ترجماتشؤون خليجية

لماذا وجّه أمير قطر دعوة شخصية لمحامٍ أمريكي؟

هل يؤثر المال القطري في تغيير المواقف؟

ترجمة كيو بوست –

أقر المحامي ورجل القانون الأمريكي الشهير، البروفيسور “آلان ديرشوويتز”، أستاذ القانون الدستوري في جامعة هارفارد العريقة، بأنه حظي بدعوة خاصة لزيارة الدوحة، على حساب ونفقة الحكومة القطرية، وذلك في مقالة له كتبها على مجلة “ذا هيل” الأمريكية في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني عام 2018، فما سر هذه الدعوة؟

عُرف هذا الرجل بمعارضته الشديدة لسياسة قطر خلال السنوات السابقة، ولكنه انقلب رأسًا على عقب بعد تدخّل أمير قطر شخصيًا، بتوجيه دعوةٍ خاصةٍ له مدفوعة الأجر إلى الدوحة.

واللافت للانتباه أن المحامي والأكاديمي الشهير انقلب في مواقفهِ المناهضة للنظام القطري، بعد انتهاء زيارته إلى الدوحة، إذ سارع فورًا إلى كيل المديح للنظام القطري، متراجعًا عن آرائه السابقة التي هاجم فيها سياسة قطر بكلّ بشراسة، حين اعتبرها “دولة منبوذة وشريرة” و”داعمة للإرهاب”. والمثير للدهشة أنه تحول أيضًا إلى الهجوم الواضح على الدول الخليجية الأخرى، بما فيها السعودية والإمارات والبحرين، التي قاطعت الدوحة نتيجةً لسياساتها الداعمة للفِكر الإسلامي المتطرف والمجموعات الإرهابية في المنطقة.

وجاء اعتراف “ديرشوويتز” في مقالته في الفقرة الأولى، إذ قال “لقد عدتُ للتوّ من زيارةٍ خاصةٍ إلى قطر، بدعوةٍ من الأمير وعلى نفقته. ولكي أكون صادقًا، أنا لا أمثل حكومة قطر، ولكنني ترددت في البداية بشأن قبول الدعوة، لأنني سمعت سابقًا بأن قطر تساهم في دعم حماس وإيران. ولكنني أجريت بحثي الخاص، وخلصتُ إلى أن قضية قطر أكثر تعقيدًا ودقة”.

 

“موقف ديرشوويتز بعد زيارة الدّوحة المدفوعة – مديح وثناء”

برغم أن “ديرشوويتز” هاجم الدوحة مرارًا وتكرارًا لدعمها إيران وحماس في مقالاته السابقة، التي سنعرضها بالتفصيل في وقتٍ لاحقٍ في هذا التقرير، إلا أنه يهاجم السعودية الآن لمجرد اعتراضها على دعم قطر لحماس وإيران، وهذا يشكّل تناقضًا صارخًا في مواقفه ما قبل وبعد زيارة الدوحة.

اقرأ أيضًا: تقرير يكشف تمويل قطر للجماعات الإرهابية في أوروبا

وفي إشارةٍ واضحةٍ إلى تراجعه عن مواقفه الشرسة السابقة ضد قطر إزاء دعمها لإيران وحماس، يؤكد “ديرشوويتز” موقفه الجديد في مقالته قائلًا “أتعجب من السعودية في اتهامها لقطر بدعم حماس وإيران. صحيح أنني كنت متحفظًا على موقف قطر إزاء هذا الادعاء في السابق، إلا أنه تبين لي بعد اجتماعي مع سفير قطر لدى غزة، أن الدوحة تقدم الدعم المالي فقط لعمال البناء الغزيين الذين يبنون المدارس والمنازل والمستشفيات، وليس هناك أموال موجهة للإرهاب”. وبخصوص إيران، يدافع “ديرشوويتز” عن قطر بالقول إن “الدول الخليجية الأخرى لديها علاقات مكثفة مع إيران، وإن الدوحة اضطرت إلى مزيدٍ من التقارب مع طهران في أعقاب الحصار الخليجي”.

وما يثير الدهشة أيضًا أن القانوني الأمريكي تعمّق في دفاعه عن سياسة قطر وقناة الجزيرة الإخبارية، مخالفًا كل مواقفه التي سبقت زيارة الدوحة، إذ قال في مقالته “أعتقد أن السعوديين ليسوا جديين في نزاعهم مع قطر، وهذا الحصار ليس أخلاقيًا وليس قانونيًا على الإطلاق. وبخصوص قناة الجزيرة، أعتقد أنها قناة عادلة، تقدم وجهات نظرٍ متنوعة، وتعرض الرأي والرأي الآخر. لذا، أعتقد أن سعي السعودية نحو إغلاق وجهات النظر البديلة عبارة عن محاولة سمجة، وصارخة، تنتهك المبادئ الجوهرية لحرية التعبير والكلام”.

ويؤكد “ديرشوويتز” في نهاية مقالته، أنه سمع من المسؤولين القطريين خلال زيارته للدوحة الكثير من “الكلام الإيجابي” تجاه إسرائيل، إذ ألمح له القادة حول “علاقاتٍ تجاريةٍ قطرية إسرائيلية”. وأثنى كذلك أيضًا على الحكومة القطرية لترحيبها بالرياضيين الإسرائيليين، إذ قال “لقد ذهلت عند وصولي إلى الدوحة بشأن انفتاح قطر أمام الرياضيين الإسرائيليين وترحيبها بهم. لقد رحّبت الحكومة القطرية بلاعبٍ إسرائيليٍ للمشاركة في بطولة التنس المقامة على أراضيها، بل وتعهّدت باستقبال المنتخب الإسرائيلي في بطولة كأس العالم لعام 2022”.

اقرأ أيضًا: الإسرائيليون “سعداء” ببداية التطبيع القطري!

 

“موقف ديرشوويتز قبل زيارة الدوحة – قدحٌ وذمّ”

بعد قضاء رحلته الخاصة إلى الدوحة على نفقة أمير قطر وبدعوةٍ منه، قَلَبَ “ديرشوويتز” مواقفه السابقة تجاه قطر، التي طالما اعتبرها “دولة منبوذة” و”شريرة” و”داعمة للإرهاب والمجموعات المتطرفة” وذلك في جميع مقالاته وآرائه القانونية. وفيما يلي نستعرض بعضًا منها:

كان “ديرشوويتز” قد هاجم قطر بشراسةٍ في مقالة كتبها على صحيفة هآرتس بنسختها الإنجليزية، في الأول من آب/أغسطس عام 2014، إذ قال فيها: “قطر ليست دولة حقيقية، بل عبارة عن محطةٍ للغاز مملوكة لعائلةٍ واحدة. سكان قطر ليسوا مواطنين حقيقيين؛ فليس هناك انتخابات عامة أو حرية تعبير أو حرية دين. قطر تستطيع شراء أي شيء ترغب به، بما في ذلك كأس العالم لعام 2022، والعديد من الجامعات الأمريكية، وغيرها الكثير من الكماليات. بل يمكن لقطر أن تشتري كذلك جماعات إرهابية بكاملها. وبالتالي إنه من العادل أن نصف النظام القطري بالنظام الإجرامي المتورط في القتل الجماعي”.

اقرأ أيضًا: قطر تشتري الطيارات والطيارين أيضًا.. هل هذه الخطوة لصالحها؟

وقد عنون “ديرشوويتز” مقالته بـ”قطر وتركيا شريكتان في جرائم حماس”، وقال فيها “إن قطر من أسوأ الأشرار التي شاركت في مأساة غزة، وينبغي معاملتها على أنها دولة منبوذة حتى توقف دعمها ورعايتها وتسهيلها للإرهاب”.

وأضاف في مقالته على الصحيفة الإسرائيلية “أن قطر تقوم بتقديم الدعم المادي لحماس، وهذا يشمل دعمًا دبلوماسيًا وإعلاميًا وماليًا، بالإضافة إلى تقديم الأسلحة لها. كما ويقوم النظام القطري بتقديم الملاذ الآمن لمجرمي الحرب. ولولا دعم قطر وتركيا، لما تمكنت حماس من خوض حربها الدموية”.

وأنهى “ديرشوويتز” مقالته على هآرتس قائلًا “على الولايات المتحدة أن تُعيد تقييم مواقفها من قطر التي أصبحت جزءًا من مشكلة الشرق الأوسط وليس الحل. إنها تستضيف قيادات الإرهاب وتمول المجموعات المتطرفة. ولا ينبغي لهذا البلد أن يستضيف كأس العالم، وعلى الجامعات الأمريكية أن توقف إرسال طلابها إلى دولةٍ متواطئةٍ مع الإرهاب. قطر بلد شرير ومنبوذ ومتورط في جرائم حرب”.

 

وفي مقالة أخرى كتبها على موقع معهد “غيت ستون” في الثالث والعشرين من مايو/أيار عام 2017، اتهم “ديرشوويتز” النظام القطري بتمويل الجماعات المتطرفة، مثل الإخوان المسلمين، وقال إن “قطر تقوم بدعم المجموعات الإرهابية إلى جانب إيران، وهذا يشمل مجموعات مثل حماس التي ولدت من رحم الإخوان”.

 

“قطر تشتري النفوذ في الجامعات والمؤسسات البحثية”

قالت صحيفة تلغراف البريطانية إن أنظمةً دكتاتورية، ومن بينها قطر، عملت على دفع أموالٍ لجامعاتٍ بريطانية، على شكل تبرعات سخية، من أجل شراء النفوذ والتأثير في الخارج. ووفقًا للصحيفة، فإن المبالغ التي دفعتها قطر تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات. وأكدت الصحيفة أن هكذا تبرعات لا تؤدي إلى تشكيل معالم الحوار فحسب، بل يمكن لها أيضًا أن تؤثر على الشباب وعلى عقولهم وانطباعاتهم.

ومن بين الدفعات المالية التي قدمتها قطر للجامعات، مبلغ 23 مليون يورو إلى جامعة أكسفورد البريطانية، على شكل منحٍ دراسيةٍ موجّهة. وبحسب الصحيفة، وصف مسؤولون بريطانيون قبول الجامعة بهذا التبرع بـ”الدموي” و “الفظيع”؛ لأن الجهة المتبرعة دولة “راعية للإرهاب”.

وأكدت الصحيفة في نهاية تقريرها أن أعضاءً في البرلمان البريطاني طالبوا الجامعات البريطانية بعدم قبول أية تبرعات من “الأنظمة الدكتاتورية”.

وقال موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن قطر تستخدم ثروتها الضخمة من أجل شراء النفوذ والتأثير في الغرب عبر الجامعات والمؤسسات البحثية. ووفقًا للصحفي البريطاني أليكس مورغان، فإن قوّة ناعمة تميز العلاقة الأكاديمية بين الدوحة ومؤسسات تعليمية في الغرب، ظهرت إلى السطح بعد ضخ أموالٍ إلى الكليات المختلفة في الجامعات البريطانية.

اقرأ أيضًا: معهد بروكينغز الأمريكي يدير دعايةً قطرية – إيرانية

ووفقًا للموقع، دفعت قطر عام 2008 مبلغ 2,4 مليون دولار لجامعة أكسفورد من أجل منح درجة “الأستاذية” باسم “سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني” في الدراسات الإسلامية المعاصرة.

أما مجلة “ثينك تانك ووتش” الأمريكية، المعنية بمراقبةِ المراكز البحثية، فقد أكدت أن محاولات القطريين لشراء النفوذ في صفوف أكاديميي الجامعات والمراكز البحثية الأمريكية ليست بجديدة. وقد نشرت تقريرًا توضح فيه أن الدوحة تستثمر أموالًا باهظة في المؤسسات الغربية، لجذب اهتمام الأكاديميين لصالح سياساتها. ومن أشهر تلك المؤسسات، حسب المجلة، جامعة جورج تاون، جامعة أوكسفورد، معهد بروكينغز ومعهد رويال يونايتد. 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة