الواجهة الرئيسيةترجمات
لماذا تواصل أشرف مروان مع الموساد؟ 3
الضابط دوبي يتحدث عن أسباب جعلت صهر عبدالناصر يتواصل مع الملحق العسكري في لندن لإبلاغه برغبته في العمل لصالح الموساد.. وكيف استمر الوضع بعد اختيار السادات رئيسًا لمصر

كيوبوست
في حوار هو الأول من نوعه، وبعد 50 عامًا على بداية التعامل بين أشرف مروان صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، ومستشار الرئيس السادات، أجرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مقابلة حصرية مع دوبي، الضابط المسؤول عن التعامل مع مروان من الموساد، على مدى 27 عامًا.. ينشر “كيوبوست” التفاصيل عبر عدة حلقات.
اقرأ أيضًا: “هل كان أشرف مروان عميلًا مزدوجًا؟”.. الضابط المسؤول عن تجنيده بالموساد يُجيب (1)
دوبي الضابط
بدأ دوبي حياته العملية عندما حصل على وظيفة في مكتب رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون؛ حيث قام بترجمة الرسائل المرسلة إليه من المواطنين العرب، وهو ما ساعده على الانضمام لاحقًا إلى “المكتب”، وهو الوصف الذي يطلقه موظفو الموساد على مكان عملهم حتى يومنا هذا. بينما تغيرت وظيفته مع انضمامه إلى الإدارة العسكرية التي حكمت بعد ذلك سكان إسرائيل العرب عام 1960، وخلال هذه الفترة خضع لدورة استخباراتية؛ حيث عُيِّن بعد ذلك في الموساد عام 1966، بالقسم المسؤول عن تجنيد وتشغيل العملاء، وخلال حرب 1967 عمل في الضفة الغربية؛ حيث كانت مهمته فحص الأفراد الموجودين والبحث عمن يمكن أن يتم تجنيده كمصادر للموساد من بين الفلسطينيين، ليحصل بعدها على دورة قصيرة في جمع المعلومات الاستخباراتية ويبدأ في العمل كضابط بلندن عام 1968 بالمكتب الخاص بالموساد هناك.
كان إنتاج المكتب في لندن ضئيلًا، كما يقول دوبي، ويؤكد أنه كان من الصعب الوصول إلى عملاء ذوي مهارات متميزة، ولم يكن هناك اهتمام كبير بالأمن في التنقل أو الاتصال؛ فكان الأفراد يتصرفون وكأنهم في تل أبيب، وهو ما يجعله لا يشك في أن البريطانيين استمعوا إليهم وتعلموا منهم كثيرًا؛ لكن في المقابل يتحدث عن ثقته في أن العمل في الوقت الحالي يسير بشكل أفضل وأكثر حذرًا.
نقطة تحوُّل
في ديسمبر 1970، حدثت نقطة التحوُّل في حياة دوبي بالصدفة؛ فخلال محادثة في أثناء وجود مسؤول الموساد بأوروبا صموئيل غوريون، في لندن، قال الملحق العسكري الإسرائيلي في لندن صموئيل إيل، إنه تلقى مكالمات هاتفية في مكتبه ومنزله من شخص يُدعى أشرف مروان، وهو ما تسبب في انفعال مسؤول الموساد عليه وسؤاله بغضب عن سبب عدم إخبارهم بهذا الأمر؛ وهو ما أرجعه الملحق العسكري إلى عدم معرفته مَن هو أشرف مروان، وحصوله طوال الوقت على مكالمات من أشخاص مختلفين.

الرسالة الأهم
قرر غوريون التحقيق في الأمر، واكتشف أن آخر رسالة من أشرف مروان بأنه سيغادر لندن في اليوم التالي، ومن هنا قرر أن لا يضيع الوقت، وتغاضي عن أمور عديدة؛ من بينها دراسة خلفية الشخص الذي سيجتمع معه، وغيرها من الاحتياطات الأمنية التي لم يقُم باتباعها. ونظرًا لانشغال باقي الضباط بمهمات أخرى، اختار غوريون دوبي ليقوم بالاتصال مع مروان، ولم يكن غوريون سعيدًا تمامًا باختياره دوبي الذي كان ضابطًا شابًّا، وعديم الخبرة؛ ولكن في نظره كانت المهمة فرصة تأتي مرة واحدة في العمر لا يجب إضاعتها، ليتم ترتيب اللقاء سريعًا، وهو ما جعله يخاطر ويرتب للقاء الأول بين مروان ودوبي في قلب لندن.
اقرأ أيضًا: الضابط المسؤول عن تجنيد أشرف مروان بالموساد يشرح تفاصيل إبلاغ خطة الحرب 2
بالحديث عن أشرف مروان وخلفيات عائلته، فوالده لواء بالجيش. صحيح أنه لم يكن من الضباط الأحرار الذين أسهموا في الإطاحة بالملك عام 1952؛ ولكنه كان قريبًا من دوائر السلطة، وبدأ العمل كضابط مهندس في الجيش الصري عام 1965، وخلال ممارسته رياضة التنس بالنادي المرموق بحي مصر الجديدة، تعرَّف على منى عبدالناصر، التي كانت بمثابة بوابة دخوله إلى الحياة السياسية والعسكرية والتجارية في مصر بعدما تزوجها عام 1966.
مشكلات عائلية وشخصية
بعد زواجه من منى عبدالناصر، زار مروان لندن عدة مرات، وكان يسهر في النوادي الليلية والكازينوهات، واقترض المال وأصبح مديونًا؛ لكن الرئيس عبدالناصر فعل كل ما بوسعه لجعله تحت المراقبة، للدرجة التي جعلت عبدالناصر يفكر في إجبار ابنته بالحصول على الطلاق، لكن دون جدوى، ووسط هذه الأجواء وقعت حرب الأيام الستة عام 1967.

كانت تلك هي الفترة التي سبقت الاجتماع في فندق لندن، واتضح في ما بعد أن مروان حاول الاتصال بإسرائيل في ربيع عام 1970، أي قبل وفاة عبدالناصر بعدة أشهر؛ حيث بادر بالاتصال بالعميد أهارون فنون، لكنه لم يتلقَّ أي رد. وعلى الرغم من خيبة أمله؛ فإنه لم يستسلم، فبعد 6 أشهر جرَّب حظَّه مرة أخرى، وهذه المرة نجح في أن يكون عميلًا للموساد الإسرائيلي.
يرجع دوبي محاولات أشرف مروان للاتصال بالملحقين العسكريين الإسرائيليين؛ لاعتقاد المصريين أنهم عملاء للموساد، بينما يؤكد أنه لم يسأل مروان قط عن دوافعه؛ لأن هذا السؤال من التساؤلات التي لا يمكن طرحها من جانبه، لكن ظلت مسألة الدوافع مصدر إزعاج للموساد في تل أبيب والمكتب المركزي في أوروبا ببروكسل، فالاستخبارات دومًا لديها تخوُّف من المتطوعين ويحذرون من التعامل معهم.
تقرُّب وغضب من السادات

في المقابل، أُعجب السادات بأشرف مروان، وجعله صديقه المقرب، وهي المكانة التي ازدادت مع محاولة عدد من رجال عبدالناصر، خلع السادات من الحكم عام 1971، فبفضل المعلومات التي أبلغها مروان للسادات بسرعة، آنذاك، منحه الرئيس المصري ثقة خاصة وجعله من مستشاريه المقربين؛ لكن هذه الثقة والقرب لم يمنعا مروان من السخرية من زوجة السادات جيهان؛ بل وقوله عدة مرات لدوبي، قبل الحرب، إن الرئيس المصري متردد ويجد صعوبة في اتخاذ القرار.
سبب آخر لغضب أشرف مروان من السادات، وهو أنه في مرحلة معينة بدأ يعطيه مهام؛ مثل مرافقة زوجته وبناته في رحلات بالقاهرة وخارجها، مثل خادم العائلة؛ وهو ما جعله يعبر عن احتياجه إلى مبالغ مالية كبيرة للاعتناء بنفسه، ولضمان سلامته أيضًا حيث تحدث مع دوبي عن أمنه الشخصي.
يتبع في الجزء الرابع