الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

لماذا ارتفع مستوى غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في المغرب؟

جائحة كورونا أسهمت في ارتفاع حالات غسيل الأموال.. والدولة المغربية تحث الخطى في مكافحتها

المغرب- حسن الأشرف

يعزو محللون مغاربة ارتفاع حالات الاشتباه في أنشطة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب إلى تداعيات جائحة كورونا؛ ولكن بالخصوص إلى اليقظة الأمنية والتدابير والإجراءات التي اتخذتها رئاسة النيابة العامة التي ضُبط بفضلها العديد من الجرائم المالية وتبييض الأموال في المغرب.

وشهدت البلاغات بحالات الاشتباه في أنشطة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في المغرب، ارتفاعاً بشكل لافت، وَفق التقرير السنوي للهيئة الوطنية للمعلومات المالية لسنة 2020؛ وذلك بنسبة 23 في المئة مقارنةً مع سنة 2019.

وسبق للبرلمان المغربي أن صادق على قانون يروم محاربة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مع رفع العقوبات ضد الأفراد في جريمة غسيل الأموال، وَفق ما ينص عليه الفصل 574 من القانون الجنائي، اتساقاً مع المعايير الدولية التي توصي بتشديد العقوبات ضد هذا الصنف من الجرائم.

جائحة كورونا أسهمت في ارتفاع حالات غسيل الأموال

تداعيات جائحة كورونا

الباحث في الاقتصاد السياسي عبدالإله الخضري، يقول في هذا الصدد: “إن مرد ارتفاع نسبة حالات الاشتباه في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يعود بالدرجة الأولى إلى تداعيات الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد؛ حيث ارتفعت وتيرة وعدد حالات الاشتباه في عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب خلال فترة الجائحة”.

اقرأ أيضاً: على ماذا تقوم الاستراتيجية المغربية لمحاربة التطرف والإرهاب؟

ويشرح الخضري، في حديث مع “كيوبوست”، أن “عصابات النصب والاحتيال الرقمي عمدت إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للإيقاع بالأفراد من خلال إيهامهم بإمكانية الحصول على تسهيلات وقروض مقابل رسوم أو فوائد بسيطة، إلى جانب رصد زيادة في عمليات الاحتيال المالي الإلكتروني من خلال عمليات القرصنة للبيانات الشخصية عبر الهاتف المحمول، والدخول إلى منصات تسوق إلكترونية غير موثوقة، كما ارتفعت جرائم الاختراق الإلكتروني للبطاقات الائتمانية”.

واستطرد الباحث ذاته بأن ارتفاع مستوى وعي وإدراك الشركات والمؤسسات البنكية والأجهزة الأمنية بالمخاطر المحدقة بالمعاملات المالية الرقمية، واكبه ارتفاع في وتيرة الإبلاغ عن حالات مشابهة، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات تقديم البلاغات، مورداً أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وهي الذراع الوطنية الموازية لمجموعة العمل المالي الدولية، ومقرها بباريس، سبق أن أجرت تقييماً شاملاً لمنظومة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، من أجل جرد مختلف المخاطر المحتملة وسبل الحد منها.

عبدالإله الخضري

اقرأ أيضاً: 84 دولة تتوعد من المغرب بتفكيك شبكات تنظيم “داعش” الإرهابي؟

وخلص الباحث ذاته إلى أنه “أمام المغرب جهود كبيرة من أجل تطوير منظومة الرقابة على المعاملات المالية الرقمية، على نحو يؤمن حقوق المواطنين في التحويلات المالية، في احترام للقانون، مع الضرب بيد من حديد على يد عصابات غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب”، على حد تعبيره.

متطرفون يستغلون ثغرات قانونية

ومن جانبه، أفاد الباحث المغربي سعيد لكحل، أن المغرب تعرض إلى انتقادات كثيرة من طرف هيئات دولية؛ من ضمنها “مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط” التي صنفته في اللائحة الرمادية للدول التي تعاني أوجه قصور استراتيجية في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

سعيد الكحل

ولفت لكحل، ضمن حديث مع “كيوبوست”، إلى أن القانون الجنائي المغربي كان يعاني قصوراً كبيراً في محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؛ الأمر الذي كان يستغله أباطرة المخدرات والاتجار بالبشر والسلاح والمتطرفون في غسيل الأموال؛ خصوصاً بعد تشديد القوانين في الدول الأوروبية.

واسترسل المتحدث بأن “اليقظة الأمنية والتدابير والإجراءات التي اتخذتها رئاسة النيابة العامة في المغرب على ضوء تقارير مجموعة العمل، أسهمت في الارتفاع الكبير لقضايا الجرائم المالية وتبييض الأموال منذ 2020 التي عرفت ارتفاعاً بنسبة 100%؛ لتصل إلى 1486 قضية بعدما كانت لا تتجاوز 700 قضية سنة 2019”.

اقرأ أيضاً: المغرب والإرهاب في الساحل الإفريقي.. مخاطر وأدوار أمنية واستراتيجية

ويكمل لكحل بأن “القانون الجديد الذي تم إصداره في فبراير الماضي، يتدارك عدداً من النواقص التي كانت تُستغل في جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؛ بحيث بات عدد من المهنيين ملزمين بالتبليغ عن الأعمال المشبوهة، كما مكنت من مصادرة الأموال التي تم تحصيلها بطرق غير مشروعة”، مورداً أن “عميلة الرصد والمراقبة والتعقب لم تعد فقط من مسؤولية وزارة المالية؛ بل اتسعت لتنخرط فيها قطاعات أخرى، مثل وزارة السكنى التي باتت تراقب الوكلاء العقاريين، باعتبار أن هذا القطاع يضم نسبة مهمة من عمليات تبييض الأموال، بالإضافة إلى قطاع تجارة المعادن العادية والنفيسة والأعمال الفنية”.

جهود كبيرة من أجل تطوير منظومة الرقابة على المعاملات المالية الرقمية

وخلص المتحدث إلى أن المجرمين والمتطرفين استغلوا ظروف الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا؛ لتوسيع نشاطهم عبر إرسال الأموال من خلال الوكالات المختصة في توفير خدمات الدفع وتحويل الأموال، التي احتلت قائمة المصرحين بالاشتباه في حالات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

حسن الأشرف

صحفي مغربي

مقالات ذات صلة