الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا يهدد إخوان الأردن بالانسحاب من لجنة الحوار الوطني؟

مراقبون يؤكدون لـ"كيوبوست": من المستبعد أن تتجه الدولة الأردنية إلى إشراك الإخوان في الحكم على الطريقة المغربية

كيوبوست- مصطفى أبو عمشة 

تصدَّر خلال الأيام الأخيرة تهديد أطلقته جماعة الإخوان المسلمين بالأردن، ملوحةً بالانسحاب من لجنة الحوار الوطني، إذا ما أصرت السلطات السياسية على التقدم بأية صيغة مسبقة لقانون نظام انتخاب جديد يحافظ على قواعد الصوت الواحد. يأتي هذا التهديد بعد عدة أيام على اختيار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، العديد من الشخصيات الإسلامية؛ بينهم شخصيات بارزة من جماعة الإخوان المسلمين، ضمن “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية”؛ ما أثار تكهنات حول مدى تحسُّن العلاقة المتأزمة بين الجانبين، بلغت حد التوقعات باستدخال الأخيرة في الحكم على طريقة النموذج المغربي.

اقرأ أيضاً: خسارة مستحقة للإخوان المسلمين في انتخابات الأردن

وكان الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي -الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالأردن- مراد العضايلة، قد أعلن أن أية صيغة لها علاقة بقانون الصوت الواحد مرفوضة تماماً وبالمطلق ودون أي نقاش.

فهل يسعى الإخوان لعرقلة عجلة العملية السياسية ولجنة الحوار التي أطلقها العاهل الأردني؟ وكيف ستتصرف معهم الدولة؟ وما الخطوات التي من شأنها احتواء مثل هذا الموقف؟

استبعاد النموذج المغربي

محمد الملكاوي

ويستبعد المستشار والمحلل السياسي والأمني الأردني محمد الملكاوي، أن تتوجه الدولة الأردنية إلى إدخال وإشراك الإخوان في الحكم على الطريقة والنموذج المغربي؛ لأن وجودهم في هذه اللجنة محدد بمجموعة من الأهداف الرسمية، وسوف ينتهي التفويض بمجرد انتهاء عمل اللجنة؛ فلن يكون الإخوان شركاء في الحكم، ولن يكون لهم دور أبعد من دورهم في اللجنة، مشدداً على أن نظام الحكم في الأردن لن يقبل أن يكون “الإسلاميون” شركاء بشكل رئيسي كما هو في النموذج المغربي أو التركي.
ويضيف الملكاوي، في حديثه إلى “كيوبوست”، أن تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن وإشراك بعض القيادات السياسية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، يأتي من باب احتواء الإخوان المسلمين وقياداتهم بالأردن، مشيراً إلى أن الشخصيات التي تم اختيارها في اللجنة هي شخصيات مستقلة؛ الهدف منها إشراك قيادات إسلامية حتى تكون شريكاً في تحديث المنظومة السياسية والتي تأخذ مجموعة من الأبعاد والمحاور بعين الاعتبار.

الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة أعلن أن أية صيغة لها علاقة بقانون الصوت الواحد مرفوضة تماماً دون أي نقاش

ويوضح الملكاوي أن أهم محورَين رئيسيَّين تسعى اللجنة لتحقيقهما والعمل عليهما هما قانون انتخاب مجلس نواب يتواءم مع المرحلة المقبلة، أما المحور الآخر فيسعى إلى التركيز على قانون أحزاب حديث ومتطور، منوهاً بأن اللجنة الملكية تضم مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعشائرية، وممثلين للطيف السياسي الأردني؛ من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن الوسط.

اقرأ أيضاً: إخوان الأردن يشاركون في انتخابات البرلمان.. فما فرصهم؟

ويرى الملكاوي أن تلويح بعض أعضاء الجماعة الإخوانية بالانسحاب من اللجنة سيشكل نقطة ضعف سيئة بحقهم ونقطة قوة للأطراف الأخرى؛ فالمعروف أن الإخوان وقياداتهم يسعون دوماً إلى المغالبة وليس الشراكة، مستبعداً لجوء الإخوان إلى الانسحاب من اللجنة بأية حال من الأحوال؛ لأن انسحابهم سيكون مثلبة بحقهم، فسبق أن رفضوا المشاركة في الانتخابات النيابية السابقة، وخسروا كثيراً من قواعدهم الشعبية.

وبالنسبة إلى قانون الصوت الواحد، يوضح الملكاوي أنه غير مطبَّق في الأردن، والانتخابات الماضية تم إجراؤها بناء على قانون انتخابات جديد يركز على القائمة النسبية المفتوحة، وهذا النموذج يطبَّق في كثير من الدول في العالم؛ لكن الاختلاف في هل هو قائمة نسبية مفتوحة أم قائمة نسبية مغلقة، ملمحاً بأن الأردن اعتمد القائمة النسبية المفتوحة في الانتخابات لإعطاء فرصة لمن يحصل على أعلى الأصوات في القائمة.

جانب من جلسة سابقة للبرلمان الأردني – أرشيف

وفي ما يتعلق بتصريح الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي مراد العضايلة، في تصريحاته الأخيرة، يستبعد الملكاوي أن تلتفت الحكومة ي المرحلة الحالية إلى ما ستقوله الأحزاب والتيارات السياسية، مشيراً إلى أن تسليط الضوء في الوقت الحالي على اللجنة الملكية للإصلاح التي تضم 91 عضواً، منوهاً بأن تصريحات العضايلة هي نوع من إثبات الوجود على الساحة السياسية بعد تراجع دور الإخوان في انتخابات 2016- 2020 من 14 مقعداً إلى 10 مقاعد في الدورة الأخيرة 2020.

اقرأ أيضاً: الأحداث في غزة.. استثمار إخوان الأردن لتحقيق مكاسب شعبية

ويرى الملكاوي أن تراجع الإخوان في الانتخابات الأخيرة جاء لصالح تيارات سياسية وعشائرية ومجتمعية وتيارات في المخيمات الفلسطينية التي أصبحت تمثل نفسها، فقديماً كان الإخوان يفرضون أنفسهم على المخيمات ليكونوا ممثلين لها؛ لكن الآن لديها نوابها، كما أصبح لأصحاب رؤوس الأموال والقيادات الاقتصادية النافذة دور كبير جداً، وقد أثَّر ذلك أيضاً على قوة الإخوان.

تأثير اليسار الأمريكي

محمد أحمد الروسان

في سياقٍ متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد أحمد الروسان، في حديثٍ خاص إلى “كيوبوست”، أن ثمة تفاهمات غير مكتوبة من تحت الطاولة بين الإخوان، وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والدولة تعرف ذلك، على أن يكون لإخوان الأردن من البرلمان القادم حصة أكبر يمكن أن تصل إلى الربع، وهذا ما يسعى إليه الإخوان، وبالتالي فوجودهم جاء رسالة من الدولة لواشنطن؛ لأنه منذ عودة اليسار الأمريكي للحكم، أي الديمقراطيين، لوحظ زيادة في نفوذ الإسلام السياسي.

رائد رباع الظهراوي

ويوضح الروسان أن الإخوان يمكن أن نسميهم “الابن الشرعي” للدولة الأردنية؛ بمثابة أنه تحالف الدين مع السلطة السياسية، مشيراً إلى أن داخل اللجنة الملكية هناك تيار وازن يريد زيادة حصة المكون الأردني من أصل فلسطيني؛ لذلك تجد في الوقت الحالي صراعاً صامتاً بين حركة فتح- التنظيم الأردني والإخوان المسلمين على هذا المكون؛ مَن سيستحوذ على الزيادة ويكون له نفوذ أكبر.

اقرأ أيضاً: إخوان الأردن يستغلون قيودكوروناللعزف على العاطفة الدينية

أما النائب رائد رباع الظهراوي، فيؤكد أنه على مرِّ التاريخ تعاطى الإخوان ضمن مبدأ إما أن يكون كل شيء كما نريد وإما لا، وحتى مشاركاتهم الأخيرة في اللجنة الملكية كانت تحت الضغط، وليست خياراً لهم، معتبراً في حديثٍ إلى “كيوبوست”، أن الإخوان يلجأون إلى خيار التهديد المسبق أو وضع عراقيل مسبقة، أو رفض طرح يتوافق معهم، معتبراً أن الإخوان لن يقبلوا بأي قانون إلا بقوائم وطنية أو حزبية، ولا يعتمد على الصوت الواحد ولا يكون مثل قانون 2012 أو 2016. أما الدولة فلن تتصرف معهم بخطواتٍ معلنة، وستستمر بذات النهج معهم المتمثل في الشد والجذب.

 

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مصطفى أبو عمشة

باحث وكاتب صحفي فلسطيني مهتم بشأن الشرق الأوسط والإسلام السياسي

مقالات ذات صلة