الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
ماكرون يدق ناقوس الخطر في وجه التهديد التركي داخل فرنسا
مصدر حكومي فرنسي: الهدف النهائي لهذه الاستراتيجية هو تدريب الأئمة الفرنسيين في فرنسا والتوقف عن استيرادهم من الخارج.. فضلًا على ضمان أن تكون المساجد في فرنسا مستقلةً عن أي تمويل خارجي.. لا سيما التمويل التركي والقطري

كيوبوست
“الانفصالية الإسلامية”، هي مدخل الحملة التي قادت رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، إلى شرق فرنسا، وتحديدًا إلى مدينة ميلوز في إقليم الألزاس؛ لدق ناقوس الخطر وإظهار التصميم على العمل ضد الإسلام الراديكالي؛ خصوصًا ذلك الذي يحظى بتمويل تركي منقطع النظير.
حاول إيمانويل ماكرون في الخطاب الذي وجَّهه خلال هذه الجولة واستمع إليه الفرنسيون باهتمام، عرض تدابيره الأولى الرامية إلى رسم استراتيجية تهدف إلى مكافحة ما وصفه بـ”الانفصالية الإسلامية” الممتزجة بالراديكالية والتطرف. وكان الرئيس الفرنسي واضحًا عندما قال: “في الجمهورية، ليس للإسلام السياسي مكان، ولن نسمح لتركيا بتطبيق قوانينها على أرضنا”.

الخطر التركي
وفي ما يتعلق بالجزء الأول من هذه التدابير، تطرَّق الرئيس الفرنسي إلى “التدخلات والتأثيرات الأجنبية”، وكيفية العمل للحد منها، في إشارة بشكل رئيسي إلى التدخلات التركية؛ خصوصًا في مسألة تعيين أئمة بعض المساجد في فرنسا، وهم أئمة يسعون إلى انتهاج سياقات “انفصالية” عن المجتمع تسعى لشدّ الشباب المسلم بعيدًا عن مبادئ الجمهورية، والتكتل حول كيانات إسلاموية تشجع على الانحراف الفكري وتغذِّي موجات التطرف والإرهاب في البلاد.
في فرنسا اليوم هناك نحو 300 إمام؛ كل عام يُرسلون أو يُعينون مباشرةً من الخارج، وتحديدًا من دول كتركيا والمغرب والجزائر؛ وهو أمر يثير كثيرًا من الجدل في فرنسا، كما يؤكد الإمام حسن شلغومي، إمام مسجد درانسي ورئيس مؤتمر أئمة فرنسا، مشيرًا إلى أن “الدولة الفرنسية عليها أن تضطلع بمسؤوليتها تجاه هذه الظاهرة، وتمسك بزمام المبادرة للقضاء عليها”.
اقرأ أيضًا: ماكرون يهاجم أردوغان بسبب نقض وعوده في مؤتمر برلين
وأضاف شلغومي، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، بالتزامن مع عقد منتدى أئمة أوروبا الأول بالقرب من باريس: “على السلطات الفرنسية أن تُشرف بنفسها على برنامج لتأهيل هؤلاء الأئمة، بما يتسق والسعي إلى التقليص من هذه الظاهرة؛ فهناك أئمة أكفاء في فرنسا للقيام بهذا الدور، ويجب أن يعول عليهم للوقوف في وجه تركيا التي تحاول فرض أجندتها المرتكزة على الإسلام السياسي في فرنسا”، أمر أكده مصدر حكومي فرنسي، لافتًا إلى أن “الهدف النهائي لهذه الاستراتيجية هو تدريب الأئمة الفرنسيين في فرنسا والتوقف عن استيرادهم من الخارج”، فضلًا على ضمان أن تكون المساجد في فرنسا مستقلةً عن أي تمويل خارجي؛ لا سيما التمويل التركي والقطري، وهو التمويل الذي يؤرق السلطات الفرنسية خلال الأعوام الأخيرة، وكان محل جدل كبير في وسائل الإعلام الفرنسية.

كان من أبرز التدابير التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون، في خطابه، ما يتعلق أيضًا بتعليم اللغة الأصلية لأطفال المهاجرين؛ حيث ستُلغى ابتداءً من هذا العام دروس اللغة الأصلية التي كانت حتى اليوم غير إجبارية داخل المدارس النظامية؛ لكنها تتم بالتعاون مع مدرسين أجانب تُشرف عليهم حكومات أجنبية، وعلى رأسها تلك التي تشرف عليها الحكومة التركية، بعد أن كشفت تقارير عن حمل عديد من هؤلاء المدرسين أفكارًا متطرفة يتم نقلها بشكل تلقائي عبر دروس اللغات إلى حديثي السن.
اقرأ أيضًا: أصابع قطر والإخوان المسلمين تطبع الانتخابات البلدية في فرنسا
هذا التعليم يجب أن يتم بإشراف حكومي؛ حيث ستوفر فرنسا، حسب ماكرون، تعليمًا نظاميًّا للغة التركية مع مدرسين فرنسيين؛ لكن تركيا ترفض حتى الآن أي شكل من أشكال التخلي عن السيطرة التي فرضتها طيلة السنوات الماضية على هذه المدارس، ما دفع الرئيس الفرنسي إلى تحذير تركيا في خطابه من محاولة المناورة في هذا الصدد: “لا يمكن أن تكون لدينا قوانين تركية على الأراضي الفرنسية”، قالها ماكرون بنبرة حازمة، في وقت تشهد فيه العلاقات الفرنسية- التركية أحد أسوأ فصولها؛ بسبب الخلاف حول الملفَّين الليبي والسوري، فضلًا عن ملف الهجرة غير الشرعية.
اقرأ أيضًا: كيف يخترق أردوغان الجالية التركية في فرنسا؟
لكن الجدل الذي أعقب خطاب الرئيس الفرنسي قد تجاوز الجدل الذي ساد قبله؛ حيث اعتبر أعضاء ينتمون إلى حزب أقصى اليمين في فرنسا، أن هذه التدابير ضعيفة وغير كافية لكبح جماح التطرف التركي ومحاولاته السيطرة على الجالية التركية في فرنسا، واستشهد أحدهم في تصريح متلفز بالمناسبات الوطنية والقومية التركية، وكيف يرفع العلم التركي وصور رجب طيب أردوغان من قِبَل أشخاص يحملون جنسيات فرنسية، وينبغي أن يعبروا عن اندماجهم بشكل أفضل من ذلك.