الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون عربية
ليالي رمضان في بغداد.. الأمان يعيد الروح لبغداد القديمة وأكلاتها التراثية
باتت مناطق الأعظمية وشارع الصدرية مقصداً لعشرات الآلاف من الزوار كل يوم، وتكتظ المطاعم قبل موعد السحور بالعائلات والشبان؛ حتى أن بعض العائلات تجد صعوبة في حجز طاولةٍ لها..

كيوبوست- أحمد الفراجي
ينعكس التحسّن الأمني الذي شهدته العاصمة العراقية؛ بغداد، في السنوات الأخيرة، على أجواء شهر رمضان. أوقات خاصة ومميزة تعيشها العائلات العراقية، في ظل الإقبال الكبير على المطاعم التي تفتح أبوابها في الشهر الفضيل حتى الفجر، وتزخر قائمتها من الطعام بالعديد من الأكلات الشعبية الشهيرة.
أشهر الأكلات الشعبية
لا تزال بعض الأكلات التراثية لدى سكان العاصمة بغداد تحظى باهتمامٍ بالغ خلال شهر رمضان المبارك. وعلى الرغم من اندثارها في بعض المدن، فإن الكثير من العراقيين ما زالوا يفضلونها ويعتبرونها جزءاً أساسياً من الطقوس الرمضانية، وخاصةً في أوقات السحور، وأبرز هذه الأكلات؛ القشطة، قيمر العرب مع الكاهي الحار، الكباب، الأجبان بأنواعها، فضلاً عن القبلاء بالدهن الحار، الباجا، السمك على التمن، الكبة، والكبدة.

أغلب هذه الأكلات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بذاكرة المناطق البغدادية العتيقة وتراثها، ويتم إعدادها وطبخها بشكلٍ خاص في الأعظمية وشارع الصدرية الشهيرين وسط بغداد، وقد باتت هذه المناطق مقصداً لعشرات الآلاف من الزوار كل يوم، وتكتظ المطاعم قبل موعد السحور بالعائلات والشبان؛ حتى أن بعض العائلات تجد صعوبةً في حجز طاولةٍ لها. يأتي العراقيون من مختلف المدن إلى هاتين المنطقتين، للاستمتاع بطقوس الشهر الفضيل، وعيش أجواء رمضانية تتميز بالجمال والبهجة والسرور.

جولة في بغداد القديمة
“كيوبوست” تجوّل وسط تلك المناطق وشاهد كيف يتهافت العراقيون على المطاعم، ليعيشوا أجواء رمضان التي افتقدوها طويلاً، حيث عبّر العديد منهم عن فرحهم برؤية بغداد وهي تزدان جمالاً في شهر رمضان، وسط أجواء مفعمة بالأمن والأمان.
يقول المواطن بلال نبيل لـ”كيوبوست”، وهو من سكان بغداد وصاحب مطعم الرسول في شارع الصدرية المتخصص بالأكلات البغدادية القديمة، إن الشارع يشهد إقبالاً كبيراً من قبل العراقيين في أوقات السحور والفطور على السواء.
وعدّد أبرز أنواع الطعام التي يقدمونها، ومنها الكاهي والقيمر؛ أي القشطة، وأيضاً المشويات بأنواعها، والمخلمة (وهي عبارة عن بيض مع اللحم).
ويضيف: هذه الأكلات لها نكهة خاصة خلال شهر رمضان، ونحرص على إعدادها لكثرة الطلب عليها، وعلى رأسها القيمر الذي يوضع في إناء ويُخلط معه الكاهي ليُقدّم كوجبة سحور طيبة المذاق. والكاهي العراقي هو نوع من الفطائر الهشة، يشبه “الفطير المشلتت” في مصر، أما القيمر فهو نوع من القشطة العراقية الدسمة. ويُعَد من حليب الجاموس الموجود في أهوار العراق جنوب البلاد.
بدوره؛ يعلّق حمزة ماهر قائلاً لـ”كيوبوست”، إنه يأتي كل أسبوع تقريباً إلى شارع الصدرية مع مجموعة من أصدقائه طلباً للأكلات الشعبية، ويقول إنها من التراث البغدادي القديم، وقد بدأت تندثر شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن وظهور مطاعم عديدة في بغداد تقدم والوجبات السريعة والغربية.
عودة الروح
تتميّز أجواء رمضان في بغداد القديمة بلياليها الساحرة والمفعمة بالتراث، عقب سنوات من الإهمال، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشدّدة، شهدتها تلك المناطق سابقاً، فيما تحوّلت اليوم، في ظل تحسّن الواقع الأمني إلى مقصد للمواطنين العراقيين، لاسيما حي أبو سفين، الكاظمية، الكفاح، الأعظمية، الباب الشرقي، وشارع المتنبي.


ويعلّق الشاب ضياء قاسم (موظف حكومي- 33 عاماً) على حالة الاستقرار الأمني التي تعيشها بغداد، بالقول “إن رمضان هذا العام يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة، فقد أضفى الاستقرار الأمني الذي تشهده بغداد رونقاً مختلفاً على الأجواء الرمضانية التي لم نشهد منذ سنوات مثيلاً لها لناحية الأمان”.
وأضاف: “ليالي رمضان لها طعم خاص لدى العراقيين”، مشيراً إلى أن المطاعم تزاول عملها وتستقبل العراقيين حتى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل.

سلطان أبو عرب، وهو صاحب أحد المطاعم في الأعظمية، أشار خلال حديثه لـ”كيوبوست” إلى أن ليالي رمضان هذا العام تشهد حركةً وإقبالاً منقطعي النظير، بسبب تحسن الأوضاع في البلاد وتسهيل رجال الأمن لدخول العائلات والمواطنين القادمين من مختلف المدن العراقية، إلى مدينة الأعظمية.
وأوضح أن العراقيين استطاعوا التغلب على الطائفية؛ إذ “ترى العراقيين من كافة الطوائف يتجمعون في أوقات السحور على مأدبة مطعم أبو عرب والمطاعم الأخرى المجاورة”.

أما الحاج جمال مرعي (63 عاماً)، فيقول إنه يحرص على تناول السحور كل رمضان خارج منزله، للاستمتاع بمذاق الأكلات الشعبية العراقية الشهيرة.
ويلفت مرعي في حديثه لـ”كيوبوست” إلى أن بغداد هي إحدى مدن الحضارة العريقة، كما أنها باتت تتمتع اليوم بالأمان، وهو ما ينعكس على أجواء رمضان هذا العام.