الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا يرفض الحريري تزكية خليفته رسميًّا حتى الآن في رئاسة الحكومة اللبنانية؟!

القيادي في تيار المستقبل وعضو المكتب السياسي، الدكتور مصطفى علوش، يتحدث إلى "كيوبوست" عن موقف التيار من الحراك، والرؤية الإصلاحية، وشهوة جبران باسيل في الوصول إلى الرئاسة اللبنانية التي أثرت سلبًا على العهد..

كيوبوست

على الرغم من مرور أكثر من شهر على استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، من منصبه وإعلانه عدم رغبته في رئاسة الحكومة مجددًا؛ فإن الحريري لم يُسَمِّ خليفته حتى اليوم في وقت تعطل فيه تنفيذ ورقته الإصلاحية ودخلت الحكومة في حالة شلل حتى مع تكليفها بتصريف الأعمال.

في مقابلة مع “كيوبوست”، يتحدث القيادي بتيار المستقبل وعضو المكتب السياسي الدكتور مصطفى علوش، النائب البرلماني السابق، عن رؤية التيار الذي يترأسه رئيس الحكومة المستقيلة من الحراك اللبناني، وسبب تأخُّر تسمية رئيس الوزراء الجديد، بالإضافة إلى الرد على عدة انتقادات طالت التيار خلال الحراك والفترة التي سبقته، وإلى نص الحوار.. 

* كيف تقرأ المشهد على الساحة السياسية داخليًّا في الوقت الحالي؟

– المشهد السياسي راهنًا غير اعتيادي في التاريخ اللبناني؛ ولكنْ هناك إحساس كان دائمًا قائمًا قبل الحرب الأهلية، وهو أن الشعب دائمًا ما يتفاعل مع الحدث، وغالبًا ما كانت الأمور الحياتية عنوان ذلك. وأتذكر أنني عشت هذه المرحلة في شبابي؛ لذا ما أراه هو تجدد لهذا المشهد من خلال مجموعة من الشبان الذين ضاقوا بالوضع القائم، وقرروا الانتفاضة على كل شيء، وهذا الأمر بالتأكيد طابع الشباب الذي يكون مليئًا بالحماسة؛ لكن أيضًا يجب أن يكون هناك تأنٍّ في إدارة الموقف والتعامل معه، فالمستقبل لا يزال غامضًا، خصوصًا أن قضية التدهور المعيشي والاقتصادي أصبحت ملموسة وأمرًا واقعًا، وهناك أزمات متلاحقة مرتبطة بعضها مع بعض، وهناك عجز كامل عن حلها حتي بالأطر التجميلية التي يحاول رئيس الجمهورية أن يمارسها، ومن ثَمَّ يجب علينا الآن الذهاب إلى تشكيل الحكومة بأسرع وقت، وتكون حكومة تتفاعل مع الشارع والمجتمع الدولي؛ حتى نتمكن من الاستفادة ماديًّا من المساعدات، لأننا في أشد الحاجة إليها، وإن لم يحدث ذلك فلبنان ذاهب إلى فوضى عارمة سببها الرئيسي سيكون افتقاد المواد الأساسية والأدوية والمحروقات.

القيادي في تيار المستقبل وعضو المكتب السياسي، الدكتور مصطفى علوش

* البعض يُحَمِّل رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، مسؤولية استمرار حالة الشلل؛ بسبب تأخر تزكية مَن سيخلفه؟

– سعد الحريري سيقوم بتزكية اسم رئيس للحكومة عندما نذهب إلى الاستشارات النيابية الإلزامية المنصوص عليها بالدستور، والتي يجب أن يدعو إليها رئيس الجمهورية. أما إذا أرادوا أن يطبع ختمه على أي مرشح، فهذا أمر غير وارد، إلا إذا كانت القضية تتعلق بحكومة من الاختصاصيين؛ فما يرضاه لنفسه سيرضاه لأي أحد آخر. أما إذا كانت القضية فقط ضع الختم وسنؤلف الحكومة بالطريقة التي سنراها مناسبة؛ فهذا غير وارد، لذلك فلتذهب القوى الموجودة، وهي أكثرية نيابة، وتختار مَن تريد، وأن تؤلف الحكومة التي تريد، وتتحمل هي المواجهة مع الناس والمجتمع الدولي وربما تنجح في مهمتها.

* ثمة انتقادات وجّهت إلى حكومة الرئيس الحريري مرتبطة بتكرار اتخاذ قرارات من خارج مجلس الوزراء، كيف ترى هذا الأمر؟

– الكلام به بعض التعميم، ولكن نعم، انطلاقًا من منطق ما يُمسى “الترويكا”، وحكم العلاقات بين الطوائف، رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب هي التي تحكمت في الوضع السياسي على أساس طائفي وسياسي؛ مما جعل التفاهمات التي تتم خارج مجلس الوزراء تنعكس داخله بوضوح.

اقرأ أيضًا: سلاح “حزب الله”.. معضلة في الحراك اللبناني

هل ترى أن العهد الذي شُكِّلت على أساسه حكومة 2016 انتهى بشكل كامل؟

– العهد ينتهي رسميًّا عندما تنتهي فترة رئاسة الرئيس ميشال عون، التي مضى نصفها فقط؛ ولكن هذا العهد انتهى فعليًّا منذ بدايته، لأنه لم يتمكن من إيجاد توليفة حقيقية قادرة على التفاهم لإنجاز إصلاحات وتحقيق نجاحات. ويبدو أننا نعيد تكرار التجارب الفاشلة السابقة التي انتقدها العهد بالأساس؛ ولكنه عاد وأصبح جزءًا منها.

* وهل انتهى التحالف بينكم وبين “حزب الله” و”حركة أمل”؟

– التحالف بيننا كتيار المستقبل، والثنائي الشيعي “حزب الله” و”حركة أمل”، لم يكن قائمًا في أية لحظة من اللحظات؛ ولكن ما جمعنا في الفترة الماضية هو  تفاهم على إدارة الاختلاف، ولأن الخلاف قائم على المسائل الوطنية الأساسية؛ منها المحاكمة، والعلاقة مع إيران والتبعية لها، وطبيعة العلاقة مع الدول العربية، لذا تم التفاهم على الأمور الداخلية، وفي ظل هذا التفاهم جرى العمل على إدارة الدولة والميزانية والوضع الاقتصادي.. لذا أعتقد أن هذا الأمر سوف يتكرر ثانيةً؛ بمعنى أن التفاهمات الداخلية ستستمر مجددًا وسيبقى الاختلاف الخارجي.

أنصار “حزب الله” و”حركة أمل” يرفعون الشعارات الدينية على جسر الرينغ- الصورة من “الحرة”

كيف يمكن الخروج من المأزق السياسي الحالي؟

– الخروج من المأزق بسيط وواضح، وهو حكومة تكنوقراط، أظن من الأفضل أن يرأسها سعد الحريري، وإن لم يكن سعد الحريري فيفضل أن تكون شخصية ذات مصداقية يمكنها أن تقنع المحتجين بقدرتها على الخروج من الأزمة ومشارف الانهيار الذي نعيشه وتمد يدها للحصول على مساعدة المجتمع الدولي.

* هل توقيت استقالة الرئيس الحريري وعدم تطبيق ورقته الإصلاحية لتعطل انعقاد الحكومة يتحمل مسؤوليته تيار المستقبل؟

– لم يكن ممكنًا استمرار سعد الحريري في رئاسة الحكومة؛ فتيار المستقبل لن يقف متراسًا للقوة الحاكمة في وجه الشارع، وفي الوقت ذاته وجوده في السلطة لن يغير شيئًا، بل كان سيفاقم الأمور. القرار بتقديم الاستقالة جاء بشكل منطقي، ويفتح الباب لأمور جيدة؛ خصوصًا بعد أن ظهر بشكل واضح أن الحكومة المستقيلة وصلت إلى حائط مسدود؛ بسبب الخلافات والانتقادات القائمة داخلها ومن ثَمَّ لم تكن قادرة على القيام بعملها.

اقرأ أيضًا: لبنان يترقب نتائج التأجيلات.. ومحطات الوقود تبدأ الإضراب

هل ترى أن الرئيس عون قادر على إدارة الأزمة الحالية في ظل استمرارها لأكثر من 45 يومًا دون حلول؟

– دور رئيس الجمهورية في الدستور ليس إدارة الأزمات، بل يقتصر على أن يكون حكمًا في بعض الأمور؛ لكن الدستور ينص على أن الحكومة مهمتها الإدارة، وأعتقد أن ما يقوم به رئيس الجمهورية حاليًّا هو محاولة لتجميل الوضع الحالي وليقول “أنا هنا”، ويسعى لتخطي مسألة غياب الحكومة، وهو ما سيزيد الغضب لدى كثير من الفئات على الرئيس.

* كثيرون يُحَمِّلون الوزير جبران باسيل، ما وصلت إليه الأمور من سوء بسبب الصراع على خلافة الرئيس عون؟

– الجميع وبالأخص الرأي العام، يحمل الوزير جبران باسيل هذا الوضع المتردي؛ بسبب الشهوة الجامحة للاستيلاء على رئاسة الجمهورية قبل أوانها، لذلك نرى أن محاولاته هذه هي التي أدَّت إلى تفاقم الأمور، وعمليًّا إعاقة كل شيء، وهذا ما يعيقنا الآن.. وبكل وضوح باسيل هو الشخصية الأساسية المعيقة لتشكيل الحكومة الجديدة.

الرئيس اللبناني العماد ميشال عون – المصدر: رويترز

ما أكثر الصعوبات التي تعيق تشكيل الحكومة الآن من وجهة نظرك؟

– ما يعيق تشكيل الحكومة وما يعيق أيضًا الاستشارات النيابية هو رغبة الأطراف السياسية الموجودة داخل مجلس النواب بأن تبقي على التركيبة السابقة المشكلة للحكومة، وأن تظل مسيطرة على القرارَين السياسي والمالي، وهناك أيضًا بعض المصالح الواضحة لبعض الأطراف السياسية التي لا تريد أن تخسرها بالحكومة الجديدة؛ وهذا هو السبب في تأجيل الاستشارات النيابية التي يريد الرئيس أن يتأكد أنها ستكون ذات جدوى عندما يقوم بالدعوة إليها، فالرئيس يريد، أو دعنا نقول الوزير جبران باسيل يريد أن يتأكد أن الحكومة القادمة ستكون على القياس الذي يراه مناسبًا له، وبالتأكيد أية حكومة تؤلف تبقى تحت سلطة مجلس النواب، فـ”حركة أمل” أو “حزب الله” أو غيرهما بقدرته إسقاط الحكومة من البرلمان، فالإصلاح في الوقت الحالي أصبح مرهونًا أيضًا بموافقة مجلس النواب.

* كيف ترى أداء حاكم مصرف لبنان في ظل أزمة العملة الموجودة راهنًا؟

– حاكم مصرف  لبنان تمكَّن على مدى سنوات؛ خصوصًا خلال السنوات الثماني أو التسع الماضية، من تحقيق إدارة مقبولة لمسألة النقد الأجنبي وصرف العملة الأجنبية؛ لكن الوضع أصبح يتخطى قدرة أي حاكم مصرفي أو منظومة مالية في التحكم الواقع، لأنه غير قادر على الإصلاح أو على الأقل إصلاح ما هو قائم.

اقرأ أيضًا: لبنان يدخل أزمة صرف خانقة مع اختفاء الدولار

* كيف ترى الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة على أساس غير طائفي؟

– نحن بحاجة إلى إصلاح سياسي، ونؤيد وندعو إلى انتخابات على أساس غير طائفي؛ ولكن من خلال التفاهم على أساس اتفاق الطائف. هناك ضمن الاتفاق ثلاثة بنود تتضمن النص على إنشاء الهيئة الوطنية لإنهاء الطائفية السياسية، وتأسيس مجلس شيوخ على أساس مذهبي وطائفي، مع الذهاب إلى انتخابات نيابية غير طائفية؛ وهذا المسار هو الأنسب لإجراء انتخابات غير طائفية في لبنان.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة