الواجهة الرئيسيةترجمات
ما احتمالات تسرب “كورونا” من مختبر ووهان الصيني؟ إعادة نظر في مصدر الفيروس!

كيوبوست – ترجمات
نور إبراهيم♦
بالنسبة إلى كثيرين بدا الأمر وكأنه مزحة ومؤامرة بعيدة الاحتمال؛ فكرة أن (كوفيد–19) قد تسرب عن طريق الخطأ، أو أنه حتى تم إطلاقه عن عمد، من مختبر في الصين. وربما دفعت ادعاءات دونالد ترامب المستمرة، وغير المدعومة بأدلة بأن هذا صحيح، كثيرين إلى أن يصبحوا غير مصدقين هذه الفرضية؛ لكن في الآونة الأخيرة، شقَّت نظرية التسرب من المختبر طريقها مرة أخرى إلى عناوين الصحف، وكذلك إلى عقول السياسيين ومسؤولي الصحة.
لماذا تكتسب هذه النظرية مزيداً من الزخم مرة أخرى؟
ويمكن أن يُعزى ظهور نظرية التسرب من مختبر إلى 3 أسباب رئيسة؛ أولها أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد أطلق مؤخراً تحقيقاً جديداً في أصول مصدر فيروس كورونا. وفي بيانٍ صادر عن البيت الأبيض، قال بايدن: إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قد اتفقت على “سيناريوهين محتملين”: إما اتصال بشري مع حيوان مصاب، وإما حادث مختبر.
اقرأ أيضاً: أزمة “كورونا” العالمية في عصر ما بعد الحقيقة!
ويأتي تحقيق بايدن بعد شهرين فقط من اختتام منظمة الصحة العالمية تحقيقاً خاصاً بها. ولم يقدم التقرير المؤلف من 120 صفحة إجابات نهائية حول أصل مصدر الفيروس؛ لكنه قال إن نظرية التسرب من مختبر “مستبعدة للغاية”، وتحتاج إلى مزيدٍ من الدراسة. كما خلص التقرير إلى أن “جميع الفرضيات لا تزال مطروحة على الطاولة”.

ومنذ ذلك الحين، أعربت 14 دولة؛ من بينها كندا، عن قلقها إزاء تأخر الدراسة وافتقارها إلى المعلومات. بيد أن منظمة الصحة العالمية قالت إن تحقيقاتها تعرقلت بسبب عدم الوصول إلى “البيانات الأولية“ على الرغم من “التعاون القوى والجيد” من جانب الصين. بينما تدحض الصين حجب أي بيانات، وتؤكد أن الدراسة كانت شفافة.
وقد أعلنت “فيسبوك” أنها لن تقوم بعد الآن بإزالة المنشورات التي تدعي أن (كوفيد-19) من صنع الإنسان. وهذا عكس ما قالت الشركة إنها ستفعله في فبراير الماضي. وفي حين أن البعض لجأ إلى” تويتر” ليقول إن هذه الخطوة قد تكرس المعلومات المضللة على الموقع أو تدعم انتشار النظرية، يقول الباحث ريتشارد لاكمان، من جامعة رايرسون: إن قرار “فيسبوك” معقول بالنظر إلى التحقيق الجاري.
اقرأ أيضاً: ينبغي أن يكون التصدي لـ“وباء المعلومات” أولوية رئيسية لإدارة بايدن
وأضاف لاكمان، وهو أستاذ مشارك في أكاديمية الإعلام التابعة لجامعة رايرسون: “نظراً لتطور القصص الإخبارية، والتي تتغير مع ورود المزيد والمزيد من المعلومات؛ فمن المنطقي أن تتغير مؤسسة مثل (فيسبوك). فلم يتم إنشاء عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي للعمل كمؤسسات إخبارية. وتجد (فيسبوك) نفسها مرغمة على تطوير سياسات -في وقت الحدث- بشأن ما يختارون نشره وما لا يرغبون في نشره. فالأمر يتطور بسبب جائحة كورونا، وبسبب السخط العام، وسخط موظفيها”.
لكن هذه ليست النهاية التي جعلت نظرية التسرب المختبري تطل برأسها من جديد؛ فقد ظهرت مؤخراً مراسلات قديمة أرسلت إلى كبير المستشارين الطبيين للرئيس الأمريكي الدكتور أنتوني فاوتشي؛ مما أدى إلى بلبلة مجتمعية عبر الإنترنت. ومن خلال طلب، وفقاً لقانون حرية المعلومات، حصلت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، في بداية شهر يونيو، على هذه الرسائل الإلكترونية من حساب فاوتشي.
شاهد: فيديوغراف.. خطورة نظريات المؤامرة في ظل انتشار “كورونا“
ففي يناير 2020، كتب أحد العلماء من كاليفورنيا إلى فاوتشي أنه عند فحص تطور فيروس كورونا، يبدو أن الخفافيش تعمل بمثابة “خزان”؛ لكنّ “جزءاً صغيراً” من جينوم الفيروس لديه “سمات غير عادية” والتي “(من المحتمل) أنها تبدو مهندسة”. ومع ذلك، ومنذ أيام قليلة فقط، قام هذا العالم بشرح نظريته لصحيفة “نيويورك تايمز”، قائلاً إن الفيروس الذي تم هندسته كان ملاحظة أولية في بداية الجائحة، واستناداً إلى البيانات المحدودة في ذلك الوقت. ومنذ ذلك الحين تم رفض هذه النظرية.
هل نظرية التسرب من المختبر تستحق الدراسة؟
ويبدو أن منظمة الصحة العالمية وبايدن يعتقدان بالتأكيد أن نظرية التسرب من المختبر تستحق الدراسة، وكذلك جيمس تيسن، مدير ماجستير إدارة الصحة في جامعة رايرسون؛ حيث قال: “في ضوء الأدلة التي لدينا الآن -أو بالأحرى الافتقار إلى الأدلة التي لدينا الآن- لا يمكننا أن ننفي أياً من الفرضيتَين. فهناك تقارير؛ خصوصاً مع فيروس “إتش1 إن1″، تفيد أن هذا قد حدث من قبل”.

وكان ذلك في عام 1977، عندما عاد فيروس الإنفلونزا إلى الظهور بعد غياب دام 20 عاماً. وافترض كثيرون أن ذلك يعني أنه قد تسرب من مختبر. وتوصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان دييغو عام 2010 إلى أدلةٍ تدعم هذه النظرية. كما أن هناك فيروساً آخر تردد أنه تسرب من المختبرات عدة مرات؛ وهو السارس.
اقرأ أيضاً: عمر الحمادي: نحن بحاجة إلى تطوير منصة لقاحات جاهزة لمواجهة الوباء القادم
ويقول ديفيد شينين، الخبير السياسي ومدير ماجستير التاريخ في جامعة ترينت: “الناس يرتكبون الأخطاء، وبالتالي يمكن أن يحدث هذا النوع من الأمور؛ حيث يوجد لدى الكثير من البلدان مثل هذه المختبرات (ذات الدرجة العالية من الأمان لبحوث الفيروسات). وكذلك كندا والولايات المتحدة لديهما أيضاً، والصين لديها واحد في ووهان”. ومع ذلك، فحتى لو كان تسرب كوفيد من مختبر أمراً محتملاً، فإن تيسن وشينين يؤكدان أنه من الصعب جداً تصديق أنه قد أُطلق عن عمد. لذلك، يقول تيسن إن فرضية التسرب من مختبر لا ينبغي أن توصف بأنها “مؤامرة”.
إذا كان لدينا لقاحات فلماذا ينبغي أن نهتم بكيفية بدء الفيروس؟
يقول خبراء الصحة إن حقيقة من أين جاء فيروس كورونا المستجد يجب أن تظهر للنور؛ من أجل التعرف على إمكانية انتقال الفيروس، والعلاجات المحتملة، ومن أجل الشفافية العامة. ويقول تيسن: “لأننا يجب أن نكون مستعدين لـ(الجائحة) التالية. ففي كل مرة تكون هناك جائحة مثل هذه، يكون هناك تحقيق، وربما يستغرق الأمر سنوات لتحديد أصل الفيروس. وقد منح بايدن فريق التحقيق 90 يوماً فقط”.

غير أن الدكتور أحمد فراس خالد، وهو طبيب وخبير في السياسات الصحية بجامعة ويلفريد لورييه، يقول: “لا أعتقد أن إدارة جو بايدن، ستحصل على معلومات أكثر من التي حصلت عليها منظمة الصحة العالمية، وأعتقد أن مدة التسعين يوماً مصممة استراتيجياً بحيث تكون كافية للضغط من قبل الدول الأخرى على الحكومة الصينية لتكون أكثر استعداداً”.
اقرأ أيضاً: عن “كورونا” والخفاش والكمامات وسائر سلالات الإنفلونزا
ويقول خالد أيضاً إن الولايات المتحدة قد تستخدم التحقيق كوسيلة ضغط للعلاقات الدبلوماسية المستقبلية مع الصين، “أعتقد أن الجمهور لديه الحق المطلق في هذا النوع من المعرفة حول كيفية بدء فيروس كورونا، وما إذا كنا سنحصل عليها أم لا؛ فذلك سؤال مختلف”.
ماذا سيحدث إذا اكتشفت الولايات المتحدة بالفعل أصول الفيروس؟
يقول شينين إنه إذا تمكنتِ الولايات المتحدة من اكتشاف الأصل الحقيقي للجائحة، فإن هذا من شأنه أن يعيد ترسيخ مكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية. وأضاف: “إذا استطاعوا إثبات ذلك -نعم- أعتقد أنه سيعيد تأكيد تفوق دولي طويل الأمد للعلوم الأمريكية، وأعتقد أن بايدن يدرك ذلك”. ومع ذلك، يعتقد شينين أن بايدن أطلق التحقيق في نهاية المطاف من أجل الصالح العام، وليس لتحقيق مكاسب سياسية أو لتمييز نفسه عن سلفه، ترامب.
♦مراسلة “جلوبال نيوز”.