الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون عربية
لماذا دعمت إدارة أوباما الإخوان المسلمين إبان حكم مرسي؟
ما علاقة إيران؟

ترجمة كيو بوست –
“كيف دفعت المصالح المشتركة بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران الرئيس أوباما إلى دعم الإخوان في مصر، سعيًا لإبرام الاتفاق النووي؟ وهل كان يعلم أوباما بتفاصيل الخطط المشتركة بين محمد مرسي والخامنئي؟”، طرحت هذه التساؤلات الكاتبة الأمريكية إيرينا تسوكرمان، في مقالتها في مجلة جروزلم بوست.
اقرأ أيضًا: من فتح أبواب البيت الأبيض لجماعة الإخوان في عهد أوباما؟
أصدر معهد أبحاث “ميدل إيست فورام” الأمريكي مؤخرًا تقريرًا مثيرًا يسلط فيه الضوء على الشبكة الدولية الواسعة للمنظمات العاملة تحت مظلة “الإغاثة الإسلامية” البريطانية، وعلاقاتها الوثيقة مع الإخوان المسلمين. ويدلل التقرير على أن “الإغاثة الإسلامية” -التي أسسها هاني البنا- تعمل على نقل أموال من بريطانيا ودول أوروبية أخرى إلى منظمات شرق أوسطية متشددة وإرهابية، وكذلك إلى أشخاص يثيرون قضايا تعمل على زعزعة استقرار دول بعض المنطقة، مثل عصام الحداد مستشار السياسة الخارجية في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي. وأظهر التقرير كذلك كيف انغمست “الإغاثة الإسلامية” بشدة في الترويج للأيديولوجية الإسلاموية، فضلًا عن العمل كواجهة غربية شرعية لأجندات الإخوان المسلمين.
وخلال عمله الرسمي كمساعد للرئيس المصري إبان حكم مرسي، افتتح الحداد فرعًا لمنظمة الإغاثة الإسلامية في القاهرة، تحت رعايةٍ ودعمٍ واسعين من قبل قيادة الإخوان المسلمين. وحينها، حصل الفرع المصري على تمويل من الفرع الأم في المملكة المتحدة، كما استخدم المنظمة الأم كغطاء لتمويل عمليات الإخوان المسلمين في مصر، على شكل أنشطة خيرية مشروعة.
وكشف التقرير أن الحداد التقى بصفته الرسمية، عام 2013، برئيس العمليات العسكرية والاستخبارية السرية الإيرانية، قاسم سليماني، في القاهرة، بغرض الحصول على مشورة إيرانية حول كيفية بناء جهاز أمني استخباري خاص بحكومة مرسي، يكون مستقلًا عن جهاز المخابرات المصرية العامة. وفي الوقت نفسه، استقبلت إدارة أوباما عصام الحداد، وتبنت سياسات لصالح الإخوان المسلمين في مصر، إذ دعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون علانية إلى إطلاق سراح مرسي بعد ثورة الشعب المصري عليه. على سبيل المثال، وقّعت إدارة أوباما على قانون يجعل المساعدات لمصر مشروطة بالتقدم في مجال حقوق الإنسان، علمًا بأن المساعدات إبان حكم مرسي لم تتوقف برغم عدم تحقيق أي تقدم في هذا المجال.
ومن المثير للاهتمام أن إدارة أوباما استخدمت لغة “الإسلاميين المعتدلين” لوصف جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ولغة “الإصلاحيين المعتدلين” لوصف الرئيس حسن روحاني في إيران. حصل ذلك برغم انتهاكات حقوق الإنسان على مرأى من روحاني، وكذلك برغم قيام الإخوان بتمويل وكلاء لتنفيذ نشاطات متشددة ترتقي إلى مستوى الإرهاب.
اقرأ أيضًا: بالوثائق: كيف سمح أوباما لحزب الله بالتخلص من مأزقه؟
في الحقيقة، لم يخف مرسي صداقته الحميمة تجاه إيران، إذ تجلى ذلك خلال زيارته لطهران عام 2012، ما أشار إلى تحول جذري في السياسة المصرية آنذاك. في ذلك الحين، صدرت تقارير هامة حول قيام مرسي بتسريب أسرار الدولة إلى الحرس الثوري الإيراني، وما عزز هذه التقارير في وقت لاحق، هو الاجتماع المعمق بين الحداد وسليماني. كانت إيران مسرورة من الإخوان الذين أبدوا استعدادًا كبيرًا لتعزيز توسعها الإقليمي، برغم المنافسة الأيديولوجية بينهما في الأوقات السابقة. وهذا ليس غريبًا، فقد سبق وأن ساعدت طهران القاعدة، ووفرت لعناصرها ملاذًا آمنًا داخل الأراضي الإيرانية، كجزء من ترتيبات خاصة بينهما، بل وساعدتها في إعادة بناء نفسها.
ومن جهة أخرى، لم يكن التآخي بين مرسي وخامنئي مفاجئًا للكثيرين؛ فبرغم سياسة الإخوان في دعم الحركات الأيديولوجية التي تعكس عقيدتها الإسلاموية، إلا أن الإسلام السني الثوري يستند إلى أساليب سياسية مماثلة لنظيرتها الشيعية. إن العلاقات بين الإخوان المسلمين والشيعة الخمينيين سبقت الثورة الإسلامية؛ فقد ترجم آية الله الخامنئي اثنين من أعمال سيد قطب -أحد الأيديولوجيين الرئيسين للإخوان- إلى الفارسية. كما أن الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان صرح بأن “هنالك 3 مدارس فكرية فقط تتعلق بالصحوة الإسلامية: مدرسة حسن البنا، ومدرسة سد قطب، ومدرسة الإمام الخميني”. علاوة على ذلك، قال مستشار الخامنئي، علي أكبر ولايتي: “الإخوان المسلمون هم الأقرب إلى قلب طهران من بين جميع الحركات الإسلامية”.
إن تنسيق العمليات بين الإخوان المسلمين وإيران لم يبدأ ولم ينته بمصر من الناحية التاريخية؛ ففي التسعينيات، قدمت إيران كل الدعم لحسن الترابي، عضو جماعة الإخوان الذي ساعد في تنظيم انقلاب عسكري في السودان عام 1989. كما أن الرئيس عمر البشير، أحد قادة الانقلاب آنذاك، أبرم اتفاقات دفاع عسكرية مع قطر وتركيا، الممولين الرئيسيْن لجماعة الإخوان. كما أن قطر تتفق بشكل وثيق مع إيران، وتستضيف قادة الإخوان الروحانيين المتعاونين مع إيران. وفي عام 2016، عندما اعتدى الإيرانيون على السفارة السعودية في طهران، ظل الإخوان المسلمون صامتون، سعيًا للحصول على الرضا الإيراني. كما أن وكلاء الإخوان المسلمين المنتشرين في إفريقيا يعملون على زعزعة استقرار الحلفاء المعادين للهيمنة الإيرانية. ونظرًا لوجود أدلة على وجود صلات بين شخصيات “الإغاثة الإسلامية” ورموز السياسة في طهران، لا بد من التحقيق في قضايا النفع المتبادل بين الجانبين.
إن توقيت الأحداث هو الجانب الهام في هذه المسألة؛ ففي الوقت الذي تفاوض فيه الحداد وسليماني على إنشاء جهاز استخباري جديد يتعاون مع إيران، كانت إدارة أوباما منخرطة في مفاوضات سرية حول الصفقة النووية الإيرانية. على القارئ الذكي أن يدرك أمورًا عدة من هذا الكشف. من الواضح أن الإخوان المسلمين قدموا وعودًا لإدارة أوباما بشأن الجهاز السري المستقل، في ظل تعاون مكثف لتأسيسه بمشورة إيرانية. بقي الهدف وراء الوكالة السرية لغزًا يكتنفه الغموض، فهل تطلعت إيران إلى استخدام الوكالة داخل لمصر من أجل أنشطة إقليمية غير مشروعة؟ وما هو حجم النشاط المشترك بين وكلاء الإخوان في “الإغاثة الإسلامية” ونظرائهم في طهران؟ تقرير “ميدل إيست فورام” حول “الإغاثة الإسلامية” هو الخطوة الأولى نحو معرفة ذلك.
المصدر: صحيفة جروزلم بوست