الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
لماذا يثير صوت الأذان في كولونيا جدلا واسعا في ألمانيا ؟

إلهام الطالبي /برلين
أثار السماح بالأذان كل يوم جمعة في المساجد بمدينة كولونيا جدلا واسعا بألمانيا، بين من يصف ذلك ببداية ’ أسلمة ألمانيا’، وبين من يعتبر أنه رمز لتعزيز قيم التعايش والحوار بين الأديان.
وحسب صحيفة زود دويتشه زايتونغ، على الرغم من أنه مسموح بالأذان في المدينة الكبرى في شمال الراين – وستفاليا، لكنه لم يؤذن في أغلب المساجد، فما السبب ذلك ؟
ومن جهتها أشارت المتحدثة باسم مدينة كولونيا، هينيريت ريكر، إلى أنه “لم نتلق بعد أي طلبات للحصول على الموافقة” مبررة ذلك أن”معظم المساجد ليس لديها مكبرات الصوت. “
اقرأ أيضًا: مطالبات برلمانية في ألمانيا للتحقيق في تمويلات جماعة الإخوان المسلمين
وفي جوابها على المنتقدين لسماح بالأذان في المساجد، ردت عمدة كولنيا ريكر، قائلة “لدينا حرية لممارسة الدين …والعديد من المسلمين الذين ولدوا في كولونيا هم جزء لا يتجزأ من المجتمع.”
وأضافت المتحدثة ذاتها، “كل من يشك في ذلك يشكك في هوية كولونيا وتعايشنا السلمي”، معتبرة أن الأذان و أجراس الكنيسة معا يرمزان للتنوع والتعايش الحضاري.
حسب المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين، يعيش حوالي 5.6 مليون مسلم في ألمانيا، ويتواجد غالبيتهم في كولونيا، حيث تم افتتاح أكبر مسجد في ألمانيا قبل ثلاث سنوات بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ويقدم الاتحاد التركي الإسلامي المشورة بشأن كيفية التعامل مع الأذان في المسجد المركزي، ومن جهته يرحب رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، أيمن مزيك بالمشروع، معتبرا “أن كولونيا تبعث برسالة للتسامح والتنوع إلى العالم”، مشيرا إلى أن نداء المؤذن يعد جزءا لا يتجزأ من صلاة المسلمين، ويسمح بذلك في العديد من الأماكن في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
اقرأ أيضًا: يوسف القرضاوي.. فقيه “الإسلام السياسي” النافذ
ويرى المنتقدون لسماح بالأذان في مدينة كولونيا، على أن هذا القرار سيعزز قوة الجمعيات الاسلامية المثيرة للجدل، من جهتها اعتبرت لالي أكغون سياسية ألمانية من أصول تركية، أن “هذه السياسة الرمزية تخدم الأشخاص الخطأ. “
وأعربت الباحثة في علم الاجتماع الألمانية من أصول تركية، نيكلا كيليك عن مخاوفها من تداعيات هذا القرار، في حديثها لوكالة الأنباء الألمانية، معتبرة أن دعوة الرجال فقط لأداء صلاة الجمعة، ومنح النساء فقط غرفا منفصلة، هو عودة للعيش في النموذج التقليدي للمجتمع.

من جهته اعتبر الباحث المصري الألماني حامد عبد الصمد، في حواره مع صحيفة “فيلت“،أنه”يحق لكل مسلم أن يصلي ويصوم ويحج إلى مكة كما يشاء، ولكن لماذا يحق لبعض الناس استخدام مكبرات الصوت لإصدار صوت صاخب في أحيائهم؟”
وفقًا للباحث في السياسة، “لا علاقة لذلك بالتنوع أو حرية المعتقد،” مضيفا “لا يُسمح للملحدين والهندوس بفعل ذلك، يُسمح الآن للأقلية المسلمة فقط بالتعبير عن إيديولوجيتها لمدة خمس دقائق كل يوم جمعة “، مضيفا إلى أنه لا ينبغي تمييز أحد بسبب دينه.
يعتبر حامد عبد الصمد، أنه لا يمكن مقارنة نداء المؤذن بدق أجراس الكنيسة، “الأجراس مزعجة في بعض الأحيان، لكنها لا تقوم بالدعاية مثل دعوة المؤذن”.
اقرأ أيضاً: إماطة اللثام عن جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا
ويدعو المتحدث ذاته إلى المزيد من العلمنة، وليس المزيد من الامتيازات للإسلام، على حد تعبيره، ويرى أن قبول الأذان “في معقل إسلامي مثل كولونيا، حيث فشل الاندماج، ويتمتع الرئيس التركي أردوغان بأكبر قاعدة جماهيرية في العالم سيترتب عنه تداعيات سلبية. “
ويشدد عبد الصمد على “أن الدولة يجب أن تكون محايدة، وأن وظيفتها تكمن في أن تضمن لأي فرد حقه في ممارسة معتقداته، وليس السماح لبعض المسلمين بالترويج لأفكارهم في أماكن ومؤسسات عمومية. “

وفي ذات السياق أشارت الباحثة الإسلامية ، سوزان شروتر، في حوارها مع موقع “دويتشلاند فونك،” إن الأذان الإسلامي للصلاة، على عكس رنين أجراس المسيحيين، يحتوي على رسالة صريحة مفادها أن الله أكبر، و الموافقة على الدعوة تعني امتيازًا خاصًا لممثلي الإسلام السياسي.
وفي المقابل أشارت الصحفية الألمانية مورغان لانك، في صحيفة إينورم، “أنا ككاثوليكية أجد كل هذه الانتقادات مثيرة للاشمئزاز، فقط لأن أجراس الكنيسة غير لفظية لا يشير ذلك إلى أن التعاليم المسيحية ليست بأي حال من الأحوال أدنى من العقيدة الإسلامية. “
واعتبرت أن عبارة،” الله أكبر – الله أكبر رسالة مركزية لجميع الديانات التوحيدية، وأن الكلمة العربية “الله” يستخدمها أيضًا المسيحيون العرب والعلويون وبعض اليهود. “
ويشار إلى أن بناء المساجد في ألمانيا يصاحبه دائما الجدل، بسبب مخاوف بعض الألمان من ما يسمونه ’أسلمنة ألمانيا’، وفي جميع القضايا المرتبطة بالمسلمين، ينقسم الرأي العام بين مؤيد ومعارض.