الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
لماذا تقلل إيران من شأن اغتيال إسرائيل لمسؤوليها؟

كيوبوست- ترجمات
أنشال فوهرا♦
مع تكرار الاغتيالات التي طالت العديد من العلماء والقادة العسكريين الإيرانيين، والتي يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تقف وراءها، أثار تساهل الحكومة لإيرانية تجاه هذه العمليات استغراب المراقبين، ودفعهم لتحليل أسباب وأبعاد هذا الموقف الإيراني. ومن هؤلاء الكاتبة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، أنشال فوهرا، التي حاولت في مقالٍ نشره موقع “فورين بوليسي” أن تفسر هذا الموقف.
أشارت فوهرا -في مطلع مقالها- إلى اغتيال العقيد حسن صياد خدائي، القيادي في الحرس الثوري، الذي كان الشخصية الوحيدة التي أعلنت إيران أنها تحمل إسرائيل المسؤولية عنها، على الرغم من أن مسؤولين أمنيين إيرانيين قالوا إن عمليات القتل هي جزء من حرب خفية تدور بين البلدين.
قال دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، في اتصال هاتفي مع صحيفة “فورين بوليسي”: “عادة ما لا تعترف إسرائيل بقتل الإيرانيين، ولكن عادة ما يفترض أنها مسؤولة عن عدد من عمليات القتل هذه”. وهذه هي الحال عندما تكون الشخصيات المستهدفة مرتبطة بضباط الحرس الثوري الإيراني أو العلماء الذين يقودون البرنامج النووي الإيراني.
اقرأ أيضاً: اغتيال عقيد في الحرس الثوري يفضح اختراق الجهاز الأمني في إيران
وقد صعَّدت إسرائيل، مؤخراً، حربها الصامتة مع إيران، فعلى سبيل المثال، بعد أسبوعٍ من اغتيال خدائي، أصيب أيوب انتظاري، مهندس الطيران الذي يشرف على تطوير الصواريخ، في مركز أبحاث تابع للحرس الإيراني، بمرضٍ ومات بعد فترة قصيرة، بعد عودته من دعوة عشاء، اختفى صاحبها منذ ذلك الحين.
وبعد أن وصف مسؤول إيراني انتظاري بأنه شهيد، وقال آخر عن موته إنه عملية إرهاب بيولوجي، تراجع المسؤولون في وقتٍ لاحق، وزعموا أنه لم يكن مهندس طيران، بل مجرد موظف عادي.
ويعتقد محللون أمريكيون وإسرائيليون أن موقف الحكومة الإيرانية يرجع إلى شعورها بالحرج من هذا الفشل الاستخباراتي في الحرب التي تشنها إسرائيل. وقال فرزين نديمي، الزميل المشارك في معهد واشنطن، إن الاغتيالات الأخيرة، والهجمات على البنية التحتية العسكرية الإيرانية، والهجمات الإلكترونية على المؤسسات الحكومية، أضرت بشكلٍ كبير بقدرة الردع الإيرانية، وأظهرت “تصميم إسرائيل وقدرتها على العمل بحرية في إيران”، وأثارتِ الكثير من التساؤلات حول مصداقية الإجراءات الأمنية الإيرانية.

ويرجع العديد من المحللين هذه الهجمات الإسرائيلية إلى خشية إسرائيل من أن إيران أصبحت قريبة من التوصل إلى صنع القنبلة النووية، بعد أن استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم، بعد انسحاب ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي. وكذلك لاستمرارها في بناء ترسانة من الطائرات المسيرة والصواريخ وتسليمها إلى وكلائها في المنطقة. ويخشى هؤلاء من أن يؤدي هذا التصعيد الإسرائيلي إلى مواجهةٍ مفتوحة قد تصل في ذروتها إلى حرب بين البلدين.
اقرأ أيضاً: نظرة فاحصة على رد الفعل الإيراني على مقتل سليماني
وفي وقتٍ سابق ألمح عيران ليرمان، وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن هذا التصعيد يتماشى مع سياسة إسرائيل في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لمواجهة التهديدات الإيرانية. وقال في اتصالٍ مع صحيفة “فورين بوليسي” إنه لا يؤكد مسؤولية إسرائيل عن الاغتيالات، ولا ينفيها، ولكنه أضاف “إن إسرائيل تدرك من يفعل ماذا، وتحاول إرسال رسالة إلى إيران لوقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وإلا فإن الأمور ستزداد سوءاً”.
وقال دينيس روس أيضاً: “طالما أن طهران مستمرة في نقل الأسلحة إلى الميليشيات، وفي سعيها لتعزيز نفوذها في دول المنطقة، فلن يتغير شيء يذكر، وسيكون خطر نشوب صراع واسع ماثلاً في أي وقت”. وأضاف: “من خلال مناقشاتي مع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين شعرت أنهم مستعدون لفعل المزيد إذا لم تتراجع إيران خطوة إلى الوراء”.
وفي يونيو الماضي، اعترف رئيس الوزراء المنتهية ولايته نفتالي بينيت بحدوث تحول استراتيجي في مواجهة إيران. وقال إن إسرائيل اتخذت مساراً أعلى لاحتواء التهديد الإيراني. وقال: “نحن نتخذ إجراءاتٍ في جميع الأوقات والأماكن، وسنواصل القيام بذلك”.

ترى كاتبة المقال أنه إذا كان هنالك المزيد من التصعيد، فإن إيران -التي عينت مؤخراً قائداً جديداً لجهاز المخابرات في الحرس الثوري الإيراني دون إبداء سبب رسمي للتغيير- من المرجح أنها ستلجأ إلى عملياتٍ لا ترقى إلى مستوى الحرب، ولكنها تضر بالأمن الإسرائيلي والإقليمي والعالمي.
فهي يمكن، على سبيل المثال، أن تهدد الملاحة في مضيق هرمز الاستراتيجي -الذي يمر عبره حوالي خمس النفط العالمي- مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعر النفط المرتفعة أصلاً، وإلى تعطيل سلاسل التوريد حول العالم. وتقول فوهرا إن إسرائيل ترى أن أية عمليات من شأنها أن تؤخر خطط إيران، وتزيد من تكاليفها، وتكشف نقاط ضعف حكومتها أمام شعبها، هي إجراءات تستحق المخاطرة.
وتشير فوهرا -في ختام مقالها- إلى أن توسع تكتيكات الحرب السرية، وألعاب التجسس بين إيران وإسرائيل، سوف يستمر.
♦كاتبة عمود في “فورين بوليسي”، ومراسلة تلفزيونية مستقلة، ومعلقة في شؤون الشرق الأوسط، مقيمة في بيروت.
المصدر: فورين بوليسي