الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
ما الذي أغضب ماكرون من الصحفي الفرنسي جورج مالبرونو؟
تحدث مالبرونو في هذا المقال الذي أغضب الرئيس الفرنسي عما جرى خلال لقاء جمع ماكرون بممثل عن "حزب الله" إبان زيارته الأولى إلى بيروت عقب التفجير

كيوبوست
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وُصفت بـ”الصادمة” للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو يوبِّخ صحفياً في الوفد الإعلامي المرافق له، في زيارته الثانية إلى بيروت، عقب التفجير المروع.
هذا الصحفي غني عن التعريف في الأوساط الفرنسية كما في الأوساط العربية، فهو كبير مراسلي صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية؛ جورج مالبرونو، صاحب أكثر الكتب إثارة للجدل حول منطقة الشرق الأوسط والخليج، والعدو اللدود للإسلام السياسي.
جاء المقال تحت عنوان “علاقة إيمانويل ماكرون بحزب الله”، وسرَّب معلومات وصفها ماكرون بالحساسة؛ نظراً لحساسية الموضوع، حول لقاء جمعه بقياديين لبنانيين بينهم ممثل عن “حزب الله”. يكتب مالبرونو في مطلع مقاله: “بنبرة حازمة للغاية، دعا رئيس الجمهورية الفرنسية محاوريه إلى الشروع في مسار الإصلاحات الضرورية؛ للحفاظ على بلد يجابه شبح الإفلاس، كان من بين الحاضرين محمد رعد؛ رئيس الكتلة البرلمانية لـ(حزب الله) الموالي لإيران، والذي يهيمن على المشهد السياسي؛ بفضل ترسانته العسكرية. كان رعد يرغب في لقاء ماكرون وجهاً لوجه، وحظي بالفعل في نهاية الاجتماع بثماني دقائق مع رئيس الدولة”.

لقاء نادر
يقول مالبرونو: هي المرة الأولى منذ ولادة “حزب الله” عام 1982، التي يتحدث فيها رئيس فرنسي مباشرة مع أحد أعضاء هذا الحزب، “هذا يرقى إلى مستوى الاعتراف الدولي”، كما وصفه مرحباً، بعد بضعة أيام، أحد المقربين من الحزب المصنف على أنه “إرهابي” من قِبل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا.
اقرأ أيضًا: كارثة مرفأ بيروت.. مزيد من الأدلة على تورط “حزب الله”
وحسب مصدر فرنسي، في بيروت، فإن ماكرون وجَّه إلى رعد الحديث، قائلاً: “أريد أن أعمل معك لتغيير لبنان؛ ولكن أَثبِتوا أنكم لبنانيون. يعلم الجميع أن لديكم أجندة إيرانية، ونحن نعرف تاريخك جيداً ونعرف هويتك؛ ولكن هل أنت لبناني، نعم أم لا؟ هل تريد أن تساعد اللبنانيين، نعم أم لا؟ هل تمثل اللبنانيين، نعم أم لا؟ لذا، عودوا إلى وطنكم، واتركوا سوريا واليمن”، وأضاف ماكرون: “لتكن مهمتكم هنا لبناء الدولة؛ لأن الدولة الجديدة ستكون لصالح أبنائكم”.
يستطرد الصحفي الفرنسي مالبرونو، واصفاً المشهد: “بعد لحظات، وفي مؤتمره الصحفي، أجاب ماكرون على صحفي لبناني سأله عما إذا كان سيقبل أعضاءً من (حزب الله الإرهابي) في حكومة مستقبلية، فقال ماكرون: (حزب الله له نواب منتخبون من قِبل اللبنانيين، وهو جزء من المشهد السياسي)”.
في اليوم التالي، استقبل الأمين العام لـ”حزب الله” بإيجابية رسالة ماكرون، وقال المحلل وليد شرارة، المقرَّب من “حزب الله”: “إيمانويل ماكرون لديه بالفعل نهج مختلف عن نهج الولايات المتحدة.. بعد الانفجار قال للأمريكيين علناً إن سياسة الضغط التي يتبعونها ستفشل، وإنهم سيخنقون لبنان، وإن القوة الوحيدة التي لن تنهار هي (حزب الله)”.
اقرأ أيضًا: بعد انفجار المرفأ.. تراث بيروت المعماري مهدد بالاندثار
يضيف مالبرونو: “لكن الأمر يتطلب الكثيرَ لكسر عدم الثقة المتبادل بين الجانبين، كما يمكن ملاحظته من خلال ما ورد في مذكرة صادرة عن وزارة الخارجية الفرنسية بتاريخ 23 يناير 2019، كانت تدعو إلى (ممارسة (… ) الضغط (…) على الفاعلين الذين يعيقون سير المؤسسات اللبنانية ويعطلون التوازنات التقليدية للبلاد)، مشيرةً بالاسم إلى جبران باسيل (وزير الخارجية آنذاك) و(حزب الله)”.
خلف الكواليس، تم تمرير بعض الرسائل، في الأسابيع الأخيرة، بين باريس والتشكيل الشيعي. وحسب مصدر فرنسي في بيروت، فإن ماكرون قال لهم: “لن نلح بالسؤال عليكم حول سلاحكم؛ لكن في المقابل، عليكم أن تضخوا بعض الأكسجين في النظام، اقبلوا الانخراط في اللعبة؛ لأننا لا نستطيع الاستمرار بهذا الشكل”.

تراجع شعبي
“باعتراف الجميع، فإن (حزب الله) الذي تفلت دوائره المالية من النظام المصرفي، غير مستهدف بتهديدات إيمانويل ماكرون الرامية إلى معاقبة المسؤولين اللبنانيين، إذا استمروا في رفض العقد السياسي الجديد”، يقول مالبرونو؛ لكن “حزب الله” ظل يتجاهل نداءات باريس إبان عملية البحث عن رئيس وزراء جديد خلفاً لحسان دياب.
يحمِّل الكثير من اللبنانيين “حزب الله” مسؤولية الفاجعة؛ ففي الثامن من أغسطس قام مئات المتظاهرين الغاضبين بعرض دمية حسن نصر الله معلقة على مشنقة، وقال الدبلوماسي الفرنسي: “كثيرون يلومون الحزب؛ لأنه شارك في إدارة البلاد”.
شاهد: فيديوغراف.. الإمارات تتكفل برعاية أسر ضحايا حادث مرفأ بيروت
كنتيجة للانفجار، بدأ “حزب الله” في فقدان غطائه المسيحي، التيار الوطني الحر التابع لجبران باسيل وصهر رئيس الجمهورية ميشال عون، في حين يدعوه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والذي التقاه إيمانويل ماكرون، يوم الثلاثاء الماضي، إلى النأي بنفسه عن الميليشيات الموالية لإيران.
وختم الكاتب مقاله، متسائلاً عما إذا كان ممثل “حزب الله” سيحظى بلقاء ثانٍ مع ماكرون، وإذا كان هناك تفويض أمريكي لدعم الجهود الفرنسية، حسب المحلل اللبناني المقرب من “حزب الله” وليد شرارة، والأهم من كل ذلك هو ما إذا كان حسن نصر الله مستعداً فعلاً لمناقشة “العقد السياسي الجديد” الذي يطرحه الرئيس الفرنسي.