكيل ائتلاف من شأنه أن يصد العدوان المتواصل. هذا الصاروخ ليس إلا واحدًا من بين 150 صاروخ إيراني أطلقه الحوثيون باتجاه السعودية، ولحسن الحظ تمكنت الرياض من اعتراض أكثر من 100 صاروخ بنظام الدفاع الصاروخي باتريوت.

وبالتزامن مع تشكيل هذا التحالف، أقبلت المملكة العربية السعودية على إجراء إصلاحات شملت عدة مجالات، بهدف وضع المملكة في مكانة أفضل لمواجهة إيران. هذه الإجراءات فاجأت الكثير من المراقبين الذين اعتبروها تغييرات رئيسية في الشرق الأوسط تتناغم مع الأهداف الرامية إلى وقف الهيمنة الإيرانية في المنطقة. الولايات المتحدة من جهتها عملت على إجراء إصلاحات في سياساتها الخارجية إذ لجأت إلى التخلص من سياستها المتساهلة مع إيران التي تبنتها الإدارة الأمريكية السابقة برعاية أوباما، وهذا يشكّل بداية عهد جديد في منطقة الخليج العربي.
ماذا فعلت المملكة العربية السعودية؟
أولًا، تحركت القيادة السعودية لإيقاف الفساد المستشري بين أعضاء العائلة المالكة. وفي أيلول / سبتمبر، تم توجيه تهم فساد لاثنين من كبار التيار الديني الوهابي المعروفين بدعمهم للإرهاب.
ثانيًا، الإجراءات السعودية استكملت إجراءات الإمارات العربية المتحدة التي وضعت 82 منظمة إسلامية على قائمة الإرهاب، من بينها منظمة “كير” و”الجمعية الإسلامية الأمريكية”. وقد جاءت هذه الإجراءات السعودية الإماراتية متناغمة مع التعهد السعودي في قمة الربيع للمساعدة في تجفيف منابع الإرهاب من جميع الاتجاهات.
ثالثًا، عقدت المملكة جلسة طارئة في جامعة الدول العربية في القاهرة، حيث أدانت الكتلة العربية الموحدة إيران بسبب عدوانها الأخير.
مسألتان أثارتا قلق المجتمعين في القاهرة: الأولى هي الصواريخ المتعددة التي قدمتها إيران للمتمردين الحوثيين الذين أطلقوها باتجاه السعودية. وحينها وصف وزير الخارجية السعودية هذا الاعتداء بالعدوان الإيراني الصارخ؛ والمسألة الثانية هي علاقة قطر الوثيقة بإيران، وبناء عليه، وضعت الدول العربية في القاهرة 13 مطلبًا من قطر، تطالبها بقطع علاقاتها بالمجموعات الإرهابية وإغلاق قناة الجزيرة وتخفيض علاقاتها مع إيران وإغلاق القاعدة الجوية التركية.
رابعًا، سلط السعوديون الضوء على العدوان الإيراني بما في ذلك الميليشيات الإيرانية في إيران وسوريا وحزب الله في لبنان.
خامسًا، جذبت المملكة الانتباه نحو هجمات الحوثيين المتواصلة بدعم من إيران وخاصة الصواريخ الهجومية.
باختصار، حاولت السعودية دفع حلفائها في الخليج والشرق الأوسط لرؤية إيران باعتبارها “الدمار” الذي يهدد المنطقة. هذه الجهود السعودية من شأنها أن تخرج البلاد من دوامة تشجيع المجموعات الإسلامية المتطرفة وتمويل الطبقات الدينية المبنية على أسس غامضة. وبالطبع يمنحها هذا مصداقية كبيرة، لا سيما وأنها تدعو دولًا أخرى مثل قطر إلى وقف توفير الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية مثل الإخوان المسلمين و”حماس”. وبالفعل، هنالك حاجة ملحة لإنهاء العلاقات التعاونية القطرية مع إيران.
وبرغم الاتفاق النووي الهش والمليء بالثغرات، إلا أن إيران لم تظهر أي علامة على تعديل سلوكها في المنطقة. في الواقع، تضاعف سلوك إيران العدواني منذ عام 2015 فقد ازداد دعمها لحزب الله وحماس. وعلينا ألا ننسى بأن إيران خططت لقتل السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، وأنها واصلت تسليح ميليشياتها في العراق وأرسلت أسلحة إلى طالبان في أفغانستان.
وقد أكدت الوثائق التي كشفت عنها المخابرات المركزية الأمريكية التي حصلت عليها من الباكستان -خلال الغارة التي قتلت أسامة بن لادن- بأن إيران شرعت بتقديم دعم هائل لتنظيم القاعدة منذ سنوات. وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية تستحق الثناء على مبادراتها التي سلطت الضوء على التهديد الإيراني.
وعلى الرغم من الحاجة الملحّة إلى تحدي إيران، إلا أن الكثير من الدول الأوروبية تتذرع بالاتفاق النووي لتجنب مواجهة التهديدات الإيرانية، بل وتستخدم الاتفاق درعًا لتبرير مزيد من التجارة والاستثمار مع إيران. ولسوء الحظ، يحذّر الساخرون من أن السعودية وحلفاءها داخل الحكومة الأمريكية يعرّضون الاتفاق النووي للخطر في حال مواجهتهم للتهديدات الإيرانية المروعة.
الوقت يمر والتهديد الإيراني خطير جدًا، والسعودية تدرك ذلك جيدًا، وجميع حلفائها سيدركون ذلك في المستقبل القريب، ودعونا نأمل بألا يكون ذلك متأخرًا. وكما قال ريغان عن الحرب الباردة “نحن نفوز وهم يخسرون”، وهذه هي الإستراتيجية التي تحتاجها الولايات المتحدة الآن في الشرق الأوسط.