الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
ما سبب دعم قطر لتركيا بـ15 مليار دولار رغم معاناة الدوحة اقتصاديًا؟
مراقبون: قطر في مأزق... ومغردون يدشنون وسم #تميم_يخضع_لإردوغان

كيوبوست – أحمد أمين نمر
رغم ما تعانيه قطر مع أزمة مالية في ظل تداعيات المقاطعة الرباعية العربية، إلا أن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني تعهد بتقديم 15 مليار دولار كاستثمارات مباشرة لتركيا، بعد اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، الأربعاء.
ويأتي لقاء إردوغان وتميم -الذي استغرق حوالي 3 ساعات ونصف، وشارك فيه كل من وزير المالية والخزانة التركي بيرات ألبيرق، ووزير المالية القطري علي شريف العمادي- وسط تراجع قيمة العملة التركية الليرة، بالتزامن مع تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا: ما مصلحة إردوغان بافتعال الأزمة الاقتصادية مع الولايات المتحدة؟
وأشارت وسائل إعلام عربية وعالمية إلى أن زيارة تميم لأنقرة جاءت بعدما شنت صحف مقربة من الرئيس التركي هجومًا لاذعًا على قطر، إثر اتصال هاتفي من إردوغان في وقت سابق لم يلق خلاله ما يريد من جانب الدوحة. وقالت صحيفة “تقويم” التركية، التي حذفت المقال بعد الزيارة، إن حالة من الإحباط سادت المجتمع التركي بسبب “الصمت القطري” تجاه الأزمة التي تعصف باقتصاد البلاد، مشيرة إلى أن الصدمة “غير المتوقعة” كانت من طرف قطر التي اختارت أن تبقى صامتة بدلًا من أن تدعم أنقرة، رغم أن الأخيرة وقفت معها في أزمتها المستمرة مع محيطها الخليجي بسبب مواصلتها سياسة تمويل الجماعات الإرهابية ودعمها.
وقالت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، يوم الأحد الماضي، إن الرئيس التركي سيلجأ إلى قطر من أجل إنقاذ الليرة من الانهيار بعد القرارات الأمريكية، غير أن الصحيفة شككت في قدرة قطر على إنقاذ حليفها التركي، بسبب المقاطعة العربية للدوحة التي خلقت أمامها تحديات مالية كبيرة، كما قد يكون الانحياز إلى جانب تركيا في نزاع مع الولايات المتحدة، أمرًا صعبًا بالنسبة للدوحة التي تسعى بكل قوة إلى تحسين صورتها أمام واشنطن بعد كشف دعمها للتنظيمات الإرهابية.
الاقتصاد القطري يعاني في مختلف القطاعات
وبالنظر إلى حالة الاقتصاد القطري، نجد أنه يعاني في مختلف القطاعات من تداعيات المقاطعة الرباعية العربية؛ فعلى صعيد قطاع المصارف والبنوك، كشفت بيانات صادرة مؤخرًا عن مصرف قطر المركزي أن حكومة قطر مدينة للبنوك التجارية المحلية العاملة في السوق القطرية بنحو 86.9 مليار دولار حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي. كما أشارت بيانات المصارف القطرية إلى تفاقم العجز في صافي الأصول الأجنبية للمصارف القطرية إلى 48.22 مليار دولار بنهاية النصف الأول من عام 2018، بسبب المطلوبات الأجنبية المرتفعة.
اقرأ أيضًا: مع استمرار المقاطعة: 87 مليار دولار ديون الحكومة القطرية للبنوك، وعجز في الأصول الأجنبية
أما على صعيد القطاع السياحي، فقد كشف تقرير للهيئة العامة للسياحة القطرية عن تراجع معدل الإشغال في جميع الفنادق القطرية بنسبة 5% خلال النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي. وأوضحت الهيئة في تقريرها الصادر يوم الإثنين الماضي، أن معدل الإشغال في جميع الفنادق باختلاف فئاتها بلغ 59% خلال النصف الأول من 2018، كما أن متوسط سعر الغرفة والعائد على الغرفة تراجعا بنسب 14% و18% على التوالي.
كما ذكر التقرير أن متوسط سعر الغرفة والعائد على الغرفة المتاحة خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بلغ 398 ريالًا و234 ريالًا على التوالي، وتابع: “تراجعت مؤشرات الأداء في جميع الفنادق باختلاف فئاتها باستثناء الإشغال في الفنادق فئة 3 نجوم، والفنادق ذات النجمة والنجمتين”. التقرير أشار كذلك إلى تراجع عدد الزوار في قطر في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 35% على أساس سنوي، بسبب المقاطعة العربية لقطر التي بدأت في يونيو/حزيران 2017.
وبالنظر إلى وضع البورصة القطرية، فقد اختتمت تداولات الأربعاء في المنطقة الحمراء؛ بضغط هبوط 5 قطاعات يتصدرها العقارات، إذ انخفض المؤشر العام بنسبة 0.48% متدنيًا إلى النقطة 9592.23، ليفقد 46.37 نقطة عن مستويات الإثنين، كما تقلصت التداولات بتراجع السيولة إلى 100.68 مليار ريال، مقابل 130.59 مليار ريال يوم الإثنين، وانخفضت أحجام التداول لـ3.59 مليون سهم، علمًا بأنها كانت تبلغ 4.46 مليون سهم في الجلسة السابقة.
اقرأ أيضًا: تفاصيل كاملة: كيف أثرت المقاطعة الرباعية على القطاع السياحي في قطر؟
وجاء قطاع العقارات على رأس القطاعات المتراجعة بنسبة 3.88%، متأثرًا بانخفاض 3 أسهم تقدمها إزدان متصدر القائمة الحمراء بنسبة 6.45%، وهبط البنوك بنسبة 0.51%، لتتراجع أسهم عدة بالقطاع على رأسها الريان بنسبة 2.01%، والصناعة بنسبة 0.21%، لانخفاض 6 أسهم في صدارتها المستثمرين بنسبة 1.52%، وتجاهل القطاع تصدر سهم دلالة الارتفاعات بنسبة 2.78%.
ومن جانب معدلات التضخم، كشفت بيانات صادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء، الإثنين الماضي، عن ارتفاع التضخم السنوي في قطر خلال يوليو/تموز الماضي، بنسبة 0.2%، مقارنة بـ0.1% في يونيو/حزيران السابق. وأوضحت البيانات كذلك أن معدل التضخم بلغ 108.91 نقطة الشهر الماضي، مقارنة مع 108.7 نقطة في يوليو/تموز 2017. كما أظهرت البيانات أن الارتفاع جاء نتيجة زيادة أسعار 7 مجموعات، أبرزها النقل بنسبة 7.8%، والصحة 4.3%، والملابس 3.2%، والأثاث 2.7%. في المقابل، انخفضت أربع مجموعات، أبرزها الاتصالات بنسبة 11.9%، تليها الغذاء والمشروبات بنسبة 3.4%، ثم السكن والماء والكهرباء بنسبة 2.4%، تليها الترفية بـ0.2%، فيما لم تتغير مجموعة التبغ.
مراقبون: قطر في مأزق
أشار مراقبون إلى أن ما تم تقديمه من دعم قطري لتركيا، لن يشكل خطوة إيجابية لصالح النظام في الدوحة، ولكنه يأتي لاستجداء النظام التركي، بعد الحملة الإعلامية التي هاجمت موقف الدوحة من الأزمة التركية الأمريكية، وكثمن تدفعه حكومة تميم لأنقرة مقابل موقف الأخيرة في إرسال قوات عسكرية تركية إلى الأراضي القطرية منذ بدء المقاطعة الرباعية العربية الداعية لمكافحة الإرهاب، في حين اعتبره آخرون محاولة من قطر للضغط على إردوغان لإطلاق سراح القس الأمريكي لتخفيف التوتر بين البلدين.
رئيس تحرير السياسة الكويتية الكاتب الصحفي الكويتي أحمد الجارالله أكد أن قطر لا يمكنها إغضاب الحليف الأمريكي، والوقوف ضده لإظهار دعمها لتركيا، وهو المأزق الذى وضعت قطر فيه نفسها، لافتًا إلى أن أمير قطر خلال زيارته لتركيا حاول إقناع إردوغان بإطلاق سراح القس الأمريكي لتخفيف التوتر الأمريكي التركي.
وتابع قائلًا: “ليس بإمكان قطر إغضاب تركيا المستقوية بها ضد خصومها، وليس بإمكانها إغضاب الحليف الأمريكي للوضع الذي لم تحسب قطر حسابه”.
اقرأ أيضًا: قطر تمول مشاريع تركيا التوسعية: كيف تحولت الدوحة إلى صراف آلي؟
من جانبه، اعتبر الخبير في الشؤون التركية، الباحث في العلاقات الدولية، محمد حامد، أن هدف زيارة أمير قطر لأنقرة الأول استجداء النظام التركي بعد الحملة الإعلامية التي هاجمت موقف الدوحة من الأزمة التركية الأمريكية، مضيفًا أن النظام القطري لا يستطيع إغضاب حليفه إردوغان لأن الوجود التركي مهم وحيوي “لنظام الحمدين”، بحسب ما نشرت العين الإخبارية.
وتابع قائلًا: “بعد الهجمة الإعلامية التركية، تؤكد الزيارة القطرية تخوف الدوحة من تخلي أنقرة عنها”.
أما الكاتب المحلل السياسي السعودي خالد الزعتر فقال: “نجد أن الضغوط التركية أسفرت عن هذا الدعم القطري، الذي يعد هو البداية، ولن تتوقف أنقرة عن ممارسة الضغوط على الدوحة، مستعينة بقواتها العسكرية الموجودة في قطر لاستنزافها وتوظيف ثروات الشعب القطري لمعالجة أزمتها الاقتصادية بعد تراجع الليرة التركية”.
وتابع لصحيفة “سبق”: العقلية السياسية القطرية المراهقة أوقعت نفسها في مأزق، وارتضت أن تكون تحت الضغط العسكري؛ ففي البداية كانت تعتقد أن وجود القوات التركية والإيرانية في قطر سيعطيها مركز قوة وثقلًا تستفيد منه لتقوية موقفها في الأزمة التي تعيشها جراء المقاطعة الرباعية، لكن المؤشرات تؤكد أن الإدارة السياسية القطرية تجاهلت أن وجود هذه القوات لن يضيف لها أي مكسب، بل سيؤدي لاستنزاف ثرواتها، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا وإيران.
وأضاف: “القطريون غارقون في الشعارات الوهمية -مثل تميم المجد- التي يسعى النظام لتوظيفها ليبرهن عن شعبيته في الداخل، لكن هذه الشعبية الفارغة تتنافى تمامًا مع الواقع القطري الذي تؤكد جميع المؤشرات أنه لا يملك قراره السياسي والاقتصادي؛ فالنظام الحاكم في قطر، يعيش تحت الحماية الأجنبية، ويسعى إلى تحويل الدوحة إلى أشبه ما تكون بالميناء العسكري لتجمع القوات التركية والإيرانية، واليوم يسعى لأن يكون قراره الاقتصادي رهينة للقوات التركية الموجودة على أراضيه، وبذلك نجده اليوم يسعى إلى توظيف ثروات الشعب القطري لمعالجة أزمات تركيا الاقتصادية، ومن قبلها دعم ميليشيات إيران الإرهابية”.
اقرأ أيضًا: كيف تحوّلت قطر إلى “سلة مالية” لتركيا؟
وختم “الزعتر” قائلًا: “النظام القطري يعيش مراحله الأخيرة، ويمكن القول إن الانزلاق نحو الهاوية هو الوصف الذي ينطبق على الحالة القطرية؛ فالسياسات المتناقضة -أي الجمع بين التحالف مع الولايات المتحدة وإيران وتركيا- وكذلك استنزاف ثروات الشعب القطري لمعالجة أزمات تركيا، ما يكبد الدوحة خسائر اقتصادية، في حين تعيش هي أزمة اقتصادية خانقة بسبب المقاطعة، جميعها تكشف عن حالة التخبط القطري، وهو ما يقود بالتالي إلى أن يكتب النظام القطري نهايته بنفسه بسبب المواصلة في هذه السياسات المراهقة، التي يحاول الإثبات من خلالها على ما يسميه بالسيادة القطرية التي تحولت إلى مجرد شعارات يرددها النظام القطري، بينما الواقع السياسي يؤكد أن هذه السيادة أصبحت رهينة القرار التركي والإيراني”.
مغردون يدشنون وسم #تميم_يخضع_لإردوغان
من جهة أخرى، دشن مغردون على موقع التواصل الاجتماعي وسم #تميم_يخضع_لإردوغان، عقب قرار أمير قطر بضخ 15 مليار دولار للاقتصاد التركي، منددين خلاله بخضوع تميم للضغوط، بعدما شنت صحف مقربة من الرئيس التركي هجومًا لاذعًا على قطر.
وغرد هاني مسهور: “اختارت الدوحة الانحياز للأتراك، ويبدو أنها ستختار الانحياز للإيرانيين. أتساءل إن كانت قطر تدرك أنها ترتمي في محور الشر العالمي، وأنها ستواجه تبعات خرق العقوبات الأمريكية، نشفق على شعبنا العربي في قطر من مغامرات نظام اختار حماية نفسه وتعريض شعبه للعقوبات”.
في حين علق ياسر عوض” قائلًا: “بعد ضغوط كبيرة من إردوغان والإعلام التركي خلال الأيام الماضية، تميم يرضخ ويوافق مُجبرًا على دفع 55 مليار ريال قطري (15 مليار دولار) لتركيا مقابل عدم سحب الجنود الأتراك من قطر”.
وغرد صهيل: “بعد مباحثات جرت بين الاثنين منع فيها حضور عدد كبير من المسؤولين القطريين تنتهي برضوخ الأول وإجباره على دفع 55 مليار ريال قطري مقابل عدم سحب الجنود الأتراك من قطر”.