الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

ما اليوم الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة؟

كيوبوست- ترجمات

بنجامين بلاكيت

إذا ما فكرت في أكثر الأيام دموية في تاريخ الولايات المتحدة، فمن المحتمل أن يتجه تفكيرك إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، أو إلى الكارثة التي أعقبت هجوم اليابان على بيرل هاربور، أو ربما إلى إحدى معارك الحرب الأهلية، وربما يذهب بك الأمر إلى التفكير في جائحة “كوفيد-19”.

لقد اتضح أن الإجابة عن سؤال: ما أكثر الأيام دموية في تاريخ الولايات المتحدة؟ ليست أمراً بسيطاً ومباشراً؛ ولكن عندما نأخذ أعداد الوفيات بعين الاعتبار، فمن المرجح ألا يكون أي من الأحداث المذكورة أعلاه.

لوضع أعداد الوفيات الأمريكية المعاصرة في سياقها الصحيح، قبل انتشار جائحة “كوفيد-19” في أواخر عام 2019، كان يموت 7700 شخص يومياً تقريباً في الولايات المتحدة نتيجة أسباب مختلفة؛ منها حوادث السيارات وأمراض القلب، كما قال ديفيد هاكر، المؤرخ الديموغرافي في جامعة مينيسوتا.

يرى هاكر أنه من الصعب تحديد أكثر الأيام دموية في تاريخ الولايات المتحدة؛ لأن عدد سكان البلاد قد ازداد بشكل كبير من أربعة ملايين نسمة عام 1790 إلى ما يزيد على 332 مليون نسمة اليوم. ولذلك فإن مقارنة عدد الوفيات المطلق في العام الماضي مع عددها الحالي هو مقارنة تفاحة ببرتقالة.

اقرأ أيضاً: أكثر 7 حروب دموية بعد الحرب العالمية

قال هاكر: “بالطبع، إن عدد الوفيات الإجمالي في أي يوم في وقتنا هذا هو أكبر بكثير مما كان عليه عام 1790، على الرغم من أن معدل الوفيات -عدد الوفيات مقسوم على عدد السكان- كان دون أدنى شك أكبر بكثير في عام 1970 مما هو عليه اليوم”؛ ولكن حتى لو اتفقنا على أن معدل الوفيات هو أفضل طريقة للمقارنة بين قرون مختلفة من الزمن، فإن تحديد اليوم الأكثر دموية لا يزال أكثر تعقيداً مما قد تتصور.

قال هاكر: “تعتمد مقارنات اليوم الأكثر دموية التي رأيتها على عوامل متعددة، فإذا كنا ننظر إلى حدث معين فهل نستثني الأشخاص الذين ماتوا في ذلك اليوم لأسباب لا تتعلق بهذا الحدث؟ أو هل نشملهم؟ لا يوجد توافق بين المؤرخين على ذلك، بالإضافة إلى أن سجلات الوفيات على الصعيد الوطني منذ 1776 حتى اليوم غير متوفرة”.

ومع ذلك، يمكننا إجراء بعض التخمينات القائمة على معطيات علمية، قال هاكر: “إذا كان الأمر يتعلق فقط بعدد الوفيات في يوم محدد بسبب حدث محدد في يوم محدد، أعتقد أنه لا شيء يضاهي إعصار غالفستون الذي وقع في 8 سبتمبر 1900”. يُعرف الإعصار من الفئة الرابعة الذي ضرب تكساس برياح تراوحت سرعتها بين 200 و250 كيلومتراً في الساعة باسم “عاصفة عام 1900 الكبيرة”، وغالباً ما يوصف بأنه أكثر الكوارث الطبيعية دموية في تاريخ الولايات المتحدة، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، التي قالت في تقرير لها، صدر عام 2011، “إن ما يتراوح بين 8000 و12000 شخص قد لقوا حتفهم أثناء الإعصار”. وقال هاكر إنه في عام 1900 كان عدد الوفيات اليومي نحو 3500 حالة وسطياً؛ ولذلك فإن الإعصار كان حدثاً دامياً بالتأكيد.

عاصفة غالفستون الكبيرة عام 1900 لا تزال أكثر الكوارث الطبيعية دموية في تاريخ الولايات المتحدة- مكتبة الكونغرس

كانت الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامَي 1861 و1865 فترة دموية بشكل خاص. ويقدر أن قرابة 750,000 جندي قد لقوا مصرعهم بسبب الإصابات أو الأمراض، وفقاً لتقرير نشرته مجلة “تاريخ الحرب الأهلية” عام 2011. لذلك فمن غير المستغرب أن يذكر حدث آخر هو معركة أنتيتام عام 1862، التي أحبطت غزو الكونفيدراليين لماريلاند، وشهدت مقتل 3650 جندياً من الجانبَين.

اقرأ أيضاً: هارفييدخل قائمة أقوى 10 إعصارات مدمرة.. هل تعرفها؟

ولكن هنا أيضاً نواجه مشكلة في البيانات؛ فليس كل الذين شاركوا في المعركة، وماتوا بسببها، ماتوا في نفس يوم وقوع المعركة. قال هاكر: “الرجال الذين أُصيبوا في يوم المعركة ربما يكونون قد عانوا لأسابيع أو أشهر قبل أن يموتوا في نهاية المطاف. ومن المحتمل ألا يكون هؤلاء من بين العدد المذكور؛ فإحصاء عدد قتلى الحرب الأهلية ليس علماً دقيقاً”.

يقدِّر هاكر أن نحو 2500 شخص آخرين توفوا في يوم معركة أنتيتام لأسبابٍ أخرى (غير متعلقة بالحرب)؛ وهذا يعني أن قتلى المعركة قد ضاعفوا معدل الوفيات ذلك اليوم بأكثر من الضعف، مما يجعل منه يوماً دامياً في رأي الجميع. ويقول إن عدد القتلى كان أكبر في معركة غيتيسبيرغ في يوليو 1863 -تجاوز عدد القتلى فيها 7000 جندي- ولكن المعركة استمرت ثلاثة أيام.

اقرأ أيضاً: الإنفلونزا الإسبانية.. أم جميع الأوبئة الحديثة

إذا تركنا العنف جانباً، فإن جائحة الإنفلونزا الإسبانية كانت فترة دموية أخرى. قال هاكر: “مات وسطياً نحو 6000 شخص كل يوم من أيام شهر أكتوبر 1918 بسبب الإنفلونزا”، لو كان لدينا بيانات أفضل في ذلك الوقت لربما كان من الممكن أن نقول إن الإنفلونزا الإسبانية كانت مسؤولة عن أكثر الأيام دموية في التاريخ الأمريكي؛ لأنه من المرجح أن بعض الأيام تجاوز فيها عدد الوفيات ستة آلاف. قال هاكر: “إذا علمنا ذروة الوفيات في يوم واحد بسبب الإنفلونزا -ومع الأسف فنحن لا نعلم ذلك- وأضفنا ذلك العدد إلى المتوسط اليومي للوفيات، فلربما يكون اليوم الأكثر دموية في التاريخ الأمريكي سيكون أحد أيام أكتوبر 1918”. ومع ذلك فليس لدينا السجلات التي تدعم تلك النظرية، ولذلك فلا يزال من المحتمل أن يكون إعصار غالفستون قاتلاً أكبر؛ ففي نهاية المطاف الأمر يرجع إلى الحكم والتقدير أكثر مما يعتمد على الحقائق التي لا جدال حولها.

وماذا عن “كوفيد-19″؟ في أسوأ أيام الجائحة في شهر فبراير 2021، بلغ متوسط عدد وفيات فيروس كورونا المستجد يومياً ما يقارب 3300 شخص، وهذا يزيد قليلاً عن عدد القتلى في هجمات الحادي عشر من سبتمبر؛ حيث قُتل ما يقارب 3000 شخص عندما اختطف إرهابيون طائرات، وفجروا بها برجَي التجارة العالمية في نيويورك ومبنى البنتاغون في أرلينغتون، وتحطمت طائرة رابعة في حقل في بنسلفانيا.

الإنفلونزا الإسبانية كانت أسوأ كارثة طبية في القرن العشرين- “وول ستريت جورنال”

وإذا أضفنا عدد وفيات “كوفيد” إلى متوسط عدد الوفيات اليومي، يمكننا القول إن عدد الوفيات اليومي في الولايات المتحدة في أسوأ أيام فبراير 2021 كان نحو 11.000 حالة وفاة. دون الانتقاص من المأساة الحقيقية لـ”كوفيد-19″، لا بد من القول إن عدد السكان عام 1918 كان لا يتجاوز ثلث ما هو عليه الآن، ولذلك يصنف هاكر الإنفلونزا الإسبانية قبل “كوفيد-19″، مع أنه بالنظر إلى الأرقام المطلقة، ربما يكون “كوفيد-19” قد قتل عدداً أكبر من الناس في أسوأ أيامه.

قال هاكر: “يمكنني أن أراهن على أن أكثر الأيام دموية في تاريخ الولايات المتحدة هو أحد أيام أكتوبر 1918 عندما نأخذ معدل الوفيات بعين الاعتبار”.

المصدر: لايف ساينس

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة