الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

ماذا نفعل عندما يكون تكييف الهواء مسألة حياة أو موت؟

مع ازدياد حرارة الأرض سوف يزداد الطلب على مكيفات الهواء التي تؤدي إلى مزيدٍ من الاحترار على كوكبنا

كيوبوست- ترجمات

كايت كوهين♦

في عام 1902، سجل المهندس الأمريكي ويليس كاريير براءة اختراع لجهاز أطلق عليه تسمية “جهاز معالجة الهواء” لغرض التحكم في نسبة الرطوبة في المطابع. وسرعان ما انتشر استخدام هذا الجهاز في دور السينما والمصانع والمكاتب والمتاجر الكبيرة. وفي أواخر الثلاثينيات، ظهرت وحدات النافذة المنزلية، لكن في ذلك الوقت كان مكيف الهواء في المنزل دليل على الثروة والطبقة الاجتماعية.

في الولايات المتحدة، يستخدم 88% من المنازل مكيفات الهواء، بينما يعاني ذوو الدخل المحدود من الحرارة الشديدة، وهؤلاء غالباً ما يعيشون في المدن المزدحمة، ويعانون من عواقب مميتة أحياناً. ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، تسببت الحرارة الشديدة في وفاة أكثر من 3000 بين عامي 2018 و2020، ومن المؤكد أن عدد الأيام الشديدة الحرارة آخذ في الازدياد. وهذا يعني أن مكيف الهواء لم يعد رمزاً للرفاهية، بل أصبح مسألة حياة أو موت. ولكن ما الذي حوّل مكيف الهواء إلى ضرورة؟

اقرأ أيضًا: هل يمكننا الخروج من فخ مكيفات الهواء؟

في الواقع لقد ساهم مكيف الهواء نفسه في ذلك. فقد أتاح اختراع كاريير للناس العيش في مناطق لم تكن ملائمة من قبل بسبب شدة حرارتها. فمدينة فونيكس، مثلاً، تعاني من 53 يوماً في العام تتجاوز فيها درجات الحرارة 43 درجة مئوية، وشهدت أكثر من 300 حالة وفاة مرتبطة بالحر الشديد في عام 2020. ولكن فونيكس أصبحت مدينة رئيسية بسبب انتشار استخدم مكيفات الهواء بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ ارتفع عدد سكانها من أقل من 250,000 نسمة عام 1950 ليصل إلى 4.5 مليون في عام 2022.

اقرأ أيضًا: ويليس كارير.. المنقذ من حر الصيف

ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فكلما استخدمنا مكيفات الهواء أكثر، ازدادت حرارة كوكبنا. كانت مكيفات الهواء القديمة تستخدم مركبات الكربون الكلوروفلورية التي أضرت كثيراً بطبقة الأوزون، إلى أن حلت محلها مركبات الهيدروفلوروكربن الأقل تأثيراً على طبقة الأوزون، ولكنها لا تزال تسبِّب الاحتباس الحراري بدرجة أكبر بكثير من ثاني أكسيد الكربون والميثان.

وحتى لو نجحت جهود العلماء في إيجاد بديلٍ عنها، وتم التوصل إلى مكيفات هواء خالية من غازات الاحتباس الحراري، فستبقى هذه الأجهزة تساهم كثيراً في رفع درجة حرارة الأرض؛ لأنها تعمل على الكهرباء التي تأتي من حرق الوقود الأحفوري غالباً.

انتشار استخدام مكيفات الهواء في آسيا يثير مخاوف الغرب حول طبقة الأوزون- نيويورك تايمز

ومع ازدياد حرارة الأرض سوف يزداد الطلب على مكيفات الهواء التي تؤدي إلى مزيدٍ من الاحترار على كوكبنا، وستزداد معاناة من لا يقدرون على تحمل تكاليف مكيفات الهواء. ولمواجهة هذه المعضلة علينا التعامل مع مكيف الهواء كضرورة، ونستخدمه فقط عندما نكون بأمس الحاجة إليه، وعندما نفعل ذلك علينا أن نستخدمه باعتدال.

وقبل بضع سنوات أوصى برنامج “إينيرجي ستار” الفيدرالي بضبط منظمات الحرارة في المنازل عند 25.5 درجة مئوية، ولكن هذه التوصية لم تلقَ قبولاً واسعاً، وبدا أن الرأي السائد هو أن التوفير في قيمة استهلاك الكهرباء لا يستحق الشعور بالحر، ولكن إذا فكرنا قليلاً في إنقاذ كوكبنا وأنفسنا من تكاليف الطاقة يمكننا أن نبدأ بقاعدة صيفية واحدة على الأقل: لا قشعريرة في المنزل.

♦كاتبة عمود في صحيفة “ذا واشنطن بوست”.

المصدر: ذا واشنطن بوست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة