الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
لُعبة الإخوة الأعداء والأجندات الخفية لأردوغان وبوتين في سوريا

كيوبوست- ترجمات
تنسيق واسع النطاق يجري بين روسيا وتركيا بشأن سوريا؛ خصوصًا بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بأن بلاده ترغب في تحقيق تواصل بين الحكومة التركية في أنقرة والحكومة السورية في دمشق، غداة إعلان تركيا التجهيز لعملية عسكرية في شرق الفرات ضد الأكراد. “كيوبوست” ينشر ترجمة مقال نُشر مؤخرًا في “مودرن بوليسي” تطرَّق إلى التنسيقات التركية- الروسية بشأن سوريا….
في السابع والعشرين من أغسطس الماضي، تم افتتاح معرض ماكس الدولي للطيران والفضاء 2019 في مدينة جوكوفسكي الروسية بالقرب من موسكو؛ حيث التقى كلٌّ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، خلال فاعليات يوم الافتتاح؛ لمناقشة أجندة العمل الثنائية بين البلدَين، وقد بدا التقارب واضحًا بين الزعيمَين على الرغم مما يبدو على السطح من خلافات.
وربما تشهد العلاقات الروسية- التركية تطورًا ملحوظًا على أصعدة مختلفة، إلا أن اللقاء الأخير شهد تركيزًا على موقف البلدَين حيال الأزمة السورية؛ حيث كانت هناك عدة أمور مطروحة على طاولة النقاش، من بينها التساؤل عما إذا كانت تركيا راغبة الآن في إجراء المزيد من العمليات العسكرية في سوريا، وكيف سيكون موقف روسيا حيال ذلك.
ومؤخرًا سبق اللقاء الرئاسي بين بوتين وأردوغان عدة لقاءات بالغة الأهمية، نجح أولها، في 21 أغسطس الماضي، في تحديد الجهة المممولة للشركة التي ستقوم بتأسيس منشأة “أكويو إن بي بي” الاستراتيجية، ثم أعقبه البدء في تسليم الدفعة الثانية من منظومات الصواريخ الروسية للدفاع الجوي “إس- 400” إلى قاعدة “مرتد” الجوية في أنقرة، وذلك بعدما استثنت الولايات المتحدة أنقرة من عمليات بيع صورايخ “إف- 35″؛ عقابًا لها على شراء أنظمة الصواريخ تلك من روسيا، كما يتوقع المحللون أن تتطلع تركيا في المستقبل إلى شراء طائرات “سو- 35″ و”سو- 57” من موسكو؛ وهي الطائرات الحربية التي شاهدها الرئيس التركي بنفسه في أثناء المعرض.
اقرأ أيضًا: “إس- 400” تزيد حيرة أردوغان.. العداء مع روسيا أم أمريكا؟
لكن وعلى ما يبدو أن اللقاء الذي جمع الرئيسَين التركي ونظيره الروسي يأتي على خلفية تصاعد الأحداث في إقليم إدلب السوري، فضلًا عن الإعلان عن تأسيس مركز العمليات المشترك بين كلٍّ من تركيا والولايات المتحدة. ويعنى ذلك أن اللقاء جاء تعبيرًا عن رغبة الطرفَين في تجاوز أي تعارضات في وجهات النظر تتعلق بالوضع في سوريا؛ وهو ما قاد الرئيسَين إلى عقد هذا الاجتماع الذي لم يكن مخططًا له منذ البداية، خصوصًا بعد المكالمة التليفونية العاجلة التي أجراها كلاهما في الثالث والعشرين من الشهر نفسه.

وركز الرئيس الروسي على توضيح نقطتَين مهمتَين، خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء؛ بطبيعة الحال لم تخرج أي منهما عن الوضع في سوريا، وبالأخص عن تصور موسكو عن كيفية التعامل معه؛ حيث تتركز الأولى في رغبة موسكو في العمل من خلال بنود محادثات السلام بالأستانة، خصوصًا في ما يُعرف بانطلاق الجمعية التأسيسية للدستور السوري، التي يُتوقع لها أن تبدأ نشاطاتها من العاصمة السويسرية جينيف في المستقبل القريب.
التواطؤ مع سوتشي
سبق أن عبَّرت أنقرة عن استيائها من قيام النظام السوري بالسيطرة على شمال حماة وجنوب محافظة إدلب، بما في ذلك مدينة خان شيخون، وعلينا أن لا ننسى أن هناك نحو مئتي جندي تركي محاصرون في مدينة مورك؛ هؤلاء الجنود الذين تم تجنيدهم من قِبَل تركيا للخدمة في مركز مراقبة مهمته الرقابة على تنفيذ بنود مذكرة سوتشي، وهي المذكرة التي تم الاتفاق عليها بتاريخ 17 سبتمبر 2018؛ للتخفيف من حدة الأحداث في منطقة إدلب السورية.
وبعد تفاقم الأزمة على إثر ورود تقارير حول قيام النظام السوري بتوجيه ضربة جوية غير متوقعة استهدفت قافلة تركية، أجرى الرئيسان الروسي والتركي مكالمة تليفونية عاجلة كانت نتيجتها تدخل قوات الشرطة العسكرية الروسية لتحول بين القوات السورية والكتيبة التركية الصغيرة الموجودة بمركز المراقبة. ولعل وضع بالغ التوتر كهذا قد يدفع أنقرة إلى اتخاذ بعض الإجراءات للخروج من هذا الوضع السيئ؛ من بينها سحب جنودها من مورك، ومن ثَمَّ توجيه قواتها لخوض عمليات جديدة في شمال سوريا؛ حيث يوجد الأكراد المدعومون من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما قد يدفع روسيا إلى محاولة إصلاح هذا الوضع المتأزم عبر تسهيل التفاوض بين النظام السوري والأكراد في شمال سوريا.

وعلى الرغم من مساندة أنقرة الدائمة للمعارضة السورية؛ فإنها وافقت على التوقيع على مذكرة سوتشي بغرض محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى تحقيق بعض الأهداف الأخرى؛ منها فتح الطرق السريعة التي تربط محافظتَي حماة ودمشق من جهة واللاذقية وإدلب من جهة أخرى، حيث كان هذا البند هو أهم أهداف موسكو من مذكرة سوتشي لتهدئة الوضع في إدلب، نظرًا إلى أهمية الطريقَين من الناحية الأمنية، وبمجرد تأمين الطريقَين ستكون البنية التحتية اللوجستية مستعدة لإعادة التشغيل مرة أخرى، ومن ثَمَّ إعادة ربط الأقاليم السورية واستعادة الحركة الاقتصادية في ما بينها.
اقرأ أيضًا: حرب استعراض القوة بين أمريكا وروسيا
وقد نفذ النظام السوري بعض الهجمات المتقطعة بمحافظة إدلب خلال ما يقرب من ستة أشهر، بمساعدة القوات الجوية الروسية. وعلى الرغم من شروع دمشق في إعلان هدنة بتاريخ 1 و2 أغسطس الماضي بعد انخراطها في جولة مفاوضات مع بقية الأطراف في عين سلطان؛ فإن الهجمات التي قامت بها الميليشيات المسلحة أفشلت قرار وقف إطلاق النار بعد ذلك بفترة قصيرة، وهو ما دفع قوات النظام السوري إلى تكثيف نشاطاتها العسكرية هناك بالتحالف مع القوات الروسية؛ حيث تم تنفيذ معظم الهجمات خلال ساعات الليل ومنتصف الليل باستخدام القوات الخاصة السورية (قوات النمر)، ولا يمكن نفي أهمية السلاح الروسي في تلك الهجمات؛ حيث تم تزويد قوات النمر بمدرعات “تي 90 إيه” المزودة بخاصية الرؤية الليلية والتصوير الحراري؛ ما مكَّن القوات البرية من اختراق دفاعات الميليشيات الإرهابية والجماعات المعارضة لنظام الأسد في شمال محافظة حماة.
من جانب آخر، نجحت هيئة تحرير الشام المجرَّمة من قِبَل روسيا في إحكام قبضتها على محافظة حماة؛ حيث توسعت خلال الفترة الأخيرة من خلال ضم بعض الجماعات الأخرى المناصرة لتركيا. وعلى الرغم من نجاح تركيا في تهدئة الوضع هناك؛ فإنها فشلت في وضع حلول جذرية تخدم مصالح قوات المعارضة المتحالفة مع أنقرة والمعروفة بالجبهة الوطنية للتحرير، ويبدو أن مذكرة سوتشي لم تنجح في عقد تحالف قوي بين الجانبَين الروسي والتركي، ويمكن فهم ذلك بالنظر إلى ما يقوم به المحللون الإعلاميون على الساحات الإعلامية في كلا البلدَين؛ حيث يتم تبادل الاتهامات فضلًا عن قيام كل طرف بالتقليل من شأن الآخر.
اقرأ أيضًا: لماذا قبلت مجموعات جهادية أجنبية بالعمل تحت مظلة تركيا في سوريا؟
ولم يتوقف الوضع عند هذا الحد؛ حيث أصدر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، تصريحات من شأنها تأكيد شرعية التحركات العسكرية للنظام السوري، وذلك على اعتبار أنها لم تتعرض لخرق الاتفاقات الروسية- التركية المتضمنة في مذكرة سوتشي. فمن وجهة نظر لافروف، كان على النظام السوري التصدي للجماعات الإرهابية التي هددت أمن الدولة السورية بالكامل، كما شكلت تهديدًا مباشرًا على القاعدة الروسية الجوية هناك، وهو ما نجح فيه النظام السوري بعد أن أحكم قبضته على تلك الجماعات، كما أن تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في سوريا من شأنه أن يضر بالعلاقات الروسية- التركية.
ملف الأكراد
ويمكن الوقوف على بعض الأمور المبشرة بتحسُّن العلاقات بين أنقرة وموسكو، نخص بالذكر منها العلاقات الاقتصادية، فإلى جانب اتفاق الطرفَين على إتمام بعض المشروعات المشتركة بالغة الأهمية؛ فإن أردوغان نفسه سبق أن أصدر بعض الوعود التي من شأنها زيادة حجم التجارة الثنائية بين البلدَين من 20- 30 بليون دولار أمريكي، وهو الحجم الحالي للتجارة المشتركة، إلى 100 بليون دولار.. وهي الوعود نفسها التي أعاد أردوغان تأكيدها في معرض ماكس الدولي؛ ما يعبر عن رغبة الجانبَين في عدم تعرُّض العلاقات التي تجمعهما إلى الانهيار؛ خصوصًا بعد حالة الجمود التي أصابتها منذ عام 2016.
بعد أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن مخططاته لشن عمليات عسكرية ضد الأكراد في شمال شرق سوريا، من الممكن تخمين بعض الأمور عن السياسة التركية الحالية؛ من بينها وجود توجه عام نحو التركيز على الخطورة التي يمثلها الأكراد، من وجهة النظر التركية. وعلى ما يبدو أن هناك رغبة لدى أنقرة في عدم ربط نفسها بالكامل ببنود محادثات السلام بالأستانة؛ ما يفسر ميل تركيا الحالي إلى التعاون مع الولايات المتحدة، وربما تكون العمليات العسكرية في منطقة عبر الفرات هي مفتاح فهم السياسة التركية الحالية؛ حيث يتم استخدامها من قِبَل أنقرة للضغط على التحالف القائم بين الولايات المتحدة والأكراد.

ويتلخص الهدف الظاهري لسياسات تركيا في رغبتها في منع الأكراد في شمال سوريا من الانخراط في تحقيق بعض أهدافهم في تلك المنطقة. وفي حال نجاح تركيا في هذا الشأن، فإنها ستتمكن من قطع الصلات بين أكراد تركيا وسوريا، ومن ثَمَّ ستتمكن من إعادة اللاجئين السوريين إلى المنطقة التي اصطلح الأطراف مؤخرًا على تسميتها بالمنطقة الآمنة، ومن الجدير بالذكر أن السواد الأعظم من هؤلاء اللاجئين ينتمي إلى طائفة المسلمين السُّنة.
اقرأ أيضًا: انسحاب أمريكي من سوريا.. الأكراد في عين العاصفة وحروب متوقعة لسد الفراغ
ويبدو أن هناك تلاقيًا في وجهات النظر بين أنقرة وواشنطن حول هذا الأمر؛ حيث حاولت الولايات المتحدة إقناع الأكراد أكثر من مرة بضرورة وجود هذه المنطقة الآمنة. لكن السؤال الأهم في تلك الرواية والذي يمكن أن تترتب عليه أمور شتى، يتلخص في الآتي: إلى أي عمق سترغب تركيا في نشر قواتها داخل الأراضي السورية؟ ومن المؤكد أن الأتراك يرغبون في الوصول إلى مسافة تبلغ 30 كيلومترًا في عمق الإقليم، وهي المنطقة المحكومة من قِبَل قوات سوريا الديمقراطية المعروف عنها ولاؤها للولايات المتحدة، وربما ترغب الأخيرة في منح تركيا حرية التحرك في مسافة لا تزيد على خمسة كلومترات، وهو ما ورد في بعض التقارير المسربة حديثًا، لكن يبدو أن رغبة واشنطن تتعارض بشكل كبير مع مخططات القيادة السياسية بأنقرة.
إشارات خفية
وفي إجابة له عن أحد الأسئلة التي أثيرت خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء الرئاسي، عبَّر الرئيس الروسي عن تقديره لرغبة تركيا في تأمين حدودها الجنوبية، كما أشار إلى أن السياسة الروسية تجاه هذا الشأن تنطلق من فرضية واضحة، مغزاها أن إقامة منطقة آمنة عند الحدود الجنوبية للجمهورية التركية سيكون حلًّا جيدًا لضمان وحدة سوريا نفسها.
هناك اعتقاد راسخ لدى القيادة السياسية في تركيا يتلخص في كون كلٍّ من قوات سوريا الديمقراطية ووحدات الحماية الشعبية الكردية تشكلان مصدر الخطورة الأول على الحدود الجنوبية لتركيا؛ حيث تسيطر وحدات الحماية الشعبية على المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، كما تتهم أنقرة كلتا الحركتَين بتحالفهما مع حزب العمال الكردستاني، وفي الوقت نفسه لا تتوانى روسيا عن تذكير أنقرة باتفاقية عام 1998، والتي تضمنت بعض البنود التي اتفق عليها كلٌّ من أنقرة ودمشق؛ لتأمين المناطق الحدودية بين البلدَين، وهو ما كان يعتبر حلًّا للمسألة الكردية في ذلك الوقت، لكن تركيا لم تتوانَ عن اتهام النظام السوري بدعم زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان؛ ربما في محاولة منها للإفلات من القيود التي تفرضها عليها تلك الاتفاقية.

وقد أفصح الرئيس التركي أكثر من مرة بشأن اتخاذه قرارًا جادًّا بإطلاق عملية عسكرية ثالثة بخلاف عمليتَي درع الفرات وغصن الزيتون؛ وهو ما يمكن تفسيره برغبة أردوغان في توجيه إشارات خفية إلى كل من الولايات المتحدة وروسيا، لكن الأمر يتخذ أبعادًا مختلفة على أرض الواقع، فلكي تشرع تركيا في تنفيذ هذا الهجوم على شمال سوريا عليها التأكد أولًا من بعض المقومات اللوجستية؛ منها توافر الدعم الجوي ومساندة الجماعات الحليفة لأنقرة هناك، لكنها بالإضافة إلى ذلك تحتاج إلى الحصول على الضوء الأخضر من كلٍّ من واشنطن وموسكو قبل الشروع في أمر كهذا، حتى لو تم التعبير عن هذا التوافق في وجهات النظر من خلال الصمت.
اقرأ أيضًا: رسالة أوجلان لأردوغان.. مناورة للتهدئة أم نهاية للحلم الكردي؟
ويفسر كل ما سبق رغبة تركيا في إحداث توافق مع الجانب الروسي، وستكون نتيجة هذا التوافق على أقل تقدير إتاحة الفرصة لتعليق هجمات النظام السوري على محافظة إدلب ولو بشكل مؤقت؛ وهو ما سيمكِّن المعارضة السورية من التحرك نحو المنطقة الواقعة شمال شرق سوريا التي تنوي تركيا ممارسة عملياتها العسكرية الجديدة فيها.
ومن الممكن أن يتوافق كل من أنقرة وموسكو والجماعات الحاكمة في إدلب على منح نظام الأسد فرصة استعادة الطرق السريعة (إم4 وإم5)؛ حينئذٍ ستصبح المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا غنيمة سهلة للجيش التركي. لكن السؤال الأهم من كل ما سبق يتعلق بعملية التوافق أصلًا: هل سيتم هذا التوافق أم لا؟ أما عن كيفية قيام كل طرف من تلك الأطراف بممارسة عملياته العسكرية فهو أمر متروك لقدرة كل منها على النجاح من عدمه.
مفترق الطرق
وهناك أيضًا سؤال آخر في غاية الأهمية: كيف ستتصرف الولايات المتحدة حيال هذا الأمر؟ وهل ستقوم بتقديم بعض التنازلات لتركيا؟ فمن المتوقع أن تتمكن روسيا من التواصل مع الأكراد بمجرد بدء تركيا في إطلاق عملياتها العسكرية، وحينها سيدرك الأكراد أن تحالفهم مع الولايات المتحدة لم يعد كافيًا.
الأكراد على الجانب الآخر يجدون أنفسهم في مفترق الطرق، فخطوة واحدة قد تتسبب في نزع كل المكتسبات التي حصلوا عليها خلال الفترة الماضية؛ بما فيها الأقاليم التي يسيطرون عليها الآن، وهو ما قد يدفع روسيا إلى محاولة تهيئة الأجواء لعمل مفاوضات بين الأكراد ودمشق؛ لتجنيب الأكراد تبعات التصادم مع تركيا.
اقرأ أيضًا: تقسيم سوريا بين 3 أطراف.. السيناريو أكثر وضوحًا من ذي قبل
وفي حالة قيام تركيا بتنفيذ تهديداتها، والدخول في عملية عسكرية ضد الأكراد؛ فإنها بذلك تكون قد نجحت في حفظ ماء الوجه بعد الخسائر التي تعرضت لها في إدلب، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى قد يفتح هذا الأمر المجال أمام روسيا لجذب النظام السوري والأكراد لمائدة المفاوضات. وهناك عوامل أخرى ينبغي أن تؤخذ في الحسبان؛ أهمها موقف الولايات المتحدة، وهل تخطط لاستمرار الوجود على الأراضي السورية من عدمه، وهنالك أيضًا المواقف المتبادلة بين النظام السوري والأكراد، وهل سيستمر كلا الطرفين في التعامل من أرضيتَين مختلفتَين بالكامل كما هو الوضع الآن أم لا؟
ويمكننا الاعتقاد بأن هناك تفهمًا واضحًا بين كلا الجانبَين التركي والروسي حول الوضع المعقد لعلاقتيهما، وكم المشكلات التي يمكن أن يثيرها تطور تلك التعقيدات، وهو ما يميز قيمة التعاون المشترك بين البلدين؛ خصوصًا في الفترة الراهنة، وكيف يمكن أن يحرك هذا التعاون مجموعة من المشكلات المتأصلة؛ لذا ينبغي أن يتم هذا التعاون على خلفية فهم الدولتَين للمصالح المشتركة التي تجمعهما، وكذلك ضرورة تنسيق مواقفهما خلال الفترة القادمة.
المصدر: مودرن بوليسي