الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون دولية
ماذا نعرف عن ضريح إمبراطور الصين الأول وجيشه الطيني؟

كيوبوست- مدى شلبك
في يوم 29 مارس عام 1974 وخلال محاولة عدد من المزارعين حفر بئر في مدينة شيان شمال غرب الصين، عثر المزارعون الصينيون على شظايا تمثال طيني، وسجل هذا اليوم باعتباره بداية لاكتشاف معلم أثري من زمن الأساطير والحكايات؛ ضريح الإمبراطور الأول تشين شي هوانج، أو ما يُعرف أيضاً بضريح محاربي “التيراكوتا”.
بناء الضريح
يعتبر تشين شي هوانج الإمبراطور الأول للصين، وتولى الحكم منذ عام 246 ق.م حتى عام 221ق.م، بعد أن تمكن من توحيد مجموعة من الممالك المتحاربة في الصين، وربط الولايات بعضها ببعض عبر الطرق والقنوات، كما اعتمد نظاماً وحَّد من خلاله العملات المعدنية والأوزان والمقاييس، ويُنسب إليه الفضل بالشروع في بناء سور الصين العظيم.
اقرأ أيضاً: 100 عام على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.. ما الذي يجب أن تعرفه؟
وفور توليه الحكم، أمر الإمبراطور تشين بالبدء في بناء ضريحه تحت الأرض، في مدينة شيان (تشانغآن سابقاً؛ عاصمة الصين الأولى)، وتميَّز الضريح بضخامته؛ إذ استغرق علماء الآثار أكثر من نصف عام للعثور على حوافه فقط، ويرجِّح المؤرخون أن غرض تشين من تشييد الضريح الذي يضم جيش التيراكوتا؛ إما لحمايته بعد الموت وإما استعداداً منه لحياة جديدة في الحياة الآخرة، وهذا يفسر سعيه إلى الخلود.
أبهر الضريح العالم بمحتوياته، فبعد عمليات الحفر التي بدأتها فرق التنقيب المحترفة، اكتُشف أن الضريح يضم جيشاً من التماثيل الطينية بالحجم الطبيعي، وبلغ عددها ثمانية آلاف جندي. والأكثر إدهاشاً من عدد التماثيل؛ تمايزها بناء على طلب تشين، فلا يوجد تمثال يشبه الآخر، لذلك عمل الحرفيون على تشكيل ملامح وتعابير مختلفة لوجه كل تمثال؛ بحيث تظهر انفعالاتها وأعمارها والمنطقة الجغرافية التي تنتمي إليها.

كما يختلف زيّ التماثيل، حسب رتبها العسكرية، وأشارت الأبحاث إلى أنه بعد تشكيل التماثيل ووضعها في الأفران، جرى تلوينها وتزيينها، بينما تحوَّل لونها، بفعل الزمن، إلى الرمادي.
اقرأ أيضاً: من المستفيد من المواجهة مع الصين؟
كما احتوى الضريح على تماثيل لخيول فرسان وعربات تجرها خيول وأسلحة وسيوف وأسهم، ولم يكتفِ الإمبراطور تشين بتجهيز نفسه بجيش، فقد احتوى الضريح العملاق، والذي عمل به نحو 700 ألف عامل، على تماثيل لراقصين وموسيقيين وبهلوانيين وعمال عموميين وحيوانات؛ ما يشير إلى أنه أراد عيش حياة أخرى بعد الموت.
جزء غير مكتشف
ورغم العدد الضخم من الآثار المكتشفة في الضريح؛ فإن عمليات الحفر والتنقيب لم تنتهِ بعد، لكنها توقفت حرصاً على باقي المقتنيات، ونظراً لقدسية المكان وتعقيدات الموقع. ولا يزال قبر تشين نفسه غير مكتشف. ويضم الضريح، وفقاً لكتابات تاريخية، عجائب أخرى؛ فبالرجوع إلى كتابات مؤرخ البلاط، سيام تشيان: “امتلأ القبر بنماذج من القصور والأجنحة والمكاتب وكذلك الأواني والأحجار الكريمة والنوادر”.

وتفيد الروايات أن الضريح يضم مجاري أنهار من صنع الإنسان تحاكي النهر الأصفر ونهر يانغتسي في الصين، ويتدفق فيهما الزئبق إلى بحر عبر التلال والجبال البرونزية، وقد كشف تحليل التربة عن وجود مستوى عالٍ من الزئبق، إضافة إلى أحجار كريمة تمثِّل الشمس والقمر والنجوم الأخرى. بينما أشار فراغ إحدى المساحات التي تم التوصل إليها من الضريح، إلى توقف عمليات تشييد الضريح، بعد وفاة تشين وقيام انتفاضات ضد السلالة وانهيارها عام 207 ق.م.
يُذكر أنه تم إدراج الضريح ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” عام 1987.