الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة
ما الذي يعرفه عنك تطبيق تيك توك؟
حظر تطبيق تيك توك لن يجدي نفعاً ولن يمنع الصينيين من الوصول إلى بيانات الأمريكيين

كيوبوست- ترجمات
ريشي ينغار♦
تريد منصة “تيك توك” إقناع الغرب بأنها مجرد منصة تواصل اجتماعي أخرى؛ ولكن حتى بعد حظر هذا التطبيق الشهير على أجهزة الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وحكومات العديد من الولايات، لا يزال الكثير من المشرعين والمسؤولين يرون أن ذلك غير كاف، ويرغبون في حظر هذا التطبيق بشكل كامل. ويرجع ذلك، كما يقولون، إلى القلق من أن ينتهي المطاف بالبيانات التي يجمعها التطبيق في أيدي الحكومة الصينية؛ لأن تطبيق “تيك توك” تملكه شركة التكنولوجيا الصينية “بايت دانس”.
ويقوم تطبيق “تيك توك” بجمع الكثير من البيانات؛ مثل أسماء المستخدمين وأعمارهم وأرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكتروني وتفاصيل الأجهزة الذكية التي يستخدمونها والرسائل التي يرسلونها على التطبيق وبصمات وجوههم وأصواتهم، كما تتعقب خوارزميات “تيك توك” ما يشاهده المستخدمون ومقدار الوقت الذي يمضونه على كل مقطع فيديو؛ الأمر الذي يمنح التطبيق رؤية مفصلة حول أنماط سلوك المستخدمين.
اقرأ أيضاً: تيك توك وأحلام الثراء في العالم العربي!
يقول خبراء الأمن السيبراني إن ممارسات جمع البيانات في “تيك توك” تختلف قليلاً عن تلك التي يستخدمها منافسوها في وادي السيليكون؛ مثل “فيسبوك” و”غوغل” ممن واجهوا مشكلاتهم الخاصة بهذا الشأن. قال بروس شناير، المحاضر في شؤون الخصوصية بجامعة هارفارد: “لقد تأقلمنا بالفعل مع امتلاك شركات التكنولوجيا هذا القدر الهائل من بياناتنا الشخصية، وبطبيعة الحال تمتلك الحكومة الأمريكية إمكانية الوصول إلى هذه البيانات؛ فكيف نشعر حيال دولة أجنبية تتمتع بهذا القدر من الوصول؟”.
بالنسبة إلى المسؤولين الحكوميين والمشرعين وأجهزة الاستخبارات وغيرهم من العاملين في قضايا حساسة، فإن الخطر واضح، وقد اعترفت “تيك توك” بأن موظفيها في الصين قادرون على الوصول حتى إلى بياناتها المخزنة خارج الحدود الصينية. ومع أنها قالت مراراً إنها لا تشارك البيانات مع الحكومة الصينية، ولن تفعل حتى لو طلب منها ذلك؛ فإن الشركة الأم “بايت دانس” قد تضطر إلى فعل ذلك بموجب القانون الصيني.
أما بالنسبة إلى الأشخاص العاديين، فإن الأمر يتوقف على مفهومهم الشخصي عن الخصوصية والأمان. قال شنار: “يتوقف الأمر على مَن أنت، هل أنت قلق من أن تعرف الحكومة الصينية نوع الأفلام الإباحية التي تحبها؟ أو أن تعرف إذا ما كنت مصاباً بالاكتئاب؟ أو ما إذا كنت على علاقة غرامية؟ عليك أن تقرر مَن يمكنك أن تثق به. إن أياً من هذه الشركات لا تعمل لمصلحتك”.

ومن ناحية أخرى، فإن حظر تطبيق “تيك توك” لن يمنع الصينيين من الوصول إلى بيانات الأمريكيين؛ فقد ثبتت علاقة المتسللين الصينيين ببعض كبرى عمليات الاختراق للبيانات في التاريخ الأمريكي، بما في ذلك مكتب إدارة شؤون الموظفين إبان رئاسة باراك أوباما أو اختراق بيانات فنادق ماريوت الذي أدى إلى الحصول على بيانات أكثر من 500 مليون عميل. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركات التي تُعرف بوسطاء البيانات، بجمع نفس المعلومات التي تجمعها “تيك توك” لبيعها لشركات الإعلان المستهدف.
اقرأ أيضاً: التشهير بالأطفال على تطبيق “تيك توك”
لقد تأخرت حكومة بايدن كثيراً في حظر التطبيق المملوك للصين، ولكن الضغط يتزايد لاتخاذ إجراءات أكثر تشدداً. وفي غياب القوانين التي تحد من جمع البيانات في جميع المجالات؛ فإن حظر “تيك توك” سيكون بمثابة وضع ضمادة على ورم خبيث. وإذا كانت الحكومة مهتمة حقاً بالأمريكيين العاديين، فلا بد من أن يستهدف قانون الخصوصية الفيدرالي كل الشركات الخبيثة التي تنسخ بياناتنا دون علمنا وتستخدمها في أنظمتها البيئية الإعلانية دون علمنا. ولا بد من استهداف هذا النظام البيئي برمته لا تطبيق واحد فقط.
يمكن أن يواجه تطبيق “تيك توك” تحدياً أكبر في أوروبا؛ حيث تفرض اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي وقانون الخدمات الرقمية، قيوداً أشد صرامة حول خصوصية المستخدمين وتعديل المحتوى. وقد التقى الرئيس التنفيذي لـ”تيك توك”، شو زي تشو، مسؤولين من الاتحاد الأوروبي؛ لطمأنتهم بأن الشركة ستمتثل للقوانين. وصرح جيرارد دي جراف، كبير المبعوثين الأوروبيين إلى وادي السيليكون، في مقابلة مع مجلة “فورين بوليسي”، قائلاً: “نحن لا ننظر، من الناحية القانونية، إلى مكان جود الشركات. سنعامل الشركات كلها على قدم المساواة وسيتعين عليها جميعاً الامتثال للقوانين”.
اقرأ أيضاً: أوروبا والتهديد الحقيقي لوسائل التواصل الاجتماعي
ولكن الأمر في واشنطن مختلف نوعاً ما. وقد كتب مستشار الأمن السيبراني في شركة “كريبس ستاموس”، في مقال افتتاحي لمجلة “سايبر سكوب”، يقول فيه: “دون قوانين واضحة حول الخصوصية في الإنترنت -ولا يوجد أي شيء من هذا القبيل في أفق الكونغرس المقبل- فإن إجبار (تيك توك) على تخزين بياناتها في الولايات المتحدة لن يمنع بكين من الحصول على بيانات الأمريكيين”. ويشير إلى أن مجرد ملكية الصين تطبيق “تيك تك” يشكل تهديداً كبيراً يبرر حظر الولايات المتحدة التطبيقَ؛ ليس فقط بسبب جمع البيانات، بل بسبب التأثير الهائل الذي يمكن أن يمارسه التطبيق على الأمريكيين؛ حيث يمكن للصين إجبار “تيك توك” على فرض رقابة على الموضوعات الحساسة أو الترويج لأنواع محددة من المحتوى أو التأثير على الخطاب السياسي في الدول الأخرى. وأكد أن الحكومة الصينية قادرة على إجبار موظفي “تيك توك” على مراقبة المحتوى أو خفض معدل ظهوره أو رفعه أو فرض رقابة على موضوعات لا ترغب في مناقشتها؛ مثل مسألة تايوان.
لقد اختارت الصين سياسة تصدير قمعها ومراقبتها إلى الخارج، ولسوء حظ “تيك توك” فإنها تدفع ثمن اختيار هذه السياسة.
♦مراسل مجلة “فورين بوليسي”.
المصدر: فورين بوليسي