الواجهة الرئيسيةرفوف المكتبةشؤون دولية
مايك بومبيو… مذكرات مقاتل من أجل أمريكا (3-5)
موقع "كيوبوست" ينشر قراءة في مذكرات وزير الخارجية الأمريكي السابق والتي تروي سيرة حقبة متواترة من الأحداث التي عصفت بالعالم

كيوبوست- أمل صقر♦
بين أيدينا ملخص لأهم ما ورد في مذكرات مايك بومبيو، التي صدرت مؤخراً، والتي أثارت فور صدورها عاصفة من ردود الفعل؛ سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، وهو أمر معتاد مع المذكرات الصادرة عن مسؤولين سابقين في الإدارة الأمريكية بصفة خاصة؛ نظراً لما تحويه في العادة من قضايا ومواقف جدلية. وقد يزيد من الاهتمام بها هذه المرة، كونها صادرة عن رجل شغل لفترة منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA”، ثم تحول إلى تولِّي منصب وزير الخارجية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي أُثير حولها الكثير من القضايا والجدل والانطباعات التي تصب في كثير من الأحيان في غير صالح هذه الإدارة. من جانب آخر، لم يبخل بومبيو، في مذكراته، بشرح العديد من المحطات في مسيرته في تلك الفترة؛ خصوصاً في ملفات أقل ما توصف بأنها شائكة وإشكالية، ومن ذلك ما يتعلق بالملف النووي الإيراني والانسحاب من الاتفاقية، والتعامل مع التنظيمات الإرهابية، وتعامل الإدارة مع مشكلات وتحديات منطقة الشرق الأوسط.
ويقدم “كيوبوست”، عبر عدد من الأجزاء، أبرز ما ورد في فصول المذكرات الـ17، والتي عُنونت بـ”لا تبدل رأيك مطلقاً.. القتال من أجل أمريكا التي أحب” (Never Give an Inch: Fighting for the America I Love). يتناول الجزء الثالث الفصول من السابع إلى العاشر، والتي يحاول فيها بومبيو تبرير العديد من السياسات التي اتخذتها إدارة ترامب في ما يتعلق بالالتزامات الدولية والانسحاب من بعض الاتفاقيات من أجل تنفيذ عبارة “أمريكا أولاً”. كما يتناول تفاصيل المفاوضات والقمم المختلفة التي عُقدت بين الرئيس الأمريكي ترامب، ونظيره الكوري الشمالي. وعرج بومبيو إلى قضايا أخرى يعتبرها شديدة الأهمية؛ وهي السياسات الأمريكية لحماية حرية الأديان، وأخيراً الموقف من الصين.
اقرأ أيضًا: هل فشل ترامب في جعل “أمريكا عظيمة مجدداً”؟
• الفصل السابع: مسائل السيادة الأمريكية
في هذا الفصل يكمل بومبيو حديثه حول مواقف عدة مر بها تتعلق بتصوره وإدارة ترامب عن السيادة الأمريكية وكل ما يصب في صالح عبارة “أمريكا أولاً”. وفي هذا الصدد يشير إلى بعض من المواقف والقرارات التي اتُّخذت في هذا السياق؛ ومنها رفضه التوقيع في مايو 2019 في اجتماع لمجلس القطب الشمالي، على بيان يتعلق بتوصيات والتزامات حول البيئة وتغير المناخ، والتي لا تتفق مع توجهات الإدارة الأمريكية ولا المصلحة الأمريكية.
ويؤكد بومبيو أن عبارة “أمريكا أولاً”، والتي أكدها ترامب خلال حملته الانتخابية، لم تكن مجرد عبارة انتخابية، وإنما مفتاح لقرارات السياسة الأمريكية خلال حقبة ترامب، والتي تؤكد أن المصلحة الأمريكية العليا هي الأساس في تبني أي قرار يتعلق بالسياسة الخارجية. ويضيف بومبيو تقييمه لإدارات سابقة أظهرت ما اعتبره “اللطف والإنسانية تجاه الآخرين؛ لجذب الناخبين سواء من خلال غض الطرف عن أزمة الهجرة غير الشرعية التي أدت إلى تآكل الأساس الأمريكي للقانون والنظام، أو إلزام الولايات المتحدة باتفاقيات التجارة الدولية؛ مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، التي أفرغت قاعدتنا التصنيعية”. ولكن بومبيو يضيف أمراً مهماً في هذا السياق؛ وهو أن الدفاع عن السيادة الأمريكية يفيد الدول الأخرى أيضاً، لأن “أمريكا المزدهرة والقوية والآمنة والواثقة في مكانها في العالم تعمل على تحسين حياة الناس في كل مكان.. أمريكا القوية تدفع العالم إلى الأمام نحو قدر أكبر من الرخاء وكرامة أكبر لكل إنسان.. إن إعطاء الأولوية للسيادة الأمريكية لا يعني التخلي عن الصداقات والتحالفات؛ ولكن إذا كان العمل بمفردنا يصب في مصلحة شعبنا، فليكن”.

بهذا التصور يبرر بومبيو في هذا الفصل الكثير من القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب في السياسة الخارجية؛ والتي على رأسها التعامل مع المهاجرين من المكسيك، وتبني قوانين لتنظيم طلبات اللجوء؛ للحد من الدخول غير الشرعي للمهاجرين، ويعتبر أن هذه القرارات صبت في صالح أمريكا. ويعلق على إدارة بايدن الحالية بـ”المتساهلة”؛ والتي نتيجة تراجع في القرارات السابقة لإدارة ترامب “سجلت الجمارك ودوريات الحدود عدداً كبيراً من الاعتقالات على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك في عام 2021؛ لأن الرئيس بايدن أعطى الضوء الأخضر للناس للقدوم عبر سياسات إنفاذ متساهلة”.
يضيف بومبيو أنه على مدى ما يقرب من 250 عاماً، وقَّعت الولايات المتحدة على العديد من الالتزامات الدولية؛ منها ما يتعلق بالناتو والأمم المتحدة، وكان من مهامه خلال توليه وزارة الخارجية التأكد من أن هذه الترتيبات والتفاهمات والمنظمات الدولية تعزز أمن أمريكا وازدهارها، على الرغم من الكثير من التحليلات الإعلامية التي كانت تعتبر ذلك انسحاباً أمريكياً من المسرح العالمي؛ لكنه لم يكن كذلك، ويقول: “كنت دوماً أطرح السؤال: هل البقاء مع هذا الترتيب يفيد سيادتنا؟ هل هو جيد للشعب الأمريكي؟ وإذا لم يكن كذلك، فما الأفضل؟ كان أحد الخيارات هو البقاء فيه؛ لأن تكلفة المغادرة ستضر بالمصداقية الأمريكية في العالم. وكان الخيار الثاني هو محاولة إصلاحه. أخيراً، إذا لم نتمكن من حل مشكلة، وإذا كان ترك الترتيب قانونياً وغير مكلف للغاية لمصالحنا، فمن واجبنا الابتعاد.. والادعاء بأننا نخرق المعاهدات هو نتاج جهل بمغزى وطبيعة أية معاهدة.. فهي بالأساس تتطلب أن توفر الصالح العالم للدولة”.
اقرأ أيضًا: الواقع والخيال في وداع ترامب الذي طال انتظاره!
وهنا يضرب بومبيو مثالاً آخر؛ وهو الانسحاب من اتفاقية المناخ التي فرضت قيوداً على انبعاثات الغازات الملوثة، فقد وجدت إحدى الدراسات أن الاتفاقية والالتزام بها يعني أن الاقتصاد الأمريكي سيتكلف 3 تريليونات دولار و6.5 مليون وظيفة في القطاع الصناعي بحلول عام 2040.
ويوجز بومبيو فكرته في نهاية الفصل بالقول “إن السياسة الخارجية المعتمدة على عبارة (أمريكا أولاً) مرتبطة بثلاث أفكار مركزية: الواقعية، وضبط النفس، والاحترام. لقد شرحت هذه المفاهيم بالتفصيل في خطابي أمام معهد كليرمونت في عام 2019؛ فأولاً رؤية العالم بوضوح وعلى حقيقته أمر مهم، ومعرفة أن العالم مكان لئيم وسيئ.. رأت إدارة ترامب أن السياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين قد انحرفت، فلم نقُم بتقييم روسيا والصين بشكل واقعي، وبدلاً من ذلك كنا نأمل أن تصبح هذه الأنظمة أكثر لطفاً. ومن جانب آخر، لم نمارس ضبط النفس في التزامات القوة الأمريكية في الخارج.. نحن في إدارة ترامب رأينا أعداءنا بعيون واضحة. لم نندفع بتهور إلى حروب جديدة دون شعور واضح بضرورة وحتمية هذا الدور.. واستعدنا روح ما يجعل أمريكا عظيمة، والأمريكيين أكثر أماناً وازدهاراً”.
• الفصل الثامن: لا صفقات سيئة
يستهل بومبيو هذا الفصل بالحديث عن الصفقة التي استعادت الولايات المتحدة بها ثلاثة من الأمريكيين الذين كانوا يقبعون في مكان ما داخل سجون كوريا الشمالية. ويقول إنه لا توجد كلمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرئيس ترامب أكثر من “الصفقة”. لقد أراد ترامب صفقات جيدة لأمريكا، وليست كتلك التي عقدتها الإدارات السابقة؛ ومنها اتفاقية إيران، والمناخ، والسماح للصين بالانضمام إلى اتفاقية التجارة العالمية. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، وفقاً لبومبيو؛ بل إنه في الوقت الذي دفعت فيه إدارة أوباما لإيران 400 مليون دولار فدية لإطلاق سراح أربع رهائن، فإن إطلاق الرهائن من كوريا الشمالية تم دون أن تدفع أمريكا دولاراً واحداً. ويضيف بومبيو: “رفضنا أن تخضع أمريكا للابتزاز.. لقد اتخذنا نهجاً مختلفاً في ما نعنيه بالصفقة.. لقد طورنا استراتيجية الصفقة الخاصة بنا؛ والتي تعتمد على امتلاك القوة والاستعداد عند الحاجة لاستخدامها”.

ضمن هذا السياق، يشرح بومبيو الكثير من التفاصيل المتعلقة بالمفاوضات مع كوريا الشمالية وعقد قمة بين الرئيسَين، والتفاهمات والترتيبات المسبقة والأهداف الأمريكية الواضحة؛ والتي تؤكد نزع السلاح النووي الكامل لكوريا الشمالية. ويشير بومبيو إلى أن صعوبات التفاوض مع كوريا الشمالية بدأت من اختيار مكان انعقاد القمة، مروراً بتفاصيل تتعلق بالكيفية التي يتم بها إعلام حلفاء الولايات المتحدة؛ كوريا الجنوبية واليابان على وجه الخصوص، بالخطط الأمريكية في التفاوض مع كوريا الشمالية دون الكشف عن المعلومات التي من شأنها أن تفسد القمة.
أصر الكوريون الشماليون على أن كيم لا يمكنه السفر إلى أمريكا لعقد هذه القمة، وجرى الاتفاق على سنغافورة. ويحكي بومبيو العديد من التفاصيل المتعلقة بزيارة فريق الرئيس الكوري الشمالي إلى أمريكا؛ لوضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال القمة، والتي أراد ترامب أن يناقشها معهم شخصياً، وكيف أن هذه الزيارة عنيت الكثير؛ فقد رأي الفريق الكوري الشمالي مظاهر الحضارة الأمريكية التي هزمت الكوريين الشماليين بالفعل. ويسترسل بومبيو في الحديث عن القمة، ويذكر سفر الرئيس وفريقه إلى سنغافورة لحضور القمة التاريخية في 12 يونيو 2018، والحشد غير المسبوق للإعلاميين لمتابعة هذه القمة غير المسبوقة. ويستعرض بومبيو البنود التي تفاوض عليها الرئيسان؛ ومنها: “اتفق كيم والرئيس على أن توقف كوريا الشمالية جميع التجارب النووية والصاروخية بعيدة المدى. في المقابل، لن نجري مناورات مشتركة كبيرة مع الجيش الكوري الجنوبي. لقد ناقشنا هذا الأمر باستفاضة قبل وصولنا. لم يكن الرئيس ترامب مفضلاً للتدريبات، معتقداً أنها استفزازية ومكلفة للغاية. كانت وجهة نظري أنها لم تكن استفزازية أو باهظة؛ ولكن العديد منها كان غير ضروري للبقاء في مستويات متقدمة”.
اقرأ أيضًا: في فشل القمة الأمريكية الكوري-شمالية.. فتش عن إيران
ويوضح بومبيو تقييمه للقمة الأولى بأنها في نهاية المطاف أعادت تأكيد شكوكه في أن نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية لا يزال بعيد المنال؛ ولكن على الأقل كان هناك سبب للأمل. وكانت النتيجة البارزة للقمة إعلاناً مشتركاً تضمن التزامَ كوريا الشمالية بالعمل من أجل نزع السلاح النووي الكامل من شبه الجزيرة الكورية. ثم ينتقل إلى الحديث عن القمة الثانية بين ترامب وكيم في فبراير 2019 في هانوي، فيتنام. ويذكر بومبيو سعادته بموافقة الكوريين الشماليين على فيتنام، “أردتهم أن يروا بأنفسهم كيف يمكن تحويل عدو أمريكي سابق إلى مجتمع مزدهر اقتصادياً يعيش في سلام مع الولايات المتحدة.. أظهرت أسراب من الدراجات النارية الصاخبة والمتاجر المتنوعة أن الدولة الآسيوية التي خاضت حرباً مع الولايات المتحدة يمكن أن تتعافى وتزدهر. صحيح أن حكومة فيتنام قمعية.. لكن يجب أن نستمر في تعزيز علاقتنا مع هذه الأمة ودعم جهودها التنموية”.
ويُقيِّم بومبيو القمة الثانية، ويشير إلى أنها كانت أكثر صعوبة وظهر فيها بوضوح الاختلافات، فكان الاعتقاد أن الكوريين الشماليين وافقوا على التفكيك الكامل والقابل للتحقق لمجمع يونغبيون، الذي كان منشأتهم النووية الرئيسية. “كان لدينا العديد من الأهداف الأخرى؛ لكننا كنا نعتقد أن تحقيق هذا التخفيض في مقابل إعطاء الضوء الأخضر لعدد قليل من المشروعات الاستثمارية من كوريا الجنوبية كان صفقة ممكنة، كنا نظن أن الكوريين الشماليين مستعدون لعقد صفقة بهذه الشروط.. كنا مخطئين. لم يكن الكوريون الشماليون على استعداد للذهاب إلى هذا الحد. قال الرئيس كيم إنه سيكون على استعداد لإجراء تفكيك لمجمع يونغبيون مقابل رفع كامل للعقوبات.. ولم يكن هذا الاقتراح متفقاً عليه مسبقاً.. وانتهت القمة”.

• الفصل التاسع: حافظ على إيمانك
في هذا الفصل يلقي بومبيو الضوء على واحدة من القضايا التي يعتبرها من أساسيات السياسة الخارجية الأمريكية؛ وهي “حماية الحرية الدينية”، ويذكر موقف الولايات المتحدة التاريخي المستمر المندد لاضطهاد الأقليات الدينية في جميع أنحاء العالم. ويقول: “بصفتي وزيراً للخارجية، قررت إعادة تنشيط هذا التقليد المتمثل في استخدام القوة الدبلوماسية الأمريكية لحماية الحرية الدينية الدولية والتي غابت ضمن اهتمامات بعض الإدارات السابقة.. كنا نعلم أن ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم يعانون المضايقات والتعذيب وحتى الموت بسبب إيمانهم – الهندوس في باكستان، والمسيحيون في كوريا الشمالية، والبهائيون في إيران، والعديد من الأمثلة الأخرى”. واعتبر بومبيو أن الدفاع عن الحق في العبادة خارج الولايات المتحدة له آثار كبيرة على الأمن الأمريكي؛ فالدول التي توفر المزيد من الحرية الدينية أقل عرضة للاضطرابات الطائفية الداخلية التي تؤدي إلى عدم الاستقرار. فالأمن القومي الأمريكي يخدم بشكل جيد من خلال انتشار الحرية الدينية والتسامح مع الأديان الأخرى.
وفي هذا يركز بومبيو على بعض النماذج؛ ومنها ما اعتبره “أسوأ أزمة للحرية الدينية في القرن الحادي والعشرين، والتي كانت قد بدأت للتو في جذب الانتباه في الغرب؛ وهي وضع المسلمين الأويغور في منطقة شينجيانغ في غرب الصين.. على الرغم من كونهم أقلية دينية صغيرة ومسالمة؛ فإنهم بالنسبة إلى الحزب الشيوعي الصيني الملحد، مصدر تهديد كبير”. ويوضح بومبيو الاضطهاد الذي تعرضت إليه هذه الأقلية على يد الحزب الشيوعي الصيني، والحملة الشرسة التي شنها الحزب ضد الأويغور؛ حيث هدم الحزب في شينجيانغ المساجد، وأجبر عائلات الأويغور على إيواء المسؤولين الصينيين، وأجرى عمليات إجهاض وتعقيم قسرية لنساء الأويغور، وسجن ما يصل إلى مليون من الأويغور. وكما يصف بومبيو “لعل الأمر الأكثر رعباً على الإطلاق هو أن الحزب الشيوعي الصيني استخدم تقنيات مراقبة للتعرف على الوجوه.. إن الفظائع في شينجيانغ ليست مروعة في حد ذاتها فحسب؛ بل هي صورة مصغرة لعدم احترام الحزب الشيوعي الصيني الحياة الإنسانية”.
اقرأ أيضًا: كيف تنزلق الولايات المتحدة والصين نحو “دوامة أيديولوجية” و”حرب باردة”؟
• الفصل العاشر: قُل الحقيقة الصعبة
“اليوم يجب قول حقيقة قاسية يفضل العديد من الأمريكيين تجاهلها: يمثل الحزب الشيوعي الصيني إلى حد بعيد أكبر تهديد خارجي لطريقتنا في الحياة في أمريكا اليوم.. الحزب الشيوعي الصيني مصمم على أن يصبح مهيمناً أولاً في جواره المباشر، ثم في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، وأخيراً في كل مكان”. هكذا حذَّر بومبيو في بداية هذا الفصل من مذكراته من الخطر الصيني.
ويفصِّل بومبيو جهود الصين في الهيمنة، ويشير إلى محاولات الصين الهيمنة على بحر الصين الجنوبي الذي يتدفق عبره نحو ثُلث التجارة البحرية في العالم. من جانب آخر، يشرح مقدرات القوة العسكرية الصينية وقوة جيش التحرير الشعبي الصيني، والذي ولاؤه الوحيد للزعيم الأعلى للحزب الشيوعي الصيني؛ يستعد لغزو تايوان وقادر على النهوض بعمليات ناجحة في المجالات الفضائية والسيبرانية والتقليدية والنووية والبحرية. ويضيف بومبيو أنه في جانب الاقتصاد الدولي، تحاصر مبادرة الحزام والطريق الدول بديون لا يمكن تحملها مقابل الطرق السريعة والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب. ويضيف بومبيو أن ما يُثير القلق أيضاً هو محاولة الصين بناء إمبراطورية في العالم الرقمي من خلال دعم شركات مثل Huawei وZTE وYMTC، والسباق لقيادة العالم في مجال 5G، والذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات.

ويتهم بومبيو الإدارات الأمريكية السابقة بأنها والغرب فشلوا في إدراك النيَّات الحقيقية للصين ومساعيها نحو الهيمنة؛ وهو الأمر الذي تعاملت معه إدارة ترامب بصورة مختلفة، “بمجرد أن بدأت الإدارة، جاءت الخطوة الأولى المهمة في قول الحقيقة الصعبة عن الصين في شكل استراتيجية الأمن القومي لعام 2017؛ حيث اعتبرت هذه الوثيقة أن الصين قوة تهدف إلى تعديل العالم ليصبح عالماً مناقضاً للقيم الأمريكية.. تكمن أهمية هذه الوثيقة في التأكيد أن الحزب الشيوعي الصيني خصم، وفي الواقع أخطر خصم لنا”.
ويضيف بومبيو أن العديد من الرؤساء التنفيذيين أعربوا عن قلقهم بشأن الضرر الذي ألحقه الحزب الشيوعي الصيني بأعمالهم والأمن القومي الأمريكي؛ لكن دوافعهم الربحية منعتهم من التحدث علناً. واعتبر أن هذا الموقف نتاج استراتيجية الصين البارعة للنفوذ والإكراه.
اقرأ أيضًا: لماذا ينبغي أن يكون الدعم الأمريكي لتايوان أكثر وضوحاً؟
كان الأمريكيون بحاجة إلى معرفة ما لا يريدون سماعه: المواجهة تنطوي على تكاليف. ليس من السهل دائماً تحمل هذه التكاليف. تفقد الشركات الفرص التجارية. يعاني المزارعون تحولات السوق. تخسر المدارس مبالغ هائلة من أموال الرسوم الدراسية من جواسيس الحزب الشيوعي الصيني الذين يدرسون ويجرون أبحاثاً نيابة عن الحزب. لكن الفشل في مواجهة عدوان الحزب الشيوعي الصيني الآن لن يؤدي إلا إلى جعل المواجهة المستقبلية أكثر صعوبة. وسوف تتجاوز المكاسب طويلة الأجل التي ستحققها أمريكا من المواجهة التكاليف قصيرة الأجل.
ويذكر بومبيو خطابه في يوليو 2020، ويقول: “ألقيت خطاباً بعنوان (الصين الشيوعية ومستقبل العالم الحر) في مكتبة ومتحف ريتشارد نيكسون الرئاسي، وقلت إن تأمين حريتنا من الحزب الشيوعي الصيني هو مهمة عصرنا، وأمريكا في وضع مثالي لقيادته؛ لأن مبادئنا التأسيسية تعطينا فرصة مهمة، إيماناً بمقولة إن العالم لا يمكن أن يكون آمناً حتى تتغير الصين. وحقيقة أن الصين في ظل الحزب الشيوعي الصيني باتت أكثر قدرة، تشير إلى الفشل الذريع لخمسة عقود من سياسة أمريكية خاطئة تجاه الصين. واختتمت بياني بالإشارة إلى أن الخطر واضح، واليوم يجب على العالم الحر أن يستجيب”.
الجزء الأول : مايك بومبيو… مذكرات مقاتل من أجل أمريكا (1-5)
الجزء الثاني : مايك بومبيو… مذكرات مقاتل من أجل أمريكا (2-5)
♦باحثة سياسية