الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
لماذا يدافع الإخوان المسلمون عن صحفي مغربي متهم بجرائم اغتصاب؟
"الصحافة ليست جريمة، ولكن الصحفي قد يكون مجرمًا"

كيو بوست –
ما يزال الجدل في المغرب يدور حول قضية الصحفي توفيق بوعشرين، المتهم بارتكاب جرائم خطيرة، على رأسها الاتجار بالبشر والاغتصاب والتحرش الجنسي.
بوعشرين صحفي مغربي معروف، مدير لتحرير صحيفة “أخبار اليوم” المغربية المستقلة، وموقع “اليوم 24”. وكانت الشرطة المغربية قد داهمت مكتبه في أواخر فبراير/شباط، وصادرت منه كاميرات وأقراص صلبة، ثم قاموا بالاطلاع على محتواها، ليجدوا 50 فيديو مصورًا، توضح قيامه بالتحرش الجنسي والاغتصاب داخل مكتبه في ساعات المساء.
وقد تكشفت القضية للشرطة، بعد شكاوى عدة قدمتها صحفيات، تعرضن للاغتصاب والتحرش، فيما صرحت بعضهن بأنهن مارسن الجنس مع توفيق بوعشرين داخل مكتبه برضاهن!
وقد أثارت القضية جدلًا على الساحتين الشعبية والإعلامية في المغرب، وتحدثت الكثير من التقارير الإعلامية عن بوعشرين بأنه كان يستخدم سلطته داخل المجموعة الإعلامية التي يمتلكها، من أجل ممارسة الجنس مع الصحفيات!
وفيما تُقدم الكثير من الدلائل ضد بو عشرين -الذي لا يزال في قبضة العدالة- وآخرها اعتراف العديد من الصحفيات بتلك الوقائع المصورة داخل مكتبه، إلّا أن تيارًا صحافيًا مغربيًا، تجاوز المهنية وتجاوز أهمية تلك القضية الأخلاقية، ووجود معتدى عليهن وضحايا، وانبرى للدفاع عن بوعشرين. كما تطوع محاومون من جماعة الإخوان المسلمين للدفاع عنه، والتشكيك بأقوال الضحايا المعتدى عليهن، ونعتهن بأبشع الصفات، والتشكيك بالفيديوهات التي جرى ضبطها داخل مكتبه أيضًا.
وكان على رأس المدافعين أنصار وأفراد حزب وصحفيين تابعين لحزب “العدالة والتنمية” المغربي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين. وعلى الرغم من جميع ما يجري تداوله من أدلة وشكاوى بحق الصحفي المتهم، إلّا أن الإخوان يصرون -وبعد مضي ما يقارب الشهرين على الحادثة- على القول بأن بوعشرين ضحية مؤامرة!
وقام هؤلاء بشن حملة إعلامية مدافعة عنه تحت مسمى “الصحافة ليست جريمة”، للإيحاء بأن بوعشرين معتقل على خلفية سياسية وإبداء رأي، وهو ما نفته الجهات القانونية منذ اليوم الأول لاعتقاله.
كما قام الإخوان، الأسبوع الحالي، بتعيين المحامي البريطاني رودني ديكسون -المقرب من القيادي الإخواني المصري محمد سودان، المعروف بدفاعه المستمر عن قضايا الإخوان الأخلاقية أو السياسية- للدفاع عن بو عشرين. وبالرغم من ثبوت الجرم بحق الصحفي إلا أنه يرفض حتى الآن الاطلاع على الفيديوهات المصورة التي تدينه قانونيًا، وتثبت قيامه بجميع الأعمال المنسوبة إليه.
فيما رد صحافيون مغاربة منحازون لأخلاقيات المهنة، بأن الصحافة ليست جريمة، ولكن الصحفي قد يكون مجرمًا.
دفاع الإخوان عن قضية لا أخلاقية
بوعشرين محسوب على تيارات الإسلام السياسي، بما فيها العدالة والتنمية، وهو ما جعل الإخوان ومناصريهم، يدافعون بلا هوادة عن هذا المتهم. ويذكرنا ذلك بدفاعهم المستميت عن المفكر الإخواني طارق رمضان، المتهم هو الآخر بقضايا اغتصاب، لأنه “أخٌ” في جماعة الإخوان المسلمين، مما يبرر من وجهة نظرهم أحقيته بممارسة ما يحلو له من جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي، الذي تكفره جميع القوانين الإنسانية والسماوية.
وبدلاً من إدانة المجرم، فقد قاموا -عن “عقيدة” إخوانية صرفة- بمهاجمة المتضررات ونعتهنّ علانية بأسوأ الصفات الإخلاقية، لأن المشتكى عليه ينتمي للتيار الديني ذاته الذي ينتمون إليه، بما يحمله ذلك التيار من تصنيفات تضعهم وحدهم داخل إطار “الإسلام”. وهكذا، يخرج غير المنتمين إلى الجماعة من الإسلام، ويتجردون من أية حقوق إنسانية او أخلاقية أو دينية أو مهنية. وسرعان ما يقوم أفراد الجماعة بإحالة قضية الجرم -أيًا كان حجمها- إلى نظرية المؤامرة، لأنهم يعتقدون بأنهم مستهدفون على الدوام، وبأنهم ملائكة لا تخطىء، وربما لا تأكل ولا تشرب، بل كالورود تحيا على الضوء!
بل وصل الأمر إلى اتهام بعض الصحفيات المتضررات من بو عشرين بأنهن من قمن بالتحرش به!
فيما تدخل مشايخ الإخوان ليكملوا واجبهم الديني، في الدفاع عن “الأخ” المغتصِب، وعلى رأسهم نائب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، الذي كتب مدافعًا عن بوعشرين، ومهاجمًا الضحايا المتضررات!
وقد ردّت إحدى المشتكيات، نعيمة الحروري، قائلة للشيخ الريسوني:
“من تحت مظلة البترودولار التي تستظل بها هناك في الخليج، وأنت ترفل في الأعطيات مترفًا منعمًا… خرجت علينا بحكمك الذي يغشاه الباطل من تحته ومن فوقه ومن خلفه ومن بين يديه… وقررت، دون أن يرف لك جفن أو يهتز لك شارب، بأن الضحايا هن المغتصِبات وأن مرتكب الجرم أضحى هو الضحية!”.