الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

ما الذي يجعل الدولة التركية غير مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي؟

القشة التي قصمت ظهر البعير: التفاوت في الثقافة الديمقراطية

ترجمة كيو بوست عن مركز أبحاث “غيت ستون إنستيتيوت” الأمريكي

بقلم الكاتب الصحفي بوراك بيكديل.

بعد مرور 31 عامًا على تقديم الطلب التركي للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، يبدو أن “التحالف” قد انتهى بالفعل، في ظل عدم وجود أي علامات في المستقبل المنظور على زواج بين طرفين راشدين لكنهما غير متناسبين. ويبدو أن هذه الأوبرا التهريجية لم تعد مستدامة بعد أن لعب الطرفان خلال العقد الماضي ألعابًا دبلوماسية كريهة.

لقد ازداد العجز الديمقراطي التركي بشكل كبير للغاية، بشكل يتناقض تمامًا مع الثقافة الديمقراطية الأوروبية. وبحسب تقرير منظمة “فريدوم هاوس” الحقوقية: “هنالك عواقب وخيمة جدًا إزاء الممارسات التركية، مثل اعتقال المواطنين بشكل عشوائي، وإغلاق المنافذ الإعلامية، والاستيلاء على المشاريع التجارية، والتطهير العرقي الفوضوي المضاد للأقلية الكردية، الذي تحول بدوره إلى تدخل عسكري ودبلوماسي في سوريا والعراق”، وهو ما يتناقض تمامًا مع المبادئ الأوروبية القائمة على الديمقراطية الحقيقية.

اقرأ أيضًا: 5 أسباب تبدد حلم تركيا بدخول الاتحاد الأوروبي

ووفقًا لمؤشر الديمقراطية في المنظمة المذكورة، تنتمي تركيا إلى مجموعة الدول “غير الحرة”، إذ إن أداءها أسوأ من الدول “الحرة جزئيًا” مثل مالي ونيكاراغوا وكينيا. وبالتأكيد، لن يصبح الاتحاد الأوروبي موطنًا لأي دولة “غير حرة” في أي يوم من الأيام.

في الآونة الأخيرة، اندلع نزاع قانوني بين تركيا والاتحاد الأوروبي، يسلط الضوء –من جديد– على التفاوت الكبير في فهم سيادة القانون والديمقراطية بين أنقرة وبقية العواصم الأوروبية. هذه المرة، اشتبكت تركيا مع الاتحاد الأوروبي حول حقوق سياسي كردي بارز، يقبع في السجون التركية حتى هذه اللحظة، بسبب اتهامات “إرهابية” واهية. في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوجوب معالجة قضية صلاح الدين ديميرتاش بسرعة بالغة، وأكدت أن مدة احتجازه قبل المحاكمة طويلة جدًا وغير مبررة على الإطلاق. إلا أن المحكمة التركية تجاهلت قرار المحكمة الأوروبية، وحكمت ضد إطلاق سراح السياسي الكردي. وبهذا، ينتهك قرار المحكمة التركية المادة 90 من الدستور التركي، الذي ينص على أن “أحكام الاتفاقات الدولية هي السائدة في حالة وجود تعارض بين القوانين المحلية والاتفاقات الدولية في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.

خرج وزير الخارجية التركي ليدّعي أن القرار الأوروبي “سياسي” وليس “قانونيًا”، وبالتالي لن يصبح ملزمًا للسلطات التركية. ولهذا، ترى الدول الأوروبية أن “الدولة غير الحرة، التي تنتهك بشكل صارخ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”، لا يمكن أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي.

وقد برزت علامات من بروكسل على “وجوب إيقاف هذه المسرحية”؛ ففي نيسان/إبريل 2017، دعا البرلمان الأوروبي إلى تعليق طلب الانضمام التركي، وهو الآن قيد التجميد بشكل رسمي. وفي أيلول/سبتمبر 2017، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها ستسعى إلى إنهاء محادثات عضوية تركيا بشكل نهائي. بينما في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قال المسؤول المشرف عن توسيع الاتحاد الأوروبي، المفوض جوهانز كاهن، لصحيفة “دي فيلت” الألمانية: “الصدق يحتم على الاتحاد الأوروبي وتركيا أن يسلكا طرقًا جديدة، وأن ينهيا محادثات الانضمام… العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي غير واقعية في المستقبل المنظور”.

اقرأ أيضًا: مترجم: تركيا توفر لسجناء داعش الرفاهية الكاملة!

من جانب آخر، قال إردوغان في أكتوبر/تشرين الأول إنه “يدرس إجراء استفتاء شعبي على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي”، واعتقد البعض أن هذا المقترح واقعي في ظل تعثر محادثات الانضمام. لكن إردوغان لم ينطق بتلك الكلمات من “باب الصدق”، بل كان يخاطب الأتراك الساخطين المتعبين من الاتحاد الأوروبي، قبيل الانتخابات البلدية التركية في 31 مارس/آذار 2019، وهو أسلوب هادف لحشد الدعم ليس إلا، اعتادت عليه الجماهير لفترة طويلة.

 

الخلاصة

يبدو أن ليس هنالك دولة أوروبية مستعدة لتحمل المسؤولية التاريخية عن انضمام دولة لا تدرك المعنى الحقيقي للثقافة الديمقراطية، لا سيما أن التعاطف مع العضوية التركية، في الاتحاد الأوروبي، بات أقل بكثير خلال السنوات القليلة الماضية: 8% في فرنسان و5% في ألمانيا، و8% في المملكة المتحدة، و5% في الدنمارك، و7% في السويد، و5% في فنلندا.

ليس هنالك أي وسيلة لتجاوز عتبة الـ50% في رأي الجمهور الأوروبي، وبالتالي فإن هذا “الزواج” فاسد حتى قبل محاولة إتمام مراسمه.

 

المصدر: مركز أبحاث “غيت ستون إنستيتيوت” الأمريكي

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة