الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجية

ما أهمية القوى الآسيوية بالنسبة للرياض من أجل تنفيذ رؤية 2030؟

تقوية العلاقات مع دول آسيا يأتي ضمن إستراتيجة المملكة

ترجمة كيو بوست عن مجلة “إنترناشونال بوليسي ديجست” الدولية

تسلط الزيارات الهامة التي قام بها مؤخرًا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى إسلام أباد ونيودلهي وبكين الضوء على تعديلات السياسة الخارجية السعودية بما يتناغم مع متطلبات تنفيذ الخطة السعودية الطموحة المعروفة باسم “رؤية 2030”. وقد شهدت المملكة الغنية بالنفط سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة من أجل تنويع اقتصادها وتطوير الثقافة المجتمعية نحو الانفتاح. وكجزء من هذه الجهود، أكدت الرياض أن دور القوى الآسيوية أمر لا مفر منه من أجل تنفيذ رؤية 2030، وهو ما يعني تعزيز التعاون الوثيق مع باكستان والهند والصين. وبالطبع، فإن تقوية العلاقات السعودية مع هذه الدول في هذه المرحلة أمر حاسم جدًا بالنسبة للمملكة.

اقرأ أيضًا: بعد 30 سنة من آخر زيارة: ما الذي سيفعله ولي العهد السعودي في باكستان؟

تتمثل إحدى الركائز الأساسية لرؤية 2030 في التأكيد على الدور السعودي الريادي في قلب العالمين العربي والإسلامي. وبالتالي، فإن التقارب السعودي – الباكستاني الوثيق يخدم هذا الغرض تمامًا. في الحقيقة، تعتبر السعودية وباكستان من الأقطاب القوية في العالم الإسلامي؛ إذ تلعبان أدوارًا رئيسة في الديناميكيات المتغيرة في الجغرافيا السياسية العالمية. وقد شهدت العلاقة بين البلدين في الآونة الأخيرة نموًا هائلًا، خصوصًا فيما يتعلق بالروابط التجارية والاقتصادية. خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الرياض قبل شهور قليلة، وافقت المملكة على تقديم 6 مليارات دولار من المساعدات إلى باكستان. وخلال زيارة ابن سلمان الأخيرة إلى إسلام أباد، جرى التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم بين البلدين.

كيو بوستس

وبالطبع، تعتبر صفقات الاستثمار السعودية في قطاعات البتروكيماويات والمعادن والطاقة وغيرها بقيمة 20 مليار دولار بمنزلة إغاثة عظيمة للباكستانيين. وبالطبع، هنالك جانب رئيس آخر في اهتمامات الرياض في باكستان، يتعلق بالردع النووي الذي يمكن أن تقدمه باكستان للمملكة وقت الحاجة. في الواقع، من غير المحتمل أن تحاول السعودية، الموقعة على معاهدة الحد من الانتشار النووي، أن تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية في هذه المرحلة بالتحديد، وبالتالي من المهم أن تعزز الرياض علاقاتها مع إسلام أباد نظرًا لقوة باكستان العسكرية.

كما تتمثل الأجندة الأساسية في رؤية 2030 في تحويل المملكة إلى قوة استثمارية عالمية. ومن هنا، ستلعب الهند والصين أدوارًا حاسمة في المشاركة المتبادلة مع المملكة العربية السعودية، فيما يتعلق بتطلعات المملكة نحو تحويل نفسها إلى مركز استثماري قوي. ولهذا، يمكن القول إن زيارتي ابن سلمان الأخيرتين إلى نيودلهي والصين تسلطان الضوء على هذه العملية المتكاملة.

اقرأ أيضًا: “3 مليار دولار”: صحيفة باكستانية تشيد بالدعم الإماراتي للبلاد

سعت نيودلهي إلى تعزيز التعاون مع السعودية كجزء من سياسة هندية تحمل اسم “لينك ويست”، بغرض تعزيز أمن الطاقة الهندي في المقام الأول، وكذلك لتحقيق استقرار في التحويلات النقدية التي تتلقاها كل عام. تعتبر السعودية موطنًا لأكثر من 3 ملايين هندي مهاجر، يولّدون تحويلات مالية إلى موطنهم الأم بما يزيد عن 10 مليارات دولار سنويًا، ولهذا، سعت الهند إلى تثبيت مصالحها في الرياض. خلال زيارة ابن سلمان الأخيرة إلى نيودلهي، جرى التوقيع على صفقات استثمارية في قطاعات متنوعة شملت الطاقة والزراعة والتعليم والصحة، تزيد قيمتها عن 100 مليار دولار. كما وجهت الرياض دعوة لمؤسسات الأعمال الهندية في المملكة إلى توسيع فرص استثماراتها في القطاعات غير النفطية في إطار خطة 2030، علمًا بأن الهند واحدة من أكبر الشركاء التجاريين في المملكة، وهو ما يجسد أهمية العلاقة الثنائية بين البلدين.

بالإضافة إلى ذلك، تعدّ زيارة ولي العهد السعودي الأخيرة إلى بكين حاسمة من أجل رؤية البلاد الطموحة، لا سيما عند الحديث عن التنوع الاقتصادي في مجالات مختلفة. وبالفعل، من المرجح أن تصبح الأسواق الآسيوية بمنزلة العملاء الأوائل للقطاعات الإنتاجية السعودية، وهذا ليس مستغربًا في وقت تجاوزت فيه الرياض موسكو من ناحية تصدير النفط الخام إلى الصين. وبحسب تقارير حديثة، ستوقع آرامكو السعودية على اتفاق لبناء مصفاة ومنشأة بتروكيماويات على الأراضي الصينية، في إطار مشروع ضخم مشترك مع شركة الدفاع الصينية “نورينكو”. وفي المقابل، ستكون الصين بمنزلة حلقة وصل قوية لتنويع الاقتصاد السعودي، في وقت تُظهر فيه بكين استجابة إيجابية للاستثمارات السعودية في ميناء غوادار الباكستاني. وبالطبع، تأمل الرياض في تعزيز تواصلها الاقتصادي النشط من خلال هذه المشاركة.

من الواضح أن الحرص السعودي على تحقيق ارتباطات أقوى مع القوى الآسيوية أمر حاسم للغاية من أجل تنفيذ أجزاء من رؤية 2030 الطموحة. وبحسب خبراء، فإن السعي السعودي إلى توسيع نطاق السياسة الخارجية والانخراط بفاعلية في قوى إقليمية جديدة في جنوبي آسيا وشرقيها أمر لا مفر منه ويعود بكل النفع على المملكة. وفي ظل رؤية 2030 الشاملة، من المتوقع أن تؤدي الجهود السعودية الرامية إلى تعزيز ارتباطات وثيقة مع قوى آسيوية إلى تحويل المملكة إلى مركز استثماري عالمي، وهو ما يؤكد من جديد على مكانة الرياض المركزية في قلب العالمين العربي والإسلامي.

اقرأ أيضًا: مركز أبحاث أمريكي: هكذا ستنقذ السعودية الاقتصاد التونسي

 

المصدر: مجلة “انترناشونال بوليسي ديجست” الدولية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة