الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
لماذا انزعج الإسلاميون من زيارة قيس سعيد إلى مصر؟
مواقف بعض قيادات حركة النهضة تعكس العداوة التقليدية التي يكنها الإسلاميون للسيسي بعد أن أطاح بحكم الإخوان المسلمين في مصر

تونس – فاطمة بدري
أنهى الرئيس التونسي قيس سعيّد، مؤخراً، زيارة إلى مصر دامت ثلاثة أيام، هي الأولى له لهذا البلد منذ توليه منصبه في أكتوبر 2019، والثانية لرئيس تونسي منذ ست سنوات. زيارة أشاد بها كثيرون؛ لأنها أخرجت الرئيس التونسي من لعبة المحاور الإقليمية التي تدفع إليها أطراف داخلية وانفتاحه على الجميع، وأغضبت الإسلاميين داخل تونس وحتى خارجها.
وجاءت زيارة الرئيس التونسي إلى القاهرة في ظل وضع إقليمي غير مستقر، تتصدره الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا؛ لا سيما عقب الاتفاق الأخير بين الفرقاء في هذا البلد، فضلاً عن الجولة الدبلوماسية الجديدة التي تخوضها مصر لدعم موقفها في قضية سد النهضة مع إثيوبيا.
وتعتبر مصر والسودان (دولتا مصب) أن بناء إثيوبيا (دولة منبع) لسد النهضة على نهر النيل تهديداً لإمدادات المياه الخاصة بهما. ولم تنجح المحادثات بين وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان، التي احتضنتها مؤخراً جمهورية الكونغو الديمقراطية، في التوصل إلى حل لهذه الأزمة.

غضب الإسلاميين
وتأمل مصر أن تتولى تونس، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن الدولي حالياً، طرح ملف المياه على المجلس؛ لا سيما بعد تصريحات الرئيس التونسي خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه، السبت، مع نظيره المصري، التي أوضحت وجود تفاهمات بين الرجلَين حول هذا الملف.
وقال الرئيس سعيّد، خلال المؤتمر الصحفي: “بالنسبة إلى التوزيع العادل للمياه، أقولها وأكررها أمام العالم كله، نحن نبحث عن حلول عادلة؛ ولكن الأمن القومي لمصر هو أمننا وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا، ولن نقبل أبداً بأن يتم المساس بالأمن المائي لمصر”.
اقرأ أيضًا: بعد جلسات مصر والمغرب وتونس.. هل ثمة دور للجزائر في ليبيا؟
وتحدثت بعض التقارير عن أن قمة الرئيسَين تطرقت إلى عدة ملفات لم يتم الإعلان عنها؛ من بينها التوافق على ضرورة إنهاء الوجود العسكري التركي في ليبيا.
هذه الزيارة، بكل ما تضمنته من فقرات، أثارت حفيظة الإسلاميين في تونس، والذين سارعوا بشن هجوم كبير على سعيّد على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بهدف التشويش على زيارته.

وقاد هذه الحملة الرئيس التونسي الأسبق، محمد المنصف المرزوقي؛ حيث بادر بنشر تدوينة عبر صفحته على “فيسبوك”، في يوم سفر سعيّد، تبرأ فيها من الزيارة، وقدم اعتذاره إلى الرئيس الإسلامي المصري الراحل محمد مرسي.
واعتبر أن سعيّد لم يعد يمثله بعد أن أجرى هذه الزيارة إلى القاهرة، وأنه “لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول إلى السلطة، ولا يمثل استقلال تونس، ووحدة دولتها ومصالحها وقيمها، والأهم من هذا كله شرفها الذي هو أغلى ما يملكه إنسان أو شعب”.
أما حركة النهضة الإسلامية فهي لم تعلق رسمياً على الزيارة؛ لكن عبَّر بعض قادتها وحلفائها عن غضبهم، كما أطلقت العنان لـ”ذبابها الأزرق” ليتولى مهمة الهجوم على سعيّد وتخوينه.
اقرأ أيضًا: قيادي منشق لـ”كيوبوست”: الجهاز العسكري السري لحركة النهضة لا يزال ناشطاً
وفي تدوينة فيسبوكية نشرها رفيق عبدالسلام، القيادي بحركة النهضة، وصهر رئيسها راشد الغنوشي، قال: إن قيس سعيّد سيعود من زيارته إلى مصر بترتيبات أمنية وأجندات استخباراتية لضرب الديمقراطية لا غير.
ويرى المحلل السياسي باسل ترجمان، أن مرد هذه المواقف هو انزعاج وخوف الإسلاميين من التقارب الرسمي التونسي- المصري؛ لا سيما في ظل تمسك الرئيس التونسي بموقفه الرافض لمهادنتهم.

ويقول ترجمان لـ”كيوبوست”: إن مواقف بعض قيادات حركة النهضة والمرزوقي ليست جديدة ولا غريبة؛ فهي تعكس العداوة التقليدية التي يكنها الإسلاميون للسيسي، بعد أن أطاح بحكم الإخوان المسلمين في مصر وحيلولته دون إنجاح مشروع الجماعة في بلد بحجم مصر.
وختم ترجمان كلامه مشيراً إلى أن “النهضة” تسعى للتقليل من شأن الزيارة وما سيتمخض عنها؛ لكنها لن تنجح، لسببين: أولهما أن الرئيس التونسي كان مدركاً هذا السيناريو، فلم يعلن عن الزيارة إلا متأخراً وقطع الطريق أمامهم للبدء مبكراً في حملة التشويه. وثانيهما، وجود دعم شعبي كبير للخطوة التي قام بها سعيّد؛ لا سيما أنها أعطت مؤشرات عن بدء خروج الدبلوماسية التونسية من جمودها وتوجهها للانفتاح أكثر على محيطها بعيداً عن توجيهات حركة النهضة وحلفائها.