الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

لماذا تفشل استراتيجية باكستان في مكافحة الإرهاب؟

تفجير مسجد بيشاور يفتح باب التساؤلات حول مكامن الضعف التي يستغلها الإرهابيون لاختراق نقاط الأمن الباكستانية

كيوبوست

لا تزال تداعيات التفجير الانتحاري الذي وقع بمسجد بيشاور في باكستان تتواصل، مع تزايد أعداد الضحايا، حيث أسفر الحادث عن مقتل أكثر من 100 شخص، وإصابة العشرات، فيما تباشر السلطات الباكستانية التحقيق في الحادث الذي شكل اختراقاً لأحد التمركزات الأمنية الرئيسية.

وبينما توجهت أصابع الاتهام لحركة طالبان باكستان، ودعمها تصريحات لسربكاف مهمند أحد قادة الحركة بالمسؤولية عن التفجير، فإن المتحدث باسم الحركة محمد خراساني نفى مسؤوليتهم عن التفجير، مؤكداً أن استهداف المساجد والمدارس الدينية أو أي أماكن دينية ليس في سياستهم، ومن يشارك في مثل هذه الهجمات من الحركة يواجه عقوبات.

ندَّدت العديد من دول العالم بالحادث

وندَّدت العديد من دول العالم من بينها الإمارات، مصر، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأمم المتحدة بالتفجير الإرهابي، والذي يعتبر واحداً من أكبر الهجمات الإرهابية في التاريخ الحديث، والتي تستهدف المساجد، فيما فرضت السلطات طوقاً أمنياً على المسجد مع تواصل عمليات الإنقاذ.

وبينما لا تزال فرق الإغاثة تقوم بالعمل في موقع التفجير، وصف رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف الانفجار بأنه يرقى إلى “هجوم على باكستان”، بعد تفقده الدمار الهائل الذي خلفه التفجير الانتحاري، بينما لم يكشف بعد عن كيفية دخول الانتحاري للمسجد داخل المنطقة الأمنية.

اقرأ أيضًا: آفاق التعاون الأمريكي الباكستاني في مواجهة طالبان باكستان

قوة طالبان

د.حسن عباس

يفسر الحادث كيفية استعادة حركة طالبان باكستان قوتها، بحسب د.حسن عباس؛ أستاذ العلاقات الدولية في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن هذه القوة تأتي بعد سيطرة طالبان أفغانستان على السلطة، مشيراً إلى أن فشل المفاوضات بين طالبان والحكومة الباكستانية عدة مرات مؤخراً يظهر أيضاً منطلق القوة الذي باتت تتحدث منه الحركة.

كانت حركة طالبان باكستان قد أعلنت في 28 نوفمبر الماضي إلغاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في يونيو الماضي مع الحكومة، على خلفية زعم الحركة بأن المخابرات الباكستانية نفذت عملية اغتيال عمر خراساني، أحد قادة الحركة في أغسطس الماضي، في وقتٍ تبنت فيه الحركة استهدافاتٍ محدودة لرجال الأمن الباكستانيين منذ إعلان إلغاء الاتفاق.

ويبدو أن الحادث يحمل ثلاث رسائل واضحة المعنى، بحسب الكاتب والمحلل الإماراتي محمد خلفان الصوافي الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن العملية استهدفت الأجهزة الأمنية وحكومة شهباز شريف تحديداً، كون الانفجار وقع في مقر لمكافحة الإرهاب، فيما جاء اختيار مدينة بيشاور القريبة من أفغانستان، لتدل على استقواء طالبان باكستان، بعد عودة طالبان أفغانستان إلى الحكم، مشيراً إلى أنه حتى لو نفَت حركة طالبان باكستان دورها في العملية، فإن هذا لا يعفيها من أنها واحدة من التنظيمات التي قامت بمثل هذه العمليات، خاصة وأن هناك بعض أعضاء طالبان عادوا إلى بيشاور بعد سماح الحكومة الباكستانية السابقة لهم.

 اقرأ أيضًا: العلاقات الباكستانية الخليجية… نظرة تحليلية

محمد خلفان الصوافي

وأضاف أن الحادث يهدف إلى التأكيد على أن الأمن الباكستاني ضعيف، وليس لديه القدرة على مواجهة الإرهاب، وكذلك لفت الانتباه إلى أن هذا الجهاز مخترق، لأن التساؤل الرئيسي هو كيف استطاع الانتحاري الدخول إلى هذا المكان، والتواجد في المسجد وفي الصفوف الأمامية من المصلين وتنفيذ عمليته.

تصاعد الإرهاب

وتعيش باكستان حالة من التوتر الأمني منذ شهور على خلفية هجماتٍ إرهابية محدودة، من بينها هجوم انتحاري شهدته إسلام أباد، وسط مخاطر عديدة تواجه سلطات الأمن سواء من حركة طالبان باكستان، أو تنظيم “داعش خراسان” المتواجد شمال غربي البلاد، وحتى الانفصاليين بإقليم بلوشستان، في وقتٍ ذكرت فيه تقارير إعلامية أن هذه الجماعات ربما تتعاون مع بعضها البعض لتنفيذ هجماتٍ إرهابية مشتركة.

تعيش باكستان حالة من التوتر الأمني منذ شهور

ووفق دراسة أعدها المعهد الباكستاني لدراسات الصراع والأمن، ومقره إسلام أباد، فإن العام الذي سيطرت فيه طالبان على السلطة في أفغانستان، شهد ارتفاع عدد الهجمات الإرهابية في باكستان بنسبة 51%، بوقتٍ تتصدر فيه حركة طالبان قائمة الجماعات الإرهابية الأكثر دموية في البلاد.

وقال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إن الاستراتيجية الباكستانية بشأن مكافحة الإرهاب تواجه خللاً أدى لزيادة العمليات الإرهابية مؤخراً، منتقداً إلغاء اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة وحركة طالبان بالإضافة إلى الجمود في التعامل مع ملف المناطق القبلية.

وأضاف أنه بالرغم من وجود جهود لدحر الإرهاب فإن ثمة قصوراً في الاستراتيجية المتبعة، في مقدمتها الاعتقال المؤقت لرجال الدين غير البارزين ممن يروجون لخطاب الكراهية والتطرف، بالإضافة إلى استمرار تواجد عناصر التنظيمات الإرهابية عبر منصات التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب، مشيراً إلى أهمية مواصلة المواجهة الفكرية إلى جانب المواجهة الأمنية والعسكرية للحد من النشاط الإرهابي ووقف زحف الفكر المتطرف للعقول.

تزامن التفجير مع التحضير للانتخابات المحلية

 

إرجاء للانتخابات

عدنان عامر

وتزامن التفجير مع التحضير للانتخابات المحلية بإقليم خيبر بختونخوا، بحسب الصحافي والمحلل الباكستاني عدنان عامر الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن ضخامة الحادث ستدفع لمزيدٍ من الدعم الشعبي لتأجيل الانتخابات في هذه المنطقة لأسبابٍ أمنية، وهو الأمر المرجح الإعلان عنه خلال الساعات المقبلة.

يؤكد حسن عباس أن باكستان تدفع ثمن ضعف تدريب أجهزة الشرطة والاستثمار في هذا الأمر، خاصة فيما يتعلق بتوفير البنية التحتية، الأمر الذي يحد من قدرتها على مكافحة الإرهاب بشكل ٍفعال.

لا يتوقع عدنان عامر أن تقوم الحكومة الباكستانية بإجراء ملموس في أعقاب الانفجار، باستثناء إصدار بيانات شجب وإدانة فيما يتعلق بالإرهاب، مشيراً إلى أهمية أن تكون هناك تحركات على الأرض من أجل مكافحة الإرهاب والتعامل مع القضية بشكل ٍسريع وفعال خلال الأيام المقبلة.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة