الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
ماليزيا تستعد لتقليص الجرائم التي يُعاقَب عليها بالإعدام
يُنظر إلى الخطوة الجديدة باعتبارها محاولة للحدِّ من إصدار أحكام الإعدام في الجرائم مع استبدال مدد سجن طويلة للمدانين بها

كيوبوست
تستعد ماليزيا لتقليص الجرائم التي يواجه مرتكبوها حكم الإعدام، بعد التعديلات التي سيتم اعتمادها من الملك، وسيدخل حيز التنفيذ قرارُ إلغاء عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها في بعض الجرائم، في وقتٍ تشهد فيه البلاد تراجع معدلات تنفيذ الأحكام بالإعدام.
وتصدر سنوياً أحكامٌ بحق المئات من الأشخاص، وسط مطالباتٍ حقوقية متزايدة بضرورة وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وفي ظلِّ عدم توافق مجتمعي حول هذه الخطوة التي تراجعت عنها الحكومة بعد وقتٍ قصير من إقرارها قبل عدة سنوات.
وستقلِّص التعديلات القانونية التي استمر النقاش المجتمعي حولها أكثر من 10 أشهر قبل أن تقر من البرلمان قبل أسابيع، من إلزامية توقيع عقوبة الإعدام لتكون مقتصرة على 9 جرائم فقط، من بينها القتل والإرهاب والإتجار في المخدرات، لكن سيكون لدى القضاة صلاحية إصدار أحكام على مرتكبي الجرائم بالسجن لمددٍ تتراوح ما بين 30 و40 عاماً، بالإضافة إلى الجلد 12 مرة على الأقل في بعض الجرائم.
وكانت ماليزيا قد تراجعت عام 2019 عن خطة لإلغاء عقوبة الإعدام بعد عامٍ من تعليق تنفيذ أحكام الإعدام، حيث قدرت منظمة العفو الدولية المحكوم عليهم بالإعدام في عام 2021 بنحو 1359 شخصاً، فيما يحتدم النقاش حول عقوبة الإعدام وإلغائها بشكلٍ كامل أو جزئي منذ أكثر من عقد وحتى الآن، بينما يُقدر عدد من نُفذت فيهم عقوبة الإعدام بين 1992 و2023 بنحو 1318 شخصاً وفق الإحصائيات الرسمية.
ويرجِع المراقبون التردد الماليزي بشأن إلغاء عقوبة الإعدام إلى الخلافات والمناورات السياسية بين الأحزاب المختلفة، خاصة مع تمسك بعض الأحزاب ذات الخلفيات الإسلامية بتطبيق الإعدام، ويساعد الانقسام السياسي الداخلي على توظيف الأمر سياسياً.
اقرأ أيضاً: الصعود الإسلامي يعمق الانقسامات التاريخية في ماليزيا
فرصة للتقييم

يتطلب تقييم التعديلات الجديدة وفعاليتها بعض الوقت، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة سينز الماليزية، د.أحمد فوزي عبد الحميد، الذي يقول لـ”كيوبوست” إن التعديلات القانونية، وإن كانت لا تلغي عقوبة الإعدام بشكلٍ كامل، فهي خطوة إلى الإمام، مشيراً إلى أهمية النظر لحقوق الإنسان؛ ليس فقط من منظور الضحايا وعائلاتهم، ولكن أيضاً من منظور عائلات مرتكب الجريمة.
وأضاف أن ثمّة أفراداً واجهوا “وصماً اجتماعياً” لكون أقارب لهم ارتكبوا جرائم وحُكم عليهم بالإعدام، وهو أمر لم يكونوا مسؤولين عنه.
وتُعتبر عقوبة الإعدام من الأمور التي يُعاد النقاش حولها باستمرار بين ماليزيا ومجلس حقوق الإنسان، في وقتٍ تبرر فيه الحكومة الماليزية موقفها بعدم حظر تطبيق عقوبة الإعدام، انطلاقاً من عدم حظرها وفق القانون الدولي، فيما تعكف الحكومة على دراسة وضع عقوبة الإعدام منذ سنوات.
اقرأ أيضاً: لماذا خرج مهاتير محمد خالي الوفاض من السباق الانتخابي؟
وأعلنت الحكومة الماليزية أن تطبيق التعديلات القانونية سيكون بأثرٍ رجعي على الجرائم التي صدر بحق مرتكبيها عقوبة الإعدام، ولم تنفذ، ويبلغ عددهم حوالي 400 شخص، سيكون لديهم القدرة على طلب إعادة النظر في الأحكام الصادرة بحقهم من قبل المحكمة الفيدرالية فور اعتماد القانون.
يشيد عبد الرشيد إسماعيل، الرئيس السابق لجميعة حقوق الإنسان في ماليزيا، خلال تصريحاتٍ تليفزيونية بالتعديلات الجديدة التي تراعي العديد من الأمور المرتبطة بالظروف التي يمكنها تخفيف الحكم، وهو ما سيكون لدى المحاكم صلاحية القيام به، فور دخول القانون حيز التنفيذ، مشيراً إلى أن هناك ضرورة أيضاً خلال اللقاءات المجتمعية التي جرَت مع عائلات الضحايا أن يكون هناك تأكيد بأن إلغاء الزامية عقوبة الإعدام لا يعني الإفلات من العقاب، فالعقوبة البديلة ستكون السجن ما بين 30 و40 عاماً.
شاهد: رئيس وزراء جديد لماليزيا.. مَن هو؟ وكيف سيقود البلاد؟

يقول أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة تسمانيا، والخبير في السياسة الماليزية، جيمس تشين، في تعليقٍ لـ”كيوبوست” إن تطبيق عقوبة الإعدام من الأساس أمرٌ خطير للغاية، وهو ما يستلزم إعادة النظر فيها، مشيراً إلى أن التحرك البرلماني الأخير لا يعتبر إلغاءً للعقوبة التي لا تزال موجودة في القوانين الماليزية حتى الآن.
وأضاف أن التعديل منح القضاة سلطة تقدير تخولهم إما فرض عقوبة الإعدام أو توقيع عقوبة طويلة الأمد، وهي خطوة مهمة، لكن لابد من أن يتبعها سعي لإلغاء عقوبة الإعدام بشكلٍ كامل، خاصة وأن هناك أشخاصاً محافظين للغاية يعتقدون بأن عقوبة الإعدام تشكِّل رادعاً قوياً.