الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

ماذا بعد اعتقال زعيم تنظيم القاعدة في اليمن؟

يمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حالياً بأصعب أوقاته.. وسوف يزيده اعتقال خالد باطرفي ضعفاً.. لكن ذلك لا يعني موت الإرهاب في اليمن

كيوبوست

كشف تقريرٌ للأمم المتحدة، الخميس، عن أن زعيم تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب خالد باطرفي، تم اعتقاله منذ بضعة أشهر في محافظة المهرة، جنوب شرق اليمن. كانت تقارير غير مؤكدة قد أشارت إلى خبر اعتقال باطرفي في أكتوبر الماضي؛ لكن لم يتم تأكيد المعلومات من قِبل أية جهة، بما في ذلك تنظيم القاعدة ذاته، والذي لم يعيِّن أي قائد جديد خلفاً لباطرفي إلى اللحظة.

وفي حين أن إرجاء إعلان خبر اعتقال خالد باطرفي، بضعة أشهر، قد يكون مُبرراً لدواعٍ أمنية واستخباراتية، فإن ما يثير التساؤلات هو صمت تنظيم القاعدة، والنجاح في اعتقال زعيمه حياً خلافاً لمصير أسلافه. كان باطرفي قد تولى قيادة تنظيم القاعدة في فبراير العام الماضي، خلفاً لقاسم الريمي، الذي قُتل في غارة أمريكية بعد أن قاد التنظيم لنحو خمس سنوات، عقب مقتل ناصر الوحيشي في غارة جوية أيضاً.

اقرأ أيضاً: اليمن.. كيف يساعد الإرهابيون الساسة على البقاء في الحكم؟

وصف محلل شؤون الإرهاب في شبكة “سي إن إن” اعتقال باطرفي حياً، بأنه أمر “محرج” لتنظيم القاعدة؛ إذ يُنسب إلى خالد باطرفي قوله “استشهاد القادة دليل على صدقها”؛ لكن، ومن جانبٍ آخر، يمكن اعتبار عملية اعتقاله مؤشراً آخر على تزايد ضعف تنظيم القاعدة، وترهل سلسلة قيادته، وتمكن الجواسيس منه، وهو خطر لطالما توجس منه تنظيم القاعدة، وحاول محاربته دون توفيق.

نفذ تنظيم القاعدة في اليمن عدة هجمات ارهابية

من جبال أفغانستان إلى قفار اليمن

انضم خالد باطرفي إلى تنظيم القاعدة في عام 1999. بدأ مشواره في أفغانستان، ثم سافر إلى اليمن في عام 2010؛ حيث أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حينها، سيطرته على محافظة أبين، وعُيِّن باطرفي أميراً لها. لكن باطرفي سرعان ما اعتُقل في عام 2011، وبقى مسجوناً حتى عام 2015، حين أُطلق سراحه من السجن عندما سيطر تنظيم القاعدة على مدينة المكلا. ولم يكد يمر عام حتى حُررت المدينة من قبضة تنظيم القاعدة؛ ليهيم باطرفي ومئات الإرهابيين الآخرين في المناطق الداخلية الوعرة، والمحافظات صعبة التضاريس، واشتهر خالد باطرفي بصورته في القصر الرئاسي بالمدينة، وقد ظهر فيها وهو يدوس علم الجمهورية اليمنية بقدمه.

اقرأ أيضاً: رموز “الإصلاح” في اليمن.. انتهازية سياسية كشفت عنها الأزمات

ظهر باطرفي في عدة فيديوهات دعائية لتنظيم القاعدة بعد هروبه من السجن، وهدد باستهداف اقتصاد ومصالح الولايات المتحدة. وفي عام 2018، أعلنتِ الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمَن يدلي بمعلومات عنه. وبينما كان باطرفي يسعى جاهداً للترويج لتنظيم القاعدة، كانت أعداد كبيرة منهم يُقتلون أو يُعتقلون، أو ينشقون عنهم، أو يندسون تجسساً عليهم، متسببين في إضعاف التنظيم.

رُب ضارة نافعة

اُعتبر سقوط مدينة المكلا، وما جاورها من مدن أخرى على طول ساحل حضرموت، انتكاسة كبيرة في الأزمة اليمنية، ومكسباً لتنظيم القاعدة الذي يسعى لملء واستغلال الفراغ الأمني. وعلى الرغم من أن تلك حقائق لا يمكن تجاهلها بالطبع؛ فإنه كان هناك بعض المنافع أيضاً، تمثَّل أهمها في تسهيل استهداف العناصر الإرهابية التي شعرت بأمان لبعض الوقت.

خالد باطرفي بعد هروبه من سجن المكلا

تعتبر مدينة المكلا؛ وهي عاصمة محافظة حضرموت، صغيرة نسبياً من حيث المساحة. كما تتميز منطقة ساحل حضرموت أيضاً بسهولة تضاريسها مقارنة بمعظم أجزاء البلاد؛ وقد أسهمت كل تلك الخصائص في إتاحة الفرصة لمراقبة تحركات أعضاء تنظيم القاعدة، واستهداف قياداتهم بغارات جوية أمريكية أثناء سيطرتهم على منطقة ساحل حضرموت، ومن بين تلك القيادات التي قُتلت بالمكلا كان ناصر الوحيشي، زعيم التنظيم قبل كل من قاسم الريمي وخالد باطرفي.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر علاقات الحكومة بالجماعات الإسلامية على وحدة اليمن واستقراره؟

من ناحيةٍ أخرى، أدَّت سيطرة تنظيم القاعدة على المنطقة الساحلية وتمركزها في مدينة المكلا، طوال عام، إلى انضمام بعض المتعاطفين والمؤيدين، وحتى الانتهازيين الذين ليس لهم أي ولاء فكري؛ وكان انضمامهم من أجل الكسب المادي أو النفوذ فحسب.

الأعضاء الجدد جعلوا التنظيم أكثر عرضة للاختراق والانقسام؛ إذ خاض الجناح المتعاطف الجديد صراعاً مع الجناح القديم الذي أظهر مستوى وحشياً من التطرف والإرهاب، لم يكن في حسبان الأعضاء الجدد، كما أصبح ضعف الثقة بين الأعضاء مدمراً مع تزايد الغارات الجوية.

يمر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حالياً بأصعب أوقاته، وسوف يزيده اعتقال باطرفي ضعفاً؛ لكن ذلك لا يعني موت الإرهاب في اليمن، فوفقاً للتقارير وشهود العيان، يتزايد اصطفاف الكثير من أعضاء تنظيم القاعدة إلى جانب ميليشيات حزب الإصلاح، الجناح العسكري للإخوان المسلمين في اليمن، وهذه ليست علاقة جديدة بقدر ما هو تعديل لأسلوب العمل والقيادة يلائم المرحلة العصيبة الراهنة.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

منير بن وبر

باحث في العلاقات الدولية وشؤون اليمن والخليج

مقالات ذات صلة