الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

ليبيا.. المشري يتراجع عن تأييد باشاغا خشية خسارة الإسلاميين

تذبذب مواقف المجلس الأعلى للدولة والمتزامنة مع استنفار المجموعات المسلحة في طرابلس ينذر بسيناريوهات خطيرة في ليبيا

كيوبوست- فاطمة بدري

عكسَ تراجع رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، عن تأييد تكليف البرلمان لوزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، لتشكيل حكومة ليبية، تذبذبَ مواقفه وتضاربها، ورجَّحَ فرضيةَ تعرضه إلى ضغوط وخوفه من خسارة دعم الإسلاميين له الذين يؤيدون بقاء الدبيبة، كما عزَّزَ المخاوفَ من العودة إلى مربع العنف والانقسام؛ لا سيما أن تصريحاته تزامنت مع رصد تحركات لبعض المجموعات المسلحة المحسوبة على إخوان ليبيا في مدينة طرابلس.

وأعلن المشري، في بيان مقتضب، نشره المركز الإعلامي على “فيسبوك”، صباح الأربعاء ١٦ فبراير، أن “إصدار مجلس النواب قرار تكليف رئيس للحكومة قبل عقد جلسة رسمية للمجلس الأعلى للدولة والبت في هذا الشأن، إجراء غير سليم ولا يساعد في بناء جسور الثقة بين المجلسَين”.

اقرأ أيضاً: هل تملك حكومة فتحي باشاغا الجديدة مفاتيح الحل في ليبيا؟

وأربك تصريح المشري مجدداً المشهد السياسي في ليبيا غير المستقر أصلاً، وزاد من غموض المرحلة القادمة؛ خصوصاً في ظل الانقسامات المتواصلة صلب المجلس الأعلى للدولة؛ إذ صدر عن أعضاء هذه المؤسسة الرسمية الليبية بيانان متضاربان، الأول ضم 75 عضواً داعماً لتكليف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، والثاني ضم 54 عضواً مؤيداً لبقاء رئيس حكومة الوحدة الليبية، المنتهية صلاحياتها، عبدالحميد الدبيبة.

لا شيء واضحاً في المشهد السياسي الليبي- (صورة وكالات)

حاضنة إسلامية

ويبدو أن المشري يدرك أن أغلب أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الذي يرأسه، يؤيدون قرار تكليف باشاغا، ولعل هذا ما دفعه لاتخاذ موقفه المؤيد للأخير قبل أيام قليلة؛ ولكن التحركات الميدانية، سواء على المستوى الشعبي أو على مستوى الجماعات المسلحة الرافضة لخروج الدبيبة وتولي باشاغا رئاسة الحكومة، في صفوف الإسلاميين، أربكته ودفعته للتراجع؛ خوفاً من خسارة حاضنته الشعبية المتكونة أساساً من الإسلاميين. كما أن المشري وهو يتابع خطوات الدبيبة المتتالية من أجل حشد الرأي العام في المنطقة الغربية وتحريكه الفصائل المسلحة المحسوبة على الإسلاميين، يخشى أن ينجح في فرض الأمر الواقع على الجميع في ليبيا وإجبار مؤسسات الدولة الليبية على الرضوخ وعدم إبعاده من منصبه مستفيداً من مخاوف الجميع من العودة إلى مربع العنف، وسعيهم لبلورة مشهد سياسي جديد دون استخدام السلاح أو السقوط مجدداً في منزلق التقاتل.

الدبيبة يستنفر الغرب الليبي من أجل البقاء في السلطة- (صورة وكالات)

الباحث السياسي أحمد عليبة، يعتبر أن المرحلة القادمة ستكون عبارة عن مواجهة بين باشاغا والدبيبة، وكل له أوراقه التي بإمكانه اللعب عليها على أرض الواقع، والمجلس الأعلى للدولة ممثلاً خصوصاً في رئيسه، يحاول أن يجد لنفسه مكاناً ضمن هذه المعادلة؛ سواء مع الدبيبة أو مع باشاغا، وهو ما أوقعه في التناقض في مواقفه.

اقرأ أيضاً: ليبيا تتحرك لتجفيف أبواق الإسلاميين الإلكترونية

أحمد عليبة

وقال عليبة لـ”كيوبوست”: بالنسبة إلى باشاغا هو أمام فرصة نوعية للقيام بتفكيك معسكر الغرب الليبي، القائم على تحالفات النخب السياسية والميليشيات، بالإضافة إلى ظهور فرصة واعدة في التعامل مع ملفات القواعد العسكرية الأجنبية والمقاتلين الأجانب، لاعتبارات تتعلق بدور باشاغا إبان حكومة الوفاق في تشكيل جانب من هذه الظواهر؛ وهو ما يشكِّل معطًى إضافياً للتعامل مع أكثر المهددات تأثيراً على العملية السياسية، وسيشكل ذلك قوة مضافة لعملية توحيد المؤسسات.

أما بالنسبة إلى رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة، فإن مساعيه -حسب عليبة- للبقاء في السلطة لن تتوقف، وبالتالي سيظل أحد الفاعلين، على نحو قد يفرض سيناريوهات غير متوقعة على المسار المقبل، في ظل استعانته بالميليشيات كإحدى أدوات الدعم الرئيسية لهذه الصيغة، والتي يمكن تقسيمها ما بين ميليشيات أو فصائل مسلحة تسعى إلى جني أرباح الصراع المسلح بمنطق أمراء الحرب، وميليشيات ترى أن تجسير العلاقة ما بين الشرق والغرب سيهدد مصالحها؛ لا سيما في ظل حضور المشير حفتر في المشهد والمعروف بعدائه الشديد  للميليشيات، والتي تبادله بالتبعية العداء المستحكم.

باشاغا يواصل تحركاته لتشكيل الحكومة- (صورة وكالات)

وتم تنصيب الدبيبة، العام الماضي، رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية؛ وهي هيئة جرى تشكيلها عبر عملية دعمتها الأمم المتحدة لتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة، والإشراف على الفترة التي تسبق الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر.

وبعد انهيار العملية الانتخابية، وسط خلافات بين الفصائل حول قواعدها، تحرك البرلمان للسيطرة على العملية السياسية بإعلان خارطة طريق جديدة للانتخابات واستبدال الحكومة المؤقتة. ويعتبر مجلس النواب أن التفويض الذي منحه لحكومة الدبيبة قد انتهى، بينما يؤكد الأخير أنه لن يتنازل عن السلطة، إلا لحكومة منتخبة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

فاطمة بدري

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة