الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

لماذا يجب على الولايات المتحدة دعم تطلعات كوريا الجنوبية في مجال الغواصات النووية؟

كيوبوست- ترجمات

جيهون يو وإريك فرينش♦

قال جيهون يو، القائد بالقيادة العليا في البحرية الكورية الجنوبية وأستاذ الاستراتيجيات العسكرية، وإريك فرينش، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة نيويورك، في مقالة مشتركة نشرتها مجلة “الدبلوماسي“، إن التعاون المرتقب بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، لتمكين الأخيرة من تطوير غواصات هجومية نووية من طراز “إس إس إن”، سوف يعزز قدرة أستراليا على إظهار قوتها بين دول منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، ويساعد على معادلة قدرات الصين البحرية المتزايدة.

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا النووية وراء صفقة الغواصات الأسترالية

لكن الأهم من ذلك، وحسب وجهة نظرهما، أن هذه الاتفاقية الجديدة تمثل فرصة لكي تراجع الولايات المتحدة موقفها إزاء التطلعات في ما يخص الغواصات الهجومية النووية من طراز “إس إس إن” لدى حليف آخر على القدر نفسه من الأهمية في منطقة المحيطَين؛ وهو كوريا الجنوبية.

حيث أعربت سيول مراراً وتكراراً عن اهتمامها إما بشراء غواصات هجومية نووية من طراز “إس إس إن” وإما إنتاجها. وبذل الرئيس السابق، روه مو هيون، جهوداً سرية في عام 2003 لاستكشاف مجال الدفع النووي، كما شدد الرئيس الحالي، مون جاي إن، على حاجة كوريا الجنوبية إلى قوة الغواصات الهجومية النووية من هذا الطراز.

وزير خارجية كوريا الجنوبية ووزير الطاقة الأمريكي يوقعان اتفاقية للتعاون النووي السلمي.. 2015- وزارة الطاقة الأمريكية

فعلى الرغم من اهتمام كوريا الجنوبية طويل الأمد بهذا البرنامج؛ فإن الولايات المتحدة طالما ترددت في تقديم المساعدة؛ بسبب مخاوف منع الانتشار النووي. حيث أفادت صحيفة “دونغ إيلبو” الكورية، أن إدارة ترامب رفضت، عام 2020، مناشدات كوريا الجنوبية للحصول على يورانيوم منخفض التخصيب للمفاعلات البحرية.

اقرأ أيضاً: عندما يلجأ الحلفاء إلى الأسلحة النووية.. كيف نمنع خطر الانتشار القادم؟

ويرى الخبيران ضرورة أن تعيد الولايات المتحدة النظر في قرارها بحجب الدعم عن برنامج كوريا الجنوبية في مجال الغواصات الهجومية النووية من طراز “إس إس إن”؛ حيث إنها بحاجة إلى حلفاء أكثر قدرة في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، نظراً لتقدم الصين السريع في القدرة العسكرية. وحسبما أكدت إدارة بايدن، فإن قدرات الصين المتزايدة في مجال مكافحة الوصول وأسلحة منع دخول المنطقة وقدرات بسط النفوذ الناشئة، تهدد التوازن العسكري الإقليمي والمصالح الأمريكية.

وإذا كانت واشنطن تأمل في أن تساعد غواصات أستراليا الهجومية النووية المطورة بفضل اتفاقية “أوكوس” في مواجهة هذا التحدي الناشئ، فإن غواصات “إس إس إن” الكورية الجنوبية، يمكن أن تلعب الدور نفسه بتدعيم قدرة حليف أمريكي مهم على المشاركة في العمليات البحرية التحالفية في منطقة المحيطَين الأوسع نطاقاً.

غواصة جديدة من إنتاج كوريا الجنوبية ترسو في حوض بناء السفن.. 2020- وكالة الصحافة الأوروبية

ورغم أن غواصات “إس إس إن” أكثر تكلفة من نظيراتها من فئة “إس إس كي” التي تعمل بالديزل والكهرباء؛ فإنها توفر قدرات محسنة في السرعة والتحمل والمدى، وكذلك يمكنها العبور بسرعة أكبر في حالة ظهور نزاعات بعيداً عن شبه الجزيرة الكورية، كمضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي أو المحيط الهندي، مع البقاء تحت الماء.

كما يمكن أن تدعم تلك الغواصات أنظمة قتالية أكثر قدرة عموماً؛ فهي تعمل بفاعلية أكبر من غواصات “إس إس كي” في كل من الحرب المضادة للغواصات والسفن السطحية على حدٍّ سواء. وتؤكد المقالة أنه نظراً لقدرتها التشغيلية في الخفاء تحت المحيط لعدة أشهر، فإن غواصات “إس إس إن” هي الحل الأمثل للتعامل مع المياه التي يزداد التنازع عليها في المحيطَين الهندي والهادئ؛ حيث تقع السفن السطحية تحت تهديد ترسانة الصين المتنامية من الصواريخ المضادة للسفن والقاذفات بعيدة المدى.

اقرأ أيضاً: استراتيجية الصين الكبرى..الاتجاهات والمسارات والتنافس طويل المدى

وقد حجبت الولايات المتحدة دعمها لبرنامج كوريا الجنوبية في مجال الغواصات النووية جزئياً؛ بسبب مخاوف الانتشار النووي. غير أن كاتبَي المقالة يشيران إلى تفكير سيول بجدية في تطوير غواصات “إس إس إن”، حتى من دون مساعدة الولايات المتحدة أو موافقتها. لذلك، إذا تعاونت الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية في هذا الصدد، فإنها ستضمن تحسين موقفها في حال تطبيق إجراءات وقائية مناسبة.

يقول الخبراء إن قدرات البحرية الأمريكية في مجال الحرب تحت سطح البحر تفوق قدرات الصين.. لكن بحرية جيش التحرير الشعبي أنفقت المليارات لتحديث وتطوير تقنيتها وسد الفجوة- “رويترز”

وفضلاً عن ذلك، يرى الخبيران أن دعم الولايات المتحدة لبرنامج غواصات “إس إس إن” في كوريا الجنوبية، سيعزز من مصداقيتها كحليف؛ إذ إن قدرة كوريا الشمالية المتزايدة على ضرب الأراضي الأمريكية بالأسلحة النووية، وتزايد نفوذ الصين الإقليمي عسكرياً واقتصادياً، والمخاوف إزاء الانقسامات الداخلية والاضطرابات السياسية في الولايات المتحدة، كلها عوامل أسهمت في إثارة قلق كبير في سيول حول موثوقية الولايات المتحدة كحليف.

اقرأ أيضاً: سياسة الولايات المتحدة تجاه القوى النووية.. صلابة ضد كوريا الشمالية ومرونة ضد إيران

كما يمكن أن تصبح الاتفاقية الجديدة التي تقضي بمشاركة تكنولوجيا الغواصات مع كوريا الجنوبية، بمثابة إشارة قوية لالتزام الولايات المتحدة، ومما لا شك فيه أنها ستثبت النيَّات الحسنة لسيول بشكل كبير. وقد يقطع دعم الولايات المتحدة لبرنامج كوريا الجنوبية في مجال غواصات “إس إس إن” شوطاً طويلاً نحو إقناع سيول بتكثيف دعمها جهود الولايات المتحدة الساعية لبقاء المشاعات البحرية في المحيطَين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة وآمنة.

وأشار كل من جيهون وفرينش إلى أن العكس سيحدث إذا استمرت واشنطن في حجب الدعم عن تطلعات سيول النووية في مجال الغواصات؛ حتى بعد أن قدمت التكنولوجيا إلى أستراليا، لأن ذلك قد يؤدي إلى تقويض ثقة كوريا الجنوبية في التزام وموثوقية حليفتها.

الرئيس الأمريكي بايدن والكوري الجنوبي “مون جاي إن” خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماعات في البيت الأبيض.. 2021- “رويترز”

لكنهم في الوقت نفسه أكدوا أن إبرام اتفاقية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، تسعى إلى تمكين الأخيرة من غواصات “إس إس إن”، سوف يتطلب جهداً دبلوماسياً كبيراً. كما سيتوجب إعادة النظر في اتفاقية 123 الحالية بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية؛ لتمكينها من استخدام اليورانيوم المخصب لمفاعلات الغواصات.

اقرأ أيضاً: ميزان القوى العسكرية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية

وسيتعين على سيول القيام بخطوات ملموسة لتهدئة مخاوف الولايات المتحدة المشروعة حول الانتشار النووي، بينما ستكون الأخيرة بحاجة إلى التشاور مع حلفائها الإقليميين الآخرين؛ خصوصاً اليابان، لتهدئة أي مخاوف قد تكون لديهم حول برنامج غواصات “إس إس إن” في كوريا الجنوبية.

وخلصت المقالة بصفة عامة إلى أن جهود الولايات المتحدة لمساعدة برنامج غواصات “إس إس إن” في كوريا الجنوبية، ستعزز من قدرة الحلفاء على التعامل مع الصين الأكثر حزماً وقوة؛ حيث طالما دعت الولايات المتحدة شركاءها في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ إلى تعزيز قدراتهم العسكرية وتكثيف مساهماتهم في الأمن الإقليمي، وبالتالي يجب أن ترحب بحقيقة أن سيول مستعدة لتلبية هذه الدعوة.

جيهون يو: قائد بالقيادة العليا في البحرية الكورية الجنوبية وأستاذ الاستراتيجيات العسكرية بأكاديمية جمهورية كوريا الجنوبية البحرية.

إريك فرينش: أستاذ الدراسات الدولية المساعد بجامعة نيويورك، وباحث منتسب في ائتلاف “أمريكا في العالم”.

المصدر: مجلة الدبلوماسي

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات