الواجهة الرئيسيةشؤون عربيةفلسطينيات

مؤتمر الفصائل الفلسطينية.. خلافات وانقسامات لا تخفيها الشعارات

مراقبون لـ"كيوبوست": ما جاء في لقاء الفصائل الفلسطينية عكس غياب رؤية موحدة.. وأكد فشل تلك الفصائل في مواجهة الواقع ومواكبة المستجدات على الساحة الدولية

كيوبوست

سلَّط مؤتمر قادة الفصائل الفلسطينية، الذي اختتم مؤخراً، الضوءَ على الفارق بين الخطابات الشعبوية التي تنتهجها الفصائل الفلسطينية، وما يحدث على أرض الواقع على المستوى السياسي العربي والدولي من جهةٍ أخرى. فعلى الرغم من الإعلان الإسرائيلي أن قرار وقف الضم جاء بموجب اتفاق السلام الإسرائيلي- الإماراتي؛ فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زعم أن منع المخططات الإسرائيلية جرى بثبات موقف السلطة.

وخلال المؤتمر الذي تضمن كلماتٍ حماسية من قادة منظمة التحرير وحركة حماس، وتأكيدات ضرورة فتح الحوار بينهما مجدداً بعد سنواتٍ من القطيعة، ظهر واضحاً في الكلمات التي ألقاها عباس وهنية وقيادات الفصائل، الانعزال الواضح عما يحدث في العالم؛ خصوصاً أن المفاوضات بين السلطة وإسرائيل متوقفة منذ سنوات وحاولت عدة دول؛ من بينها مصر، إعادة تحريكها؛ لكن الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني شكَّل العائق الأبرز حتى الآن.

جانب من المؤتمر

“المؤتمر لم يكن ناجحاً؛ لأن الواقع الفلسطيني مأزوم وبحاجة إلى إجراءات عملية أكثر”، حسب الكاتب الفلسطيني فوزي بن سليمان، والذي يقول لـ”كيوبوست”: “إن ما حدث في المؤتمر لم يخرج عن المواقف السابقة المعلنة بلغة خطابية حماسية؛ لكن ليس له أية علاقة بما يحدث على أرض الواقع، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة تشكيل اللجان التي تناقش ولا تصل إلى نتائج”.

ووصف ابن سليمان مسألة الحشد بأنها غير منطقية؛ خصوصاً أن منظمة التحرير ذهبت بنفسها للتفاوض وعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل وقبلت التفاوض، فلماذا تنكره على دول أخرى في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الموقف الحالي يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات حول أسباب تعثر المفاوضات النهائية أكثر من مرة في اللحظات الأخيرة دون كشف جميع التفاصيل إلى الرأي العام.

  اقرأ أيضًا: عضو فتحاوي لـ”كيوبوست”: بوادر تراجع في لهجة الحركة الفلسطينية ضد الإمارات

مخيب للآمال

إبراهيم عنباوي

يصف مدير مؤسسة أفكار السلام، إبراهيم عنباوي، المؤتمر بأنه مخيب للآمال؛ بسبب ما عكسه من غياب وجود رؤية موحدة للتعامل مع القضية الفلسطينية، وبشكل بات يهدد القضية نفسها، ويفتح الباب أمام إسرائيل للقفز على الحقوق الفلسطينية في ضوء وجود فصائل متناحرة على السلطة تكون ولاءاتها للخارج، مشيراً إلى أن الأمر يتطلب ضغوطاً تُمارس على مختلف الأطراف من الدول العربية؛ لمنع تحول الأمر إلى كارثة يكون المتضرر منها هو الشعب الفلسطيني في المقام الأول.

وأضاف عنباوي أن هناك حالة هروب من المواجهة مما يحدث على أرض الواقع؛ وهي سياسة متبعة من الفصائل ظهرت بشكل أوضح في المؤتمر، مؤكداً أن غياب القيادة سيضعف القضية عالمياً ويفقدها الاهتمام الدولي.

شاهد: فيديوغراف.. اتفاق السلام الإماراتي- الإسرائيلي لحظة فريدة

أحمد الإسماعيلي

“يمثل اجتماع الفصائل الفلسطينية حدثاً مفصلياً للبيت الفلسطيني الواحد”، حسب الباحث والدكتور العماني أحمد الإسماعيلي، الذي يؤكد أن الاجتماع لم ينعقد منذ عشر سنوات تقريباً، وهو ما يجعله حدثاً مهماً من أجل إعادة صياغة القضية الفلسطينية، والتفكير فيها من جديد؛ لأن تلك القطيعة التي حدثت بين منظمة التحرير الفلسطينية و”حماس” أدت إلى تراجع الموقف الفلسطيني، وعدم قدرته على صياغة مقاربات عقلانية سياسية مع إسرائيل.

وأضاف الإسماعيلي أن غياب التواصل بين الفصائل الفلسطينية وضعفه أدَّيا إلى انعطافة خطيرة في العلاقات العربية- الفلسطينية، معتبراً أن الاجتماع يمثل أهمية كبيرة للفلسطينيين في الدفاع عن حقوقهم المشروعة دولياً، وإعادة تقييم موقفهم السياسي بناء على التحولات السياسية التي تحدث في الواقع العربي والعالمي، وليس من خلال خطابات هلامية فقط.

وأكد الإسماعيلي أن هذا الأمر يمثل أكبر تحدٍّ للفلسطينيين أنفسهم؛ لأنه دون إيجاد مقاربات سياسية موحدة بين جميع الفصائل الفلسطينية، فإن القضية ستكون معقدة أكثر، متوقعاً أن يكون من ضمن المقاربات الفلسطينية تفكير عقلاني أكثر مرونة من قِبل “حماس”؛ لأن القضية خسرت كثيراً من الداعمين لها سابقاً، بسبب المواقف الأحادية من قِبل الحركة، وستخسر كثيراً إذا استمرت في إحداث قطيعة سياسية مع الدول العربية المختلفة معها في رؤيتها السياسية.

اقرأ أيضًا: اتفاق إسرائيلي- إماراتي يخلق واقعاً جديداً لصعود قوة إقليمية

مروان البلوشي

يشير مروان البلوشي؛ باحث الدكتوراه الإماراتي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة إدنبرة في بريطانيا، إلى أن خطوة اجتماع الفصائل المختلفة المتناحرة، ومن ثمَّ إطلاق نية بدء المناقشات لتوحيدها، هي في 2020 الفعل الوحيد الذي تستطيع “دولة فلسطين” اتخاذه، وهي التي لا تزال تُدار بعقلية أقرب منها للتنظيم الحركي منه لدولة، ولا تملك في هذه اللحظة الأصعب في التاريخ الفلسطيني أياً من أدوات القوة التي تمكنها من تحقيق مصالحها الوطنية.

يؤكد البلوشي أن الفلسطينيين لم يقوموا بإدارة سياستهم الخارجية كدولة على مدار تاريخهم؛ “فلا يزالون في 2020 يكررون نفس الممارسات الفصائلية من مماحكات سياسية”، يتخللها التقاتل الإعلامي -وفي بعض الأحيان الأمني- تلك الممارسات التي ترسل ذات الرسائل إلى الداخل والخارج؛ فالداخل ينتظر أن يسمع رسالة تستحضر المحافظة على المطالب الفلسطينية -أياً كانت درجة واقعية تحققها- وأيضاً المحافظة على تدفق المساعدات الدولية، فهذه المساعدات تمول استمرار الكثير من الأجهزة التابعة للسلطة الفلسطينية، وأبرزها المؤسسة الأمنية هناك والتي تشهد بدورها محاولات اختراق من الفصائل الأخرى؛ حيث إنها “جائزة مغرية للقبض من الخارج”.

شاهد: فيديوغراف.. واقع جديد لصعود قوة إقليمية

وأضاف الباحث الإماراتي أن الرسالة للخارج أقل تفاؤلاً فعلياً؛ وهو ما يعني أن القضية الفلسطينية لم تعد مهمة كما كانت سابقاً، بل لم تعد منذ غزو العراق في 2003 ومنذ اندلاع أحداث الربيع العربي، على لائحة الملفات الأسخن والأكثر أهمية بالنسبة إلى القوى الفاعلة في منطقتنا، كما أنها لم تعد -كما يبدو- محركاً عاطفياً لبعض الشعوب العربية.

تضرر الفلسطينيون من الانقسام

وشدد البلوشي على أنه من بين التحديات التي تقف عائقاً أمام تقديم رؤية سياسية فلسطينية هو الاختلاف الجذري في التفكير والمرجعية السياسية لكلٍّ من “حماس” ومنظمة التحرير، لافتاً إلى أهمية إدراك أن موازين القوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تعد كما كانت قبل 50 عاماً، مؤكداً أن كل الجهود التي يقوم بها الفلسطينيون في إطار الشرعية الدولية تظل مقبولة ولها شرعيتها الدولية؛ لكن كل ذلك ليست له علاقة بالرؤية السياسية التي تتبناها بعض الدول العربية المغايرة للموقف الفلسطيني.

وعكَست كلمات بعض أعضاء الفصائل أموراً غير منطقية؛ ومن بينها طرد الدول المطبعة مع إسرائيل من جامعة الدول العربية، وهو أمر غير منطقي وغير مقبول سياسياً؛ لأن مصر والأردن اللذين يمتلكان اتفاقيات سلام موقعة مع إسرائيل يلعبان دوراً مهماً في القضية الفلسطينية، ويوفران دعماً دولياً سياسياً للمطالب الشعبية.

قطاع غزة الأكثر كثافة سكانية في العالم- “أ ف ب”

يقول الكاتب الفلسطيني فوزي بن سليمان، إن الانتقادات التي يتم توجيهها إلى الإمارات على موقفها تبدو غريبة مقارنة بمواقف السلطة من مصر والأردن؛ وهما الدولتان الأوليان اللتان وقعتا اتفاقيات سلام تأثيرها أكبر بكثير من اتفاقية التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي التي أُعلن عنها مؤخراً، لافتاً إلى أن منظمة التحرير بموقفها السابق والخاص بقبول التفاوض مع إسرائيل لا يمكنها بعد ذلك أن توجه لوماً إلى مَن يقوم بما قامت به سلفاً من أجل تحقيق أهدافها.

يؤكد الدكتور أحمد الإسماعيلي أن التطبيع العربي- الإسرائيلي لا يعني موت القضية الفلسطينية، ولا يعني دعم الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، وإنما هو طريق آخر للحوار دعماً للعقلانية السياسية؛ وهو ما يجب أن تستفيد منه الفصائل الفلسطينية في تعزيز موقفها ورؤيتها السياسية؛ بحيث لا تغلق على نفسها وتكتفي بالشعارات.

 اقرأ أيضًا: كيف تعاملت الصحافة الإسرائيلية مع اتفاق السلام الإماراتي- الإسرائيلي؟

يشير مروان البلوشي إلى أن كرة المبادرة في يد الفلسطينيين؛ ولكن لكي تتدحرج هذه الكرة وتسجل أهدافاً في الملاعب الجيوسياسية في منطقتنا يتوجب أن يكون اللاعب الفلسطيني قوياً، مشيراً إلى أن توحُّد الفصائل الفلسطينية لن يغير من موازين القوة في العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، كما أن موقفه من التأثير على التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل ليس معلوماً بدقة؛ خصوصاً أن هذا القرار أصبح مرتبطاً بحسابات منفصلة، والصورة في اللحظة الآنية شاحبة وغير مبشرة للقيادة الفلسطينية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة