الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

لماذا تثير البيانات المائية أزمة بين مصر والسودان وإثيوبيا؟

تؤكد دراسة علمية أجراها د.هشام الدرديري أن تبادل البيانات بين الدول الثلاث سيشكل صمام أمان من مواجهة أي مخاطر مستقبلية

كيوبوست

قدم الدكتور هشام الدرديري، الباحث بجامعة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، دراسة علمية استخدم فيها البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية عن نهر النيل؛ لدراسة الاحتمالات الخاصة بالأضرار على مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يثير خلافاً حاداً بين الدول الثلاث، وصل ذروته بعد 10 سنوات من التفاوض.

اقرأ أيضًا:سد النهضة.. عودة السجال وتصاعد لغة الحوار مجدداً

تقدم الدراسة، كما يتحدث الدكتور هشام الدرديري، في مقابلة خاصة مع “كيوبوست”، بيانات عديدة وتصورات عن تأثير السد على الحياة في الدول الثلاث، بالإضافة إلى ما يحدث على أرض الواقع في ضوء ما يتوافر لاحقاً من بيانات ومعلومات يتم الإعلان عنها، ووضعت الدراسة تصورات لثلاثة أمور ضمن محاولة الوصول إلى نتائج معتمدة على تفاوت كميات الأمطار كل عام، والتي تتراوح بين سنوات الجفاف وسنوات الأمطار الغزيرة، وكذلك الوضع في حال ما إذا كانت الأمطار متوسطة كل عام.

السد العالي

تأثيرات سلبية

كما تظهر السيناريوهات الموجودة في الدراسة أن ملء بحيرة سد النهضة في عامَين، وهو أمر لم يعد ممكناً لبدء الملء الأول الصيف الماضي،كان سيؤدي إلى حرمان مصر من 80% من حصتها في مياه النيل، بينما يؤدي الملء على أكثر من 7 سنوات إلى تقليل بشكل كبير في التأثيرات السلبية على إدارة المياه في مصر.

جانب من سد النهضة الإثيوبي
هشام الدرديري

يقول الدرديري إن الدراسة خلصت إلى نتيجة مهمة مرتبطة بأداء تشغيل السد العالي وتأثره، مفادها أن طول فترة سنوات ملء بحيرة خزان سد النهضة سيؤدي إلى تقليص السنوات اللازمة لاستعادة السد العالي في مصر العمل بطاقته الاعتيادية، وأنه كلما قلت سنوات الملء زادت السنوات اللازمة لاستعادة السد العالي قدرته على التشغيل بشكل طبيعي، مع تأكيد ضرورة تغيير آلية العمل بالسد العالي وَفق الأوضاع الجديدة التي فرضها سد النهضة.

حسب البيانات المتوفرة في الدراسة من الأقمار الصناعية، فإن التخزين في بحيرة السد العالي قد زاد خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذه الزيادة قد تساعد في استعداد مصر لعملية بدء التخزين في بحيرة سد النهضة خلال السنوات المقبلة، في وقت يفترض فيه أن يكون تبادل المعلومات بين البلدَين هو حجر الأساس بالنسبة إلى البلدان الثلاثة؛ لتجنب أي أضرار يمكن أن تحدث.

سد النهضة

يقول هشام الدرديري إنه طبقاً لبيانات الأقمار الصناعية، فإنه منذ عام 1994 لم يقل منسوب المياه المخزنة في السد العالي عن 169 متراً، وفي المتوسط يكون منسوب المياه عادة متراوحاً ما بين 173 و178 متراً، ويصل في حده الأقصى إلى 182 متراً، علماً بأن ارتفاع السد يصل إلى 196 متراً.

يشرح الدرديري هذه المساحة، قائلاً: “تنقسم المساحة الخاصة بتخزين المياه في السد العالي إلى مساحة تُسمى التخزين الميت؛ والتي تكون فيها المياه حتى حاجز 147 متراً، وهذه المساحة لا تضم مياهاً فقط؛ ولكن تضم أيضاً كميات متراكمة من الطمي الذي يصل مع مياه الفيضان، أما باقي المساحة فهي المساحة الخاصة بكميات المياه المخزنة للاستخدام في السنوات الجافة، ويتم التحكم في كميات التصريف من جانب مصر وَفق معايير عدة”.

السد العالي بمدينة أسوان في مصر

تعاون لازم

تشير الدراسة إلى أن تشغيل سد النهضة بكامل طاقته بعد تخزين كميات المياه اللازمة في البحيرة، حسب سعتها، سوف تقل تأثيراته على دولتَي المصب في حالة التعاون وتبادل البيانات اللازمة بين البلدان الثلاثة؛ خصوصاً في حالة سنوات الجفاف، حيث سيتسبب السد في تنظيم المياه الخارجة إلى دولتَي المصب، فبدلاً من وصول معظم مياه موسم الفيضان إلى مصر والسودان في شهور الصيف، سيتم تقليل المياه في شهور الصيف وتعويضها لاحقاً في غير شهور الفيضان كشهرَي ديسمبر ويناير؛ والذي سيكون له انعكاسات على مواعيد الري ووصول الفيضان في مصر والسودان.

رسم بياني يوضح التصرف الداخل والخارج من السد ويبين التنظيم المتوقع في المياه التي سوف تصل إلى دولتَي المصب

يؤكد هشام الدرديري أن السد العالي قد يضطر إلى تأخير عملية التصريف للمياه الموجودة في البحيرة؛ بحيث لا يمكنه تصريف المياه في المواعيد الصيفية المعتادة منذ إنشائه في السبعينيات، للحفاظ على المناسيب المطلوبة لتوليد الكهرباء، والتي تتطلب الحفاظ على كميات المياه الموجودة في البحيرة، لافتاً إلى أن تصريف وتخزين المياه خلف السد العالي لا بد أن يتم تحديدهما بناءً على مواعيد فتح البوابات من بحيرة خزان سد النهضة قبل موسم الفيضان، مؤكداً أن تبادل البيانات حول كميات المياه أمر لا مفر منه.

اقرأ أيضًا: القصة الكاملة لسد النهضة: هل تسيطر إثيوبيا على نهر النيل؟

وأضاف الدرديري أن الموقف بالنسبة إلى السودان أصعب من مصر؛ فدورة وصول المياه من إثيوبيا إلى الأراضي المصرية تستغرق أكثر من أسبوع، وهي فترة زمنية يمكن استخدام الأقمار الصناعية للتعرف على كميات المياه المتدفقة؛ بحيث يُسمح بتصريف كميات من بحيرة السد العالي، وبالتالي استقبال الكميات الجديدة؛ لكن بالنسبة إلى الخرطوم يكون الوضع مختلفاً، لا سيما في ما يتعلق بسد الرصيرص الذي يمكن أن يتعرض إلى الانهيار إذا تدفقت كميات كبيرة من المياه دون استعداد مسبق؛ الأمر الذي يعني أن تبادل المعلومات سيكون عامل أمان للبلدان الثلاثة.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة