الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا يسعى إخوان ليبيا بشكل مستمر إلى عرقلة الانتخابات المقبلة؟

رغم أن جماعة الإخوان المسلمين عملت على تغيير اسمها وفصلت النشاط السياسي عن الدعوي استعداداً لخوض الانتخابات.. فإنها باتت تستشعر قرب الخروج من اللعبة السياسية في ليبيا

 كيوبوست

تسعى جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى إجراء تعديلات جوهرية على المسار السياسي المتفق عليه دولياً لتسليم السلطة من الحكومة الانتقالية الحالية إلى السلطة الجديدة، والتي يفترض انتخابها في 24 ديسمبر المقبل، في وقت تتحرك فيه الجماعة لضمان الفوز بالسلطة في الانتخابات؛ وهو ما يجعلها تحاول إعادة التأقلم مع الأوضاع الحالية والسعي نحو تعزيز أكبر مكاسب ممكنة خلال الفترة المقبلة.

وتأتي محاولات عرقلة الانتخابات بعدما غيَّرت الجماعة اسمها في ليبيا، الشهر الماضي، ليكون “جمعية النهضة والتجديد” بدلاً من جماعة الإخوان المسلمين؛ مرجعةً السبب إلى رغبتها في ما وصفته بـ”إحياء الدعوة إلى الالتزام بالنهج المعتدل وتعاليم الإسلام”، في خطوة وصفها محللون بأنها نتيجة طبيعية لاتساع هوة الخلاف بين الجناحَين السياسي والدعوي داخل الجماعة، على خلفية الإخفاقات التي لحقت بها في الفترة الماضية ونالت كثيراً من شعبيتها.

اقرأ أيضًا: “إخوان ليبيا” من جماعة إلى جمعية والسبب الانتخابات!

وتعاني الجماعة منذ شهور أزمات داخلية عديدة، بلغت ذروتها مع نجاح المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة لإجراء انتخابات بعد وقف الحرب الأهلية التي مزقت البلاد على مدار سنوات، في وقت قدم فيه العشرات من أعضاء حزب العدالة والبناء التابع للجماعة، استقالاتهم؛ احتجاجاً على ما وصفوه بعدم تنفيذ المراجعات التي تم الاتفاق عليها، كما قرر أعضاء الحزب، في أكتوبر الماضي، بمدينة مصراتة، حل فرع الجماعة في المدينة بشكل كامل، مفضلين الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني.

تسعى الجماعة لتقديم نفسها بشكل مختلف في الانتخابات

فرض الآراء

يسعى تيار الإسلام السياسي، متمثلاً في جماعة الإخوان المسلمين، إلى فرض مطالبه، حسب المحلل السياسي الليبي والناطق السابق باسم رئيس المجلس الرئاسي محمد السلاك، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن الجماعة ترفض إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وتصر على انتخاب الرئيس القادم من البرلمان وليس عبر الانتخاب المباشر من الشعب؛ وهذا الأمر يحمل مصادرة بحق الشعب الليبي في انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر، ويتعارض مع مخرجات اتفاق جنيف وجميع الأطر الدولية المتفق عليها والتي تتضمن تأكيد ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة؛ وهو ما يلقى قبولاً شعبياً في الأوساط السياسية.

محمد السلاك

وأضاف السلاك أن الجماعة تسعى لإجراء استفتاء على مسودة الدستور المثيرة للجدل التي كتبت منتصف عام 2017؛ وهي مسودة تثير جدلاً كبيراً في الأوساط الليبية، وهناك مكونات رئيسية في المجتمع الليبي ليست ممثلة في هذا الدستور، فضلاً عن تأكيد رئيس المفوضية العليا للانتخابات أن الوقت غير كافٍ على الإطلاق لإجراء الاستفتاء قبل موعد الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل، الذي يفصلنا عنه نحو 6 أشهر فقط، مشيراً إلى أن تيار الإسلام السياسي لديه إصرار عجيب في الاستفتاء على الدستور أولاً وتجاهل جميع المقترحات الخاصة بوضع تدابير دستورية مؤقتة من أجل الالتزام بموعد الانتخابات.

اقرأ أيضًا: تسريبات بريد هيلاري كلينتون تكشف عن تنسيق مع إخوان ليبيا

لا يشكِّل الإخوان قوة كبيرة في ليبيا، حسب الكاتب الليبي أحمد الفيتوري، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن الجماعة تحاول السعي للهيمنة على الأوضاع في ليبيا؛ لكن في المقابل لا تمتلك الشعبية الكبيرة التي تؤهلها للفوز في الانتخابات، بدليل عدم حصولها في الانتخابات التي جرت بعد 2011 على نسب كبيرة، مشيراً إلى أن قوة الجماعة في تحالفاتها التي تقوم بها مع أطراف دولية مؤثرة في الأزمة الليبية.

أحمد الفيتوري

البحث عن فرصة

تتسق هذه الرؤية مع بعض التحليلات التي تشير إلى أن جماعة الإخوان تسعى من خلال قرارها الشهر الماضي بفصل النشاط الدعوى عن العمل السياسي وتغيير اسمها، إلى إيصال رسالة إلى مصر وعدد من الدول الفاعلة في الملف الليبي؛ مفادها أنها فصلت نفسها هيكلياً عن التنظيم الدولي للإخوان، أملاً في الحصول على فرصة جديدة للانخراط في المسار السياسي مع هذه الأطراف؛ لا سيما مصر.

يشير الفيتوري إلى أن هناك أطرافاً دولية لديها مصالح في ليبيا وتقوم بدعم التيارات الموجودة في المجتمع؛ وفي مقدمة هذه الأطراف تركيا، التي توجد علناً في ليبيا ولديها قوات وأرسلت مرتزقة سوريين موجودين على الأرض، مشيراً إلى أن الالتزام بتطبيق خارطة الطريق المتفق عليها سيكون رهناً للضغوط التي تتم ممارستها من جانب القوى الدولية الفاعلة في الملف الليبي؛ خصوصاً أن ما جرى إنجازه في المرحلة الأولى من الخارطة لم يتم استكماله حتى اليوم، سواء في ما يتعلق بالمسألة الأمنية أو العسكرية أو غيرهما.

واجهت ليبيا عنف مسلح من الإخوان للوصول للسلطة – أرشيف

يدعم هذا الرأي محمد السلاك، الذي يشير إلى غياب الخطوات الملموسة التي تمهد الطريق نحو العملية الانتخابية في ظل غياب القاعدة الدستورية التي ستُجرى على أساسها، وعدم توحيد المؤسسات السيادية بالبلاد، فضلاً عن احتياج المفوضية العليا للانتخابات إلى مزيد من الدعم، مشيراً إلى أن الخطوات بطيئة للغاية ولا تتناسب مع عامل الوقت؛ وهو ما يستوجب ضرورة تذكير السلطة الموجودة راهناً بأن الهدف الرئيسي من وجودها هو التمهيد للعملية الانتخابية، وأن وجودها مؤقت وبغرض تحقيق أهداف محددة؛ على رأسها رفع مستوى الخدمات واستكمال توحيد المؤسسات السيادية.

اقرأ أيضًا: وكلاء الخراب.. العلاقات والمصالح بين إخوان ليبيا وأردوغان

يتفق السلاك والفيتوري على أن مؤتمر “برلين 2″، الذي تستضيفه ألمانيا نهاية الشهر الجاري، سيحسم الكثير من الأمور؛ خصوصاً في ما يتعلق بالانتخابات، مؤكدَين ضرورة وجود دعم دولي من جميع الأطراف؛ لاستكمال خارطة الطريق التي جرى وضعها في “برلين واحد” وأنهت الحرب في ليبيا.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة