الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

ماكرون وأردوغان.. أربع قضايا سممت علاقاتهما

سلطت الحادثة التي وقعت مؤخراً في البحر الأبيض المتوسط الضوء على الخلافات المتصاعدة بين فرنسا وتركيا في ليبيا.. لكنها ليست قضية الخلاف الأولى بين الجانبين

كيوبوست

اتخذ التوتر بين فرنسا وتركيا منعطفاً جديداً في الأيام الأخيرة؛ حيث يتهم البلدان -المختلفان في رؤيتهما للصراع الليبي- بعضهما بعضاً بلعب “لعبة خطيرة” في هذا البلد الذي دمرته الحرب الأهلية.

استمر الخلاف بين هذين العضوين المتحالفين في “الناتو”، واتخذ شكل اشتباك عسكري غير مسبوق في البحر الأبيض المتوسط ​​في 10 يونيو الماضي؛ لكن الخلاف يعود إلى سنوات عدة حول ملفات عدة. وحسب إيمانويل ماكرون، فإن هذا الحادث الأخير وما تلاه من شجب، يؤكد “الموت السريري” لمنظمة حلف شمال الأطلسي.

ماكرون يعلن 24 أبريل يوماً لإحياء ذكرى الأرمن- “أ ف ب”

إذا كان قلب العداوة بين البلدين موجوداً اليوم في ليبيا، فإن القوتين الأطلسيتين قد اختلفتا دبلوماسياً في الماضي وبشكلٍ منتظم. وسنستعرض هنا أربعة أمثلة تسببت في توتر العلاقات بين باريس وأنقرة، خلال الفترة الماضية:

اجتياح ​​كردستان

في أكتوبر 2019، أخذ الصراع السوري منعطفاً خطيراً مع انسحاب القوات الأمريكية؛ وهي فرصة اغتنمتها القوات التركية التي شنت هجوماً عسكرياً كبيراً لاستعادة الأراضي الواقعة تحت سيطرة الأكراد في شمال شرق البلاد، وهم الحليف السابق لفرنسا في القتال ضد تنظيم داعش.

طلبت باريس “الوقف الفوري للهجوم التركي” ضد القوات الكردية في شمال شرق سوريا. ثم أعلن إيمانويل ماكرون أن الهجوم الذي شنته تركيا “يمكن أن يؤدي إلى عواقب إنسانية كبيرة، وعودة (داعش) إلى المنطقة، وزعزعة استقرار دائمة في شمال شرق سوريا”. وأضاف الإليزيه أن “فرنسا تدين التحرك التركي بأشد العبارات”، ونتيجة لإصرار أنقرة على موقفها، علقت فرنسا بيع الأسلحة لتركيا.

اقرأ أيضاً: الاختراق التركي المقلق في ليبيا

الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن

في أبريل الماضي، أحيت فرنسا رسمياً ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن؛ وهي قضية حساسة للغاية بالنسبة إلى تركيا. يؤكد الأرمن أن 1,5 مليون منهم قتلوا بشكل منهجي على يد قوات الإمبراطورية العثمانية، خلال الحرب العالمية الأولى. لكن أنقرة ترفض استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية”، مستحضرةً المذابح المتبادلة على خلفية الحرب الأهلية والمجاعة.

أزعجت هذه الاحتفالات أنقرة، ثم انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أولئك الذين “يعطون دروساً” لتركيا حول “الإبادة الجماعية الأرمنية”؛ لا سيما فرنسا، التي اتهمها بالمسؤولية عن الإبادة الجماعية في رواندا.

ومنذ عام 2001، “اعترفت فرنسا علناً بالإبادة الجماعية للأرمن”. رئيس الوزراء إدوارد فيليب، ترأس إحياء الذكرى هذا العام بحضور عدد كبير من المسؤولين، واختار إيمانويل ماكرون يوم 24 أبريل “يوماً وطنياً لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن”، والتي سيتم الاحتفال بها كل عام.

“لعبة خطرة” في ليبيا

إن الحرب الدائرة في ليبيا هي ساحة الصراع البارزة إلى حد ما بين فرنسا وتركيا. بدا ذلك واضحاً عندما حثّ إيمانويل ماكرون، الرئيس التركي، يوم الاثنين الماضي، على إنهاء تدخل بلاده في ليبيا؛ حيث تدعم أنقرة عسكرياً حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قِبل الأمم المتحدة في طرابلس، في مواجهة قوات المشير خليفة حفتر، المدعوم من أطراف إقليمية ودولية.

فرقاطة ليبية في السواحل الليبية- “رويترز”

قال ماكرون: “أعتقد أن تركيا تلعب لعبة خطرة في ليبيا، وتنتهك جميع التزاماتها بعدم التدخل، والتي تم التعهد بها في مؤتمر برلين”، جاء ذلك خلال لقائه، في الإليزيه، نظيره التونسي قيس سعيّد. وأضاف أن “ذلك في مصلحة ليبيا وجيرانها والمنطقة بأكملها، وأيضاً أوروبا”.

يوم الثلاثاء، حان دور أنقرة للرد: ​​”من خلال الدعم الذي تقدمه باريس منذ سنوات إلى الجهات غير الشرعية في ليبيا، تتحمل فرنسا حصة كبيرة من المسؤولية حيال انزلاق ليبيا إلى الفوضى”، على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، والذي اتهم  فرنسا أيضاً بـ”لعب لعبة خطرة في ليبيا”.

اقرأ أيضاً: ماكرون يدق ناقوس الخطر في وجه التهديد التركي داخل فرنسا

حادثة عسكرية في البحر المتوسط

هي آخر حادثة أدَّت إلى تسميم العلاقات بين فرنسا وتركيا، فأثناء سعيها للتحقق من سفينة شحن يشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا، تم استهداف سفينة فرنسية ثلاث مرات بواسطة رادار على متن فرقاطة تركية في البحر الأبيض المتوسط؛ وهي المناورة التي شكلت صدمة بين الحلفاء في “الناتو”؛ سلوك وصفته فرنسا بأنه “عدواني للغاية”.

قالت باريس: “هذه القضية في نظرنا خطيرة للغاية؛ لا يمكننا أن نقبل أن يتصرف حليف بهذا الشكل، هذا العمل استهدف سفينة لحلف شمال الأطلسي تحت قيادة الحلف، وتقود مهمة رسمية لهذا الحلف”، وبينما تصر أنقرة على أن هذه المزاعم “لا أساس لها من الصحة”، وجَّه مسؤولون أتراك اتهامات إلى السفينة الفرنسية المعنية بالقيام بـ”مناورة عالية السرعة والمخاطر”، وأن السفينة التركية حاولت مساعدتها، تلك المزاعم لم تنطلِ على أحد؛ خصوصاً داخل مظلة الحلف الأطلسي، بينما طالبت باريس الاتحاد الأوروبي بفتح نقاش مفتوح ودون سقف حول علاقته مع تركيا، والاستحقاقات التي ينبغي أن تلتزم بها أنقرة، إذا ما رغبت في الحفاظ على علاقاتها مع الكيان الأوروبي.

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة