الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا يطالب ابن كيران بإجراء انتخابات مبكرة في المغرب؟

يرى مراقبون أن ابن كيران لا يزال حبيس صدمة الانتخابات التشريعية والهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية

المغرب- حسن الأشرف

عاد عبدالإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية، مجدداً ليكرر مطلب إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في المغرب، بدعوى أن الشعب فقدَ الثقة في الحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش، زعيم حزب “الأحرار”؛ وهي الدعوة التي أثارت ولا تزال تجلب الكثير من الجدل والانتقادات.

ويرى مراقبون أن “ابن كيران لا يزال حبيس صدمة الانتخابات التشريعية لعام 2021 عندما انهزم حزب العدالة والتنمية هزيمة مدوية بوَّأته مرتبة متأخرة ليخرج إلى المعارضة بعد أن مكث في الحكومة 10 سنوات، ويرى آخرون أن الرجل يحاول بناء شرعية جديدة في علاقته مع الناخبين المغاربة”.

اقرأ أيضاً: هل يخرج حزب العدالة والتنمية المغربي من “جلباب” ابن كيران؟

ذريعة فقدان الثقة

ابن كيران كرر مؤخراً مطلب إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في المغرب، مسوغاً ذلك بأن المواطنين المغاربة صاروا يعيشون تحت تدبير حكومة فقدت ثقة الشعب، في إشارة إلى الحكومة التي يرأسها غريمه السياسي عزيز أخنوش.

ووَفق طرح ابن كيران؛ فإن البلاد لا يمكن أن تخشى شيئاً إذا تم إقرار انتخابات سابقة لأوانها، لأن الدولة تستند أساساً إلى الملكية كنظام، والاستقرار لا يرتبط بالحكومة، وقال: “بلادنا مستقرة وآمنة ويحكمها أمير المؤمنين الملك محمد السادس، وبمعنى آخر الاستقرار غير مرتبط بالحكومة”.

عبدالإله بن كيران- زعيم العدالة والتنمية المغربي

ويرى زعيم حزب العدالة والتنمية أن “أخنوش يرأس الحكومة دون ثقة من الشعب المغربي”، وأن المواطن المغربي يعيش في خضم مشكلات اقتصادية واجتماعية عديدة لم تنفع معها وعود “الحزب الحاكم”؛ ما أفقد الشعب الثقة في الحكومة، وهذا كفيل وحده بإجراء انتخابات مبكرة.

وهذا المطلب سرعان ما اعترض عليه القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية، عزيز رباح، الذي أسَّس جمعية جديدة سمَّاها “مبادرة الوطن أولاً ودائماً”؛ حيث قال إن إجراء انتخابات مبكرة مطلب سياسي غير مطروح، وإن المغرب ليس بحاجة إلى إجراء انتخابات مبكرة؛ بل إلى نفس جديد من خلال إجراء تعديلات وزارية مرتقبة لإضفاء حركية جديدة في دواليب الحكومة، ومن خلال الإجابة عن الأسئلة المطروحة من لدن المجتمع المغربي.

محاولة بناء شرعية جديدة

محمد نشطاوي

ويعلق الدكتور محمد نشطاوي، الأستاذ بجامعة مراكش، على هذا الموضوع بالقول إن دعوة ابن كيران إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها تأتي في سياق الجدل الذي أحدثه ملف اختبارات المحامين، والانتقادات التي وجهها المغاربة إلى وزير العدل عبداللطيف وهبي، وهو زعيم حزب في الأغلبية الحكومية.

ويرى نشطاوي، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن ابن كيران حاول استغلال هذا الملف المثير للجدل، إلى جانب مشكلات اجتماعية أخرى؛ من قبيل غلاء المواد الاستهلاكية، وأسعار المحروقات، وتداعيات “كورونا”، وعدم امتلاك رؤية لحل هذه المشكلات، ليشهر أمام الرأي العام مطلب انتخابات مبكرة.

اقرأ أيضاً: لماذا عادت قيادات “العدالة والتنمية” إلى المواعظ الدينية؟

وشدد نشطاوي على أن ابن كيران تناسى أنه كان أحد أسباب المعاناة التي عاشها المغاربة، وأنه كان وراء رفع الدعم عن المحروقات، وأنه سمح، عندما كان حزبه يقود الحكومة، بالحرية للوبيات المحروقات تفعل ما تريد؛ وهو ما انعكس سلباً على أسعار المحروقات إلى اليوم، وما نجم عن ذلك من غلاء الأسعار في الكثير من المواد.

وتابع المتحدث ذاته بأن “ابن كيران كان يحاول تغطية قراره حينها بأن المنافسة هي التي تضبط أسعار السوق، وتناسى أن الاقتصاد المغربي عرف احتكارات في أغلب القطاعات، من قبيل المحروقات والاتصالات وأسعار التأمينات”، مبرزاً أن الانتخابات الأخيرة شكلت رسالة مهمة من الناخبين إلى هذا الحزب؛ حيث تمت معاقبته وتبوَّأ مرتبة متدنية وسط الأحزاب السياسية.

وذهب المحلل عينه إلى أن “ابن كيران يحاول بناء شرعية جديدة في علاقته مع المغاربة، ويسوِّق نفسه على أنه قادر على التصدي لمختلف المشكلات التي يعانيها المواطن، ويحاول أن يظهر أن المواطن أخطأ في وضع ثقته في هذه الأحزاب التي تقود الحكومة اليوم”.

حبيس صدمة الماضي

الحبيب استاتي زين الدين

من جهته، أفاد الدكتور الحبيب ستاتي زين الدين “أنها المرة الثانية التي يدعو فيها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى انتخابات سابقة لأوانها؛ ما دام ضمان الاستقرار، في نظره، غير مرتبط بالحكومة وحدها، بل بالملك بالأساس”، مبرزاً أنه يمكن استحضار ملاحظتَين في هذا السياق.

ويورد زين الدين، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، الملاحظة الأولى متمثلةً في كون ابن كيران لا يزال حبيس صدمة الماضي، فبقدر ما يتميز بذكاء سياسي وقدرة على الإخفاء، تكشف طريقة حديثه ونفسيته في الخرجات الأخيرة تذبذب علاقته بالحزب وتخوفه من تراجع مكانته.

اقرأ أيضًا: هل تُصلِح عودة بنكيران صورة الإخوان المسلمين المشوهة في المغرب؟

التقديرات تخون ابن كيران

عزيز أخنوش وعبدالإله بن كيران أيام الوئام- (صورة: مواقع التواصل)

ولفت زين الدين إلى أن “ابن كيران نفسه خانته تقديراته، ومعه أعضاء حزبه، عندما كان بإمكانه يفعل أو على الأقل حين كان عليه أن يتحدث، على سبيل المثال لا الحصر، عن حقيقة مشكلات الصندوق المغربي للتقاعد والتهديدات المحدقة به، ومخاطر تحرير المحروقات، والتعاقد في قطاع التربية والتكوين.. وغيرها من القرارات والتفاصيل المرتبطة بها غير المشرفة، ولا تزال تداعياته مستمرة إلى يومنا هذا”.

وخلص زين الدين إلى التساؤل: “لو فرضنا جدلاً أننا أعدنا الانتخابات في الظروف الحالية، وأغفلنا كلفتها المادية وهدر الزمن المترتب عنها؛ هل أَسَرّ له ماضيه بأن النتائج ستكون مغايرة تماماً لما عاشه حزبه في الانتخابات الأخيرة؟ وبالاستناد إلى مخيلته السياسية، هل الديمقراطية وتحقيق الإصلاحات المنشودة مرتبطان فقط بصناديق الاقتراع أم للثقافة السياسية والروح الوطنية الصادقة أيضاً الأثر البالغ في أية مبادرة أو قرار؟”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة