الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

لماذا سلم أردوغان زعيم المافيا فوكوتيتش إلى صربيا؟

تقرير في موقع "نورديك مونيتور" يؤكد أن الحكومة التركية أقدمت على تسليم زعيم المافيا كي تتخلص من منافسها في تجارة المخدرات

كيوبوست- ترجمات

عبدالله بوزكورت

تبين أن تسليم الحكومة التركية زعيمَ العصابة الإجرامية يوفان فوكوتيتش، إلى صربيا في عام 2018، كان جزءاً من حملة سرية للقضاء على شبكات الجريمة المنظمة المنافسة التي تعمل في تجارة وتهريب المخدرات والنشاطات الإجرامية الأخرى في البلاد.

وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الذي تعرض إلى سلسلةٍ من الاتهامات بأنه يدير عصابة للجريمة المنظمة، لم يكن يرغب في دخول لاعب جديد مثل فوكوتيتش إلى السوق. وبموافقة رئيسه رجب طيب أردوغان، عقد صويلو شراكة استمرت سنوات مع زعيم العصابة ذائع الصيت سادات بيكر؛ لكنه تعرض إلى انتقاداتٍ شديدة بعد الخلاف الذي عصف بهذه الشراكة، وبعد المعلومات المزلزلة التي كشف عنها بيكر من الإمارات العربية المتحدة، حيث لا يزال هارباً، والتي شملت ارتداداتها الطيف السياسي التركي بأكمله.

اقرأ أيضاً: مَن هو ذراع أردوغان الذي حاول تهريب المخدرات إلى أوروبا؟

سعيد صفا، وهو صحفي استقصائي تركي، مقيم في كندا، قال في تسجيلٍ بثه على “يوتيوب” في 20 مايو 2021: “كانت السلطات التركية تعتقل وتسلم كل مَن يحاول دخول عالم الجريمة المنظمة في تركيا، لأنهم (صويلو وشركاؤه) رفضوا أن يشاركهم أحد بقطعة من الكعكة”. وأضاف: “لقد أصبحوا هم أنفسهم مافيا، وهم يسيطرون على تجارة المخدرات (الكوكايين) وتهريب السلاح. وكل مَن لا يعطيهم حصة ليس له الحق في الحياة بتركيا”.

سعيد صفا صحفي استقصائي تركي يغطي الشؤون التركية من كندا

وكان تسليم فوكوتيتش، الذي جرى على عَجَل، إلى صربيا من دون أي إجراءات قانونية، قد بقي سراً غامضاً إلى الآن. لقد اتضح أن العملية لم تكن عملية إنفاذ للقانون لمساعدة صربيا والجبل الأسود، الدولتَين البلقانيتَين اللتين يحمل فوكوتيتش جنسيتيهما؛ بل كانت جزءاً من مؤامرة حاكها صويلو وشركاؤه للتخلص من منافس محتمل لنشاطهم الإجرامي.

في مقابلةٍ أجراها على شبكة “TRT” التركية الحكومية، في 19 مايو 2021، حاول صويلو أن يصور ترحيل فوكوتيتش على أنه جزء من حملة حكومية لقمع الجريمة المنظمة، وادعى أن محاولة فوكوتيتش تصوير نفسه في المافيا التركية، في منافسة مع الحكومة، كانت محاولة خبيثة تقف وراءها قوى أجنبية. على مدى أسابيع، كان صويلو يحاول تجاوز ما كشفه عنه شريكه السابق زعيم المافيا بيكر، الذي قال إن الوزير التركي وشركاءه يديرون شبكة ابتزاز وتهريب أسلحة ومخدرات.

اقرأ أيضاً: ابن أردوغان.. إرث الفساد

وقد اعترف صويلو أن الحكومة لم تتبع إجراءات التسليم المعتادة، وأنها بدلاً من ذلك سلمت فوكوتيتش مباشرةً إلى معاون وزير صربي جاء ليأخذه. وقال في المقابلة: “قُلت عادة يفترض أن تكون هناك جلسة استماع في المحكمة وإجراءات تسليم روتينية، وغير ذلك؛ ولكن لا داعي لكل ذلك، سوف نوضّبه ونسلمه لكم. لم يصدقوا ما سمعوه”.

وزعم أن معاون الوزير الصربي، الذي لم يسمه، كان خائفاً عندما جاء ليستلم فوكوتيتش، وطلب أن يغطي رأسه بكيسٍ قماشي كي لا يراه وجهاً لوجه. وقال صويلو: “عصابة سكالياري التي يتزعمها فوكوتيتش هي المافيا الأولى في البلقان، والجميع يخشون هذه المنظمة الإجرامية؛ بل إن دولاً تخشاها”.

يثير ما حدث شكوك عدة – وكالات

وفي فبراير 2020 قامت صربيا بتسليم فوكوتيتش إلى الجبل الأسود؛ حيث يواجه تهماً بالقتل.

عندما تم اعتقال فوكوتيتش في تركيا، كانت السلطات اليونانية تجري تحقيقات حوله بتهمة تهريب 135 كيلوجراماً من الكوكايين إلى البلاد. ويبدو أن ما كشف عنه بيكر بشأن تورط سويلو وشركائه في تجارة الكوكايين من كولومبيا، قد تطابق مع ادعاءات الصحفي سعيد صفا بأن المافيا التركية التي تدعمها حكومة أردوغان لم ترغب في وجود فوكوتيتش كلاعب في سوق الكوكايين.

 اقرأ أيضاً: منصور يافاش.. الرجل الذي يهز عرش أردوغان

نشرت صحيفة “نورديك مونيتور” موضوعاً في فبراير 2021 يصف تركيا بأنها طريق ناشئ للكوكايين يحظى بدعم مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى. وفي يوليو 2021 صادرت شرطة مكافحة المخدرات الكولومبية نحو خمسة أطنان من الكوكايين في حاويتَين كان من المفترض أن تشحنا عن طريق البحر من ميناء بوينافينتورا إلى تركيا. وبلغت قيمة المصادرات السوقية 265 مليون دولار.

وكان كارلوس هولمز تروخيو؛ وزير الدفاع الكولومبي الراحل، قد كتب على “تويتر” أن وحدة مكافحة المخدرات قد صادرت 4.9 طن من الكوكايين، وأن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الشحنة كانت متوجهة من الشواطئ الكولومبية إلى أمريكا الوسطى ثم إلى تركيا.

في مقال نُشر في يناير 2021 سمت صحيفة “نورديك مونيتور” صويلو، باعتباره زعيم مخدرات مشتبهاً به؛ وذلك لتورطه المزعوم في تجارة المخدرات، إلى جانب شركاء له مثل الجنرال عارف جيتن، رئيس قوات الجندرمة التي تسيطر على الحدود والمناطق الريفية؛ حيث تنتشر طرق تهريب المخدرات.

زعيم المافيا التركي سادات بيكر- “نورديك مونيتور”

يُعتقد أن محمد كمال آغار؛ السياسي القومي سيئ السمعة والوزير السابق، هو شخصية رئيسية أخرى في شبكة تهريب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة. ساعد آغار في عملية تطهير واسعة النطاق في الشرطة، ابتداء من عام 2014؛ لتمهيد الطريق أمام الأنشطة التجارية السرية للرئيس رجب طيب أردوغان، عندما اعترضتِ الشرطة عملية سرية خارجة عن القانون، وحققت فيها وكشفت عنها.

ووفقاً لبيكر، فإن مالك شحنة الكوكايين الكولومبية كان اليد آغار ورفاقه. ويستعمل آغار ميناء مخصصاً لليخوت في منتجع بودروم التركي، كان قد انتزعه من الملياردير الأذربيجاني مبرز مانسيموف قربان أوغلو، الذي كان يعمل معه في الماضي. وزعم بيكر أن المخدرات كانت تشحن عبر هذا الميناء المجهز لاستقبال اليخوت الكبيرة.

ميناء اليخوت الذي كان يمتلكه الملياردير الأذربيجاني مبرز مانسيموف- “نورديك مونيتور”

وزعم بيكر، في فيديو نشره على موقع “يوتيوب”، في 23 مايو 2021، أنه بعد مصادرة الكوكايين الكولومبي في العام الماضي تحول آغار ورفاقه إلى طريق جديد لتهريب الكوكايين. وقال إن إركام يلديريم، نجل رئيس الوزراء السابق بينالي يلديريم، قد سافر إلى فنزويلا لإجراء الترتيبات لنقل كوكايين من كولومبيا إلى فنزويلا ثم إلى تركيا. كما تم استخدام ميناء اللاذقية السوري لتوزيع الكوكايين إلى زبائن أثرياء في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً: ما الآثار المحلية والخارجية المدمرة للفساد التركي؟

صورة تظهر إركام يلديريم كجزء من وفد تركي رسمي في كاراكاس رغم أنه لم تكن له أية صفة رسمية.. ويعتقد أنه سافر إلى هناك لإجراء الترتيبات اللازمة لنقل الكوكايين من كولومبيا- “نورديك مونيتور”

وقد نشرت السفارة التركية في كاراكاس صوراً على موقع “تويتر” تظهر أن إركام كان جزءاً من بعثة تركية مؤلفة من برلمانيين، ومسؤولين انتخابيين، في رحلة تمت عام 2020.

ويؤكد الصحفي سعيد صفا أن الرئيس أردوغان على علم بكل هذه التفاصيل، وأن عائلته تزداد ثراءً من العمولات التي تتلقاها من أنشطة الجريمة المنظمة.

المصدر: نورديك مونيتور

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة