الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

ما الذي يجذب الطيور المهاجرة إلى المدن؟

كيوبوست- ترجمات

كريس بارانيوك

لطالما كانت هجرة الطيور لغزاً حيَّر علماء الطبيعة. ولا تزال مراقبة سلوك الطيور وتحركاتها تجتذب الآلاف من الدارسين في مختلف أنحاء العالم. وقد نشر موقع “بي بي سي”، مؤخراً، مقالاً يرصد ظاهرة انجذاب الطيور المهاجرة للمدن، ويحاول الباحثون تفسيرها.

عندما لاحظت الباحثة آنا موراليس، أن جهاز التعقب الذي ربطته بعصفور سواينسون، لا يزال في المنطقة نفسها، اعتقدت أن الطائر قد نفق أو أن الجهاز قد سقط منه. وعندما تتبعت موقع الجهاز فوجئت بأن العصفور لا يزال بصحة جيدة ويتسكع في حدائق مونتريال.

عادة ما تهاجر طيور سواينسون من المناطق الشمالية إلى أمريكا الوسطى كل خريف، يتوقف بعضها في مدن كبيرة مثل مونتريال. كانت موراليس وزملاؤها يراقبون حركة هذه الطيور وكيف توازن بين حاجتها إلى الهجرة بسرعة نحو الجنوب وبين حاجتها إلى التوقف للتزود بالغذاء، وقاموا بتزويد 80 عصفوراً بأجهزة تعقب.

اقرأ أيضاً: حيوانات تستشعر الكوارث!

كثيراً ما تزور أسراب الطيور المهاجرة المدن أثناء رحلتها، وربما يرجع ذلك إلى أن بعضها ينجذب للضوء بينما البعض الآخر؛ مثل عصفور سواينسون، يستمتع بالطعام. ولكن بيئة المدن ليست دائماً صديقة للطيور الغريبة. فكثيراً ما تنفق أعداد كبيرة منها نتيجة الاصطدام بواجهات ناطحات السحاب الزجاجية المضيئة.

وجدت موراليس أن أعداداً كبيرة من عصافير سواينسون تتوقف لفترة طويلة نسبياً في مونتريال؛ حيث يتساقط ريشها وينمو مكانه ريش جديد استعداداً للرحلة الطويلة.

يهاجر نحو مليون عصفور أحمر الجناح إلى المملكة المتحدة كل عام- “بي بي سي”

لا أحد يعرف بالضبط ما الذي يجذب الطيور المهاجرة لمدينة صاخبة؛ ولكن من الممكن أن يكون الأمر متعلقاً بالضوء. فالطيور التي تستخدم ضوء النجوم لتستدل على طريقها يمكن أن تنجذب إلى الضوء بشكل طبيعي. وقد لاحظ ذلك عالم الطيور الأيرلندي تشارلز باتن، عندما كان متمركزاً في منارة على ساحل أيرلندا. كتب باتن في ملاحظاته أن أسراباً من الطيور تندفع بشكل محير نحو المنارة ويصطدم العديد منها بنوافذها وتموت؛ ولكن في ذلك الوقت كانت مصادر الضوء الاصطناعي شديد السطوع شيئاً نادراً. ونتيجة لهذه الظاهرة يموت كل عام ملايين من الطيور المهاجرة وتعتبر المباني الشاهقة الأكثر سطوعاً بمثابة مصائد موت لهذه الطيور. وقد وجدت دراسة أن بناء ماكورميك بليس وحده تسبب في قتل أكثر من 11500 طائر مهاجر بين عامَي 2000 و2020. وقدرت الدراسة أن إطفاء نصف أنوار المبنى في موسم الهجرة يمكن أن يقلل هذا العدد بأكثر من 60%.

اقرأ أيضاً: “الديك الرومي” طائر فظّ وحاد الطبع.. لماذا ارتبط اسمه بتركيا؟

يهاجر طائر الدخل في الغالب ليلاً ويقطع نحو 300 كيلومتر في اليوم- “بي بي سي”

عندما بدأ الباحث خورخي شوندوب، وطالب الدكتوراه رودريغو باتشيكو- مونييز من جامعة المكسيك الوطنية، بوضع أجهزة تتبع على الطيور ورصد حركتها في أنحاء مدينة موريليا، توصلا إلى اكتشاف مفاجئ؛ فقد كانت الطيور التي تعيش في الحدائق داخل المدينة تتمتع بوضع أفضل من حيث كتلة الجسم وحالة الريش والتعرض إلى الطفيليات من أقرانها التي تعيش في مناطق ريفية. ويقول شوندوب إنه فوجئ بمدى نجاح الطيور في التأقلم مع حياة المدينة. ويشير إلى وجود فصائل تستوطن المساحات الخضراء في المدينة حالياً، لم يكن لها وجود على الإطلاق قبل عشرين عاماً. وهو يعزو ذلك إلى أن الأشجار الوارفة المروية جيداً في حدائق المدن تؤوي أعداداً كبيرة من الحشرات، وبالتالي توفر مصدر غذاء وفيراً للعديد من الطيور التي تأكل الحشرات.

تعيش طيور سواينسون في الغابات الكثيفة وتأكل الحشرات وثمار التوت البري- “بي بي سي”

وتحذر فرانسيس بونييه، من جامعة كوينز في أونتاريو، من أنه على الرغم من أن الحدائق الكبيرة في المدن قد توفر موطئ قدم للطيور المهاجرة، فهي قد تكون مصدر جذب لهذه الطيور نحو مخاطر عديدة. وتؤكد ضرورة أن يأخذ التخطيط الحضري مسألة الطيور بعين الاعتبار. فالمدن تبدو وكأنها نقيض الطبيعة؛ ولكن لا يجب أن تكون كذلك، فهي مليئة بالطيور، وتجتذب العديد من الأنواع المهاجرة نحوها، ولا بد لنا من أن نفكر في المدينة كنظم بيئية.

المصدر: بي بي سي

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات