اسرائيلياتالواجهة الرئيسيةترجماتفلسطينيات
لماذا طردت سي إن إن صحفيًا نادى بحقوق الفلسطينيين؟
حول عدم الأمانة في قضية فصل سي إن إن لموظف بسبب فلسطين

كيو بوست – ترجمة أنس أبو عريش
طردت قناة سي إن إن الأمريكية الصحفي مارك لامونت هيل بسبب خطاب له حول الحقوق الفلسطينية في الأمم المتحدة. ويتوقع أن سي إن إن كانت تحت ضغوطات كبيرة من أجل طرد هيل لأنه مفكر أمريكي – إفريقي، سعت وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية (ذراع الليكود الدعاياتي في الحكومة) إلى طرده بسبب حركة المقاطعة بي دي أس، وأفكارها المنتشرة بين الأقليات الأمريكية حول الفلسطينيين المضطهدين.
في خطاب هيل في الأمم المتحدة، شرح الصحفي الطرق التي استخدمتها إسرائيل في ممارساتها العنصرية، وتدميرها لحقوق الإنسان الأساسية لـ5 مليون فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال. ولم يتحدث هيل عن 20% من الفلسطينيين سكان إسرائيل فقط، ولكن أيضًا عن الفلسطينيين تحت الحكم العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، الذين يعيشون بدون دولة، و”بدون أي حق في حصولهم على الحقوق”.
اقرأ أيضًا: كيف تستغل إسرائيل تنظيم “شبيبة التلال” الإرهابي لتحقيق مشاريعها بالضفة؟
وترتكب هذه الممارسات الحديثة “التي لا مثيل لها” في وقتنا الحالي على يد بنيامين نتنياهو وأتباعه، على مرأى من الجميع، وفي انتهاك لمبادئ القانون الدولي في مرحلة ما بعد عام 1945. أنا أقول “لا مثيل لها” لأنني أعلم أنه لا توجد حكومة في القرن الواحد والعشرين تتعمد الإبقاء على ملايين الأشخاص بدون دولة ومحرومين من المواطنة. تعطي بعض الدول الأقليات حقوق المواطنة، بينما لا تفعل دول أخرى، لكن في الحالتين يبقى جواز السفر أحد الحقوق الدائمة.
الاستثناء الوحيد في العالم يحصل في فلسطين؛ حيث يحرم الفلسطينيون في أراضي الـ1967 من الحصول على المواطنة الكاملة، بالتزامن مع رفض إسرائيل التخلي عنهم أو تركهم، ما يضعهم في منطقة ضبابية. حتى الآن، يعتبر الفلسطينيون أكبر مجموعة من السكان حول العالم، بدون دولة.
إحدى الطرق التي يستخدمها اليمين المتطرف في إسرائيل من أجل التخلص من الفظائع التي ترتكب بحق الفلسطينيين هي صناعة الدعاية التي تهمش أي جهود لا تعجب الصهيونية. أنشأت الحركات الصهيونية اليهودية الأمريكية مواقع إلكترونية، ونظمت حملات من أجل تعقب ومنع الشخصيات المؤيدة للحقوق الفلسطينية من العمل، أو على الأقل منعهم من التقدم الوظيفي. وبهذه الطريقة، تعمل “مهمة كناري” التي تستهدف طلبة الجامعات في محاولة للقضاء على تطور حياتهم إذا طالبوا بالعدالة للفلسطينيين.
اقرأ أيضًا: لماذا يتعاطى الجنود الإسرائيليون المخدرات قبل تنفيذ المهام القتالية ضد الفلسطينيين؟
صنع المتعصبون الصهاينة في الولايات المتحدة هالة مقدسة تعتبر أن كل من ينتقد نتنياهو هو معاد للسامية، فيما يستمرون هم بوصف العرب بالحيوانات وغيرها من الأوصاف البذيئة. وقد تمكنت هذه المجموعات من تهميش أدوار كثير من الشخصيات المؤيدة للعدالة في فلسطين. تتواطأ هذه المجموعات مع أعضاء الكونغرس والشخصيات البارزة، ويتحكمون بالتعيينات في مناصب الحكومة الفيدرالية، كما يوجهون رسائل مستمرة لوسائل الإعلام من أجل الضغط عليها، في محاولة لحضها على تغيير الطريقة التي يناقشون بها قضايا الاستعمار الإسرائيلي.
هذا النجاح لا يعود إلى قوة اليهود، وإنما إلى أن بعض النخب الأمريكية البيضاء لا تزال تؤمن بفوائد الاستعمار، وبعبء الرجل الأبيض. ومعنى ذلك أن بعض المتنفذين يعتقدون بأن الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين تفيد المسيحية لأنها تمثل انتصار الرجل الأبيض، وفق رؤية عنصرية متعالية.
على الجانب الآخر، تدفع هذه المنظمات لأشخاص متطرفين المال من أجل الظهور على شاشات التلفاز مثل سي إن إن؛ من أجل قول أشياء تدعم توجهاتهم، مثل إنكار وجود فلسطين، والادعاء أنها أرض إسرائيلية. ولكن تخيلوا ما الذي سيحصل لو حدث عكس ذلك، وظهر شخص يطالب بالعدالة لفلسطين. هذا بالتحديد ما حدث لمارك هيل، حين قال: “لدينا الفرصة ليس فقط للتضامن اللفظي، وإنما لتحويل هذا التضامن إلى فعل على أرض الواقع، من أجل تحقيق العدالة لفلسطين حرة كاملة من البحر إلى النهر”.
اقرأ أيضًا: مجلة كندية: هكذا يختار قناصة الجيش الإسرائيلي أهدافهم
فورًا، اتهمت هذه الجماعات هيل باستخدام لغة حماس التي ترفض وجود إسرائيل.
ليست جريمة أن تطالب بحقوق الفلسطينيين، مع ذلك، ركزت دعاية هذه المجموعات على أن هيل دعا إلى التحرك لمقاومة أساليب الاستعمار الإسرائيلي على الأرض، واصفًا المستعمرين بالإرهاب. وكما اعتبرت بريطانيا غاندي في الهند إرهابيًا، تعتبر كل الدول الاستعمارية أن المقاومة هي إرهاب، وهذا ما حدث مع هيل، كما سعت إلى تصويره على أنه شخص يدعو إلى العنف. في الحقيقة، يعترف القانون الدولي بحق الشعوب المحتلة في المقاومة العنيفة ضد المحتلين. لكن ما حدث مع هيل أنه جرى تصويره على أنه يدعو إلى العنف ضد المدنيين، أي وصفه بالإرهاب.
المثلث الذهبي السحري للهسباراه (الدعاية الإسرائيلية) تقوم على معادلة “المقاومة تساوي العنف تساوي الإرهاب”، أما الشيء الوحيد الذي تريد إسرائيل من الفلسطينيين فعله هو الانحناء لهم والسماح للمحتل بفعل ما يريده، بما في ذلك ترحيلهم من وطنهم الذي عاشوا فيه منذ آلاف السنوات على أيدي المهاجرين الصهاينة.
اقرأ أيضًا: بالمال والسلاح والسياسة: حقائق عن الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ عقود
تقوم سي إن إن حاليًا بمنع تغطية قضية فلسطين على وجه عادل، ما يجعل الجمهور الغربي يرى الجانب الإسرائيلي من الدعاية، مع تجاهل متعمد للفلسطينيين؛ بهدف تشويه صورتهم وتبرير الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية.
المصدر: مجلة غلوبال ريسيرتش الكندية