الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
لماذا يواصل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعم حكم “طالبان”؟
الغرض الأساسي من دعم التيارات الإخوانية لـ"طالبان" هو محاولة إظهارها كمجموعة إسلامية لها توجه ينسجم مع توجه التنظيم المقبول غربياً

كيوبوست
رغم الانتقادات الدولية للمكتسبات التي انتزعتها “طالبان” من الشعب الأفغاني مع وصولها إلى الحكم، يواصل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعم حركة طالبان بشكل مكثف؛ وهو ما ظهر في اللقاءات المتكررة بين قيادات “طالبان” ومسؤولي الاتحاد الذين يدعمون الحركة بشكل مباشر ومن دون شروط، وكان آخرها اللقاء الذي جمع أمين الاتحاد علي القرة داغي، مع وفد الحركة برئاسة وزير الخارجية بالوكالة أمير حان متقي.
اقرأ أيضاً: التيارات المتطرفة ونبوءات آخر الزمان: أيديولوجية سياسية أم عقيدة دينية؟
وتثير تحركات الاتحاد لدعم “طالبان”، منذ سيطرة الحركة على العاصمة الأفغانية وهروب الرئيس أشرف غني خارج البلاد، العديد من التساؤلات؛ لا سيما أن الاتحاد سبق أن هنَّأ الحركة بالوصول إلى الحكم مجدداً في أفغانستان رغم تراجع الحريات بشكل واضح، حسب المنظمات الحقوقية الدولية، وخوف الأفغان من سيطرة الحركة على البلاد، والتي يرى البعض أنها قد تكون الوجهة المقبلة لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدد من الدول.

علاقات تاريخية

انطلقت العلاقة بين حركة طالبان وجماعة الإخوان المسلمين من أفغانستان بالأساس، حسب رئيس معهد الباب للدراسات الاستراتيجية جاسم تقي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن العلاقات ممتدة منذ وجود قوات الاتحاد السوفييتي على الأراضي الأفغانية؛ وتحديداً مع الحزب الإسلامي الذي ارتبط بشكل مباشر بجماعة الإخوان في مصر من تسعينيات القرن الماضي.
وأضاف تقي أن هناك فارقاً بين تيارات الإسلام السياسي ومحاولتها الوصول إلى السلطة، وبين فكر “طالبان” وسياستها، والحركة بتركيبتها الحالية ترغب في الحصول على دعم من الجماعات بشكل أساسي، وهو أمر تسبب في مشكلات كبيرة نتيجة دعم “طالبان” للإيغور في الصين على سبيل المثال، وهو ما دفع الصين لممارسة ضغوط على باكستان؛ لإجبار “طالبان” على عدم مساعدة هذه الأقلية أو دعمها.
يعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحد الأفرع الدعوية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، حسب الباحث المتخصص في قضايا الإرهاب الدولي أحمد عطا، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن حركة طالبان تمثل بطريقتها الجديدة الدولة الجهادية العظمى التي ستقود التيارات المتشددة والتنظيمات المسلحة؛ وهو ما سيجعلها حريصة على التواصل مع كل التنظيمات المماثلة لها فكرياً وأيديولوجياً.
وأضاف أن “طالبان” في الوقت الحالي توفر أرضية للتنظيمات الجهادية التي يتوقع أن تشهد دعماً علنياً من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وستحثهم على الذهاب إلى أفغانستان لمساعدة “طالبان”، مؤكداً أن بعض مَن سيذهبون هم ممن دعموا تنظيم داعش مع بداية ظهوره.
اقرأ أيضاً: كيف تشكل الإسلاموية تحديًا خطيرًا للمجتمعات الديمقراطية؟

تستفيد حركة طالبان من وجود مكتب اتحاد علماء المسلمين في الدوحة للقاء علماء مسلمين من مختلف البلاد الإسلامية، حسب رئيس المركز الأفغاني للإعلام والدراسات عبدالجبار بهير، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن الحركة باعتبارها حركة إسلامية يقودها رجال دين، تسعى للاستفادة من شعبية هؤلاء، مشيراً إلى أن الفكر الإسلامي للحركة يختلف عن فكر الإخوان ونظرتهم في الأمور السياسية بشكل كامل، سواء من شكل الدولة والتعدد الحزبي وعمل المرأة.. وغيرها من الأمور؛ بما يجعل هناك خلافات جوهرية بين “طالبان” والحركة.
يشير بهير إلى أن قادة “طالبان” لهم رؤية دينية يسيطر عليها فكر محدد لا يمكن تغييره على الأقل حتى الآن، ومن ثمَّ يستبعد أن يكون هناك انفتاح على التعاون مع الإخوان؛ بمَن فيهم السلفيون الإخوان، مؤكداً أن “طالبان” لا توجد لديها حتى مع وصولها إلى الحكم في أفغانستان رؤية مختلفة في التعامل سياسياً بالحكم.

يختم جاسم تقي مشيراً إلى أن الغرض الأساسي من دعم التيارات الدينية لـ”طالبان” هو محاولة إظهارها باعتبارها مجموعة إسلامية لها توجه محدد ينسجم مع توجه الإخوان المقبول غربياً، باعتبار أنها لن تتورط في أعمال إرهابية وتسعى بطرق سلمية إلى أسلمة المجتمع، وهو توجه مقبول من الصين وباكستان أيضاً.